الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفلسطينيون الامريكيون قوة تأثير واداة تغيير

نشر بتاريخ: 13/08/2018 ( آخر تحديث: 13/08/2018 الساعة: 11:59 )

الكاتب: عبد الكريم ابو عرقوب

في سابقة هي الاولى، اصبحت رشيدة طليب المحامية الامريكية من اصول فلسطينية عضوا في الكونغرس الامريكي كأول فلسطينية وعربية ومسلمة تصل الى هذا الموقع، وهذا مؤشر وبصيص امل بامكانية التأثير والتغيير في الساحة الامريكية على مستوى الشعبي، والذي سينعكس آجلا ام عاجلا على دوائر صنع القرار الامريكية.
لم يكن لرشيدة ان تحقق هذا الفوز لولا تضافر الجهود الصادقة معها والدعم والاسناد الذي قدمه متطوعون من الفلسطينيين والعرب وانصار العدل والسلام الامريكيين، ولولا العمل الدؤوب الذي قادته نخبة من الشباب لكسر الاحتكار الصهيوني للساحة السياسية الامريكية، وحشد الدعم المالي الذي تجاوز 1.3 مليون دولار لحملتها الانتخابية بعيدا عن التمويل الحزبي، والبناء على ما حققه نشطاء فلسطينيون مناصرون للحقوق المدنية والمساواة ونبذ العنف على خلفية العرق او جنس على مدى سنوات طويلة من العمل في الساحة الامريكية.
لقد استطاع جيل الشباب الفلسطيني الامريكي المتعلم والمثقف والمؤمن بقضيته الام فلسطين، ان يواجه الدعايات المضللة والمجموعات العنصرية والاجراءات القمعية داخل الولايات المتحدة وخارجها، وخاصة في الجامعات الامريكية التي شهدت تحولا كبيرا بين طلبتها في تأييد الحقوق الفلسطينية، بعدما اصبحت تعج بآلاف الاكاديميين الفلسطينيين الذين يحملون الشهادات العليا في مختلف العلوم ومن الطلبة الذين استطاعوا مواجهة آلة الكذب التي غيبت الحقيقة عن الجمهور الامريكي لعقود طويلة من الزمن، ليصبح صوتهم مسموعا ويحظى بتأييد من قبل قطاعات واسعة من الامريكيين الاسبان والمسلمين والعرب وحتى العديد من يهود الولايات المتحدة، وهذا انعكاس لأنشطة حركة مقاطعة اسرائيل (بي دي اس) التي لاقت قبولا واسعا وتأييدا كبيرا في الاوساط الامريكية من جهة، واغضبت انصار الاحتلال الاسرائيلي الذين طالبوا بسن قوانين تمنع نشاطها في الولايات المتحدة وتضفي عليها صفة "الارهابية".
فبرز من الشباب الفلسطيني العديد من القادة ورؤساء المؤسسات الاجتماعية والخيرية في الولايات المتحدة لمناصرة المقهورين والمحتاجين والفقراء والمهددين بالطرد والتشريد كمؤسسة "كير" التي خرجت منها الناشطة الفلسطينية ليندا صرصور لتصبح قبلة المضطهدين وتحظى بشعبية عارمة من قبل الفقراء والذين يعانون اشكالا مختلفة من التمييز، بعدما قادت مئات الاف الامريكيين في مظاهرات ضد سياسة الحكومة واجراءات الشرطة وانتهاك الحقوق المدنية، واصبحت الوجه الابرز في وسائل الاعلام الامريكية المدافع عن العدالة والمساواة، دون خوف مما تتعرض له من تهديدات بالقتل واتهامها بدعم "الارهاب" في محاولة للنيل من قوة تأثيرها، ليضاف ذلك الجهد الى ما بذله رواد العمل الثقافي والسياسي والعلمي امثال البروفيسور ادوارد سعيد والبروفيسور ابراهيم ابو لغد ودي جي خالد ومن سبقوهم من العلماء امثال علي ومنير نايفة، وغيرهم ممن حققوا شهرة عالمية في مختلف المجالات.
لقد نشرت العديد من وسائل الاعلام تقارير مطولة ومقابلات اكدت ان مؤيدي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين اخذ يتراجع على المستوى الشعبي، وخاصة في صفوف طلبة الجامعات، بفعل العمل الميداني على الارض وانسجامه مع الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية والحراك الدبلوماسي الذي حظي بتأييد دولي كبير لإعلان دولة فلسطين عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقوف 138 دولة في العالم ضد قرار ترامب نقل السفارة الامريكية الى القدس رغم تهديدات نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمعاقبة الدول التي ستصوت ضد الموقف الامريكي، لتسمع اجابة العالم مباشرة دون تأجيل او تأويل بأن الدول والشعوب ليست للبيع.
ان وجود اكثر من 300 الف فلسطيني في الولايات المتحدة منخرطون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والرياضية والثقافية والاجتماعية والتفافهم حول الهدف الاسمى للكل الفلسطيني وقضايا العدل والسلام الدوليين، يجعل منهم قوة ذات تأثير كبير على صناع القرار الامريكي خاصة اذا ما حظوا بدعم ومساندة الجاليات العربية الشقيقة والصديقة ومسلمي الولايات المتحدة والمستضعفين فيها، لكن ذلك يتطلب البناء على ما تحقق من انجازات والتمسك بما يجمع عليه الفلسطينيون ونبذ الخلافات التي تفرق صفوفهم وتفتت جهودهم، ونحن نؤمن بأن الادارات الامريكية التي احتضنت الاحتلال ووقفت الى جانبه ضد الحقوق الفلسطينية والعربية ووفرت له الدعم السياسي والمادي والعسكري ستتراجع امام قوة الحق وارادة شعب لم يحد عن اهدافه او يتخلى عن حقوقه منذ قرن من الزمن، وأن ادارة ترامب وغيرها ليست قدرا على الفلسطينيين لا يمكن مواجهته او التأثير فيه او تغييره.