الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

للإنتصار لغته

نشر بتاريخ: 18/08/2018 ( آخر تحديث: 18/08/2018 الساعة: 15:34 )

الكاتب: ياسر المصري

يأتي خطاب الأمين العام لحزب الله في الذكرى الثانية عشر لإنتصار تموز من العام 2006 على دولة الإحتلال ، حاملا هذا الخطاب ومحمولا على دلالات وإعتبارات القوة والإنتصار ، وقد قام هذا الخطاب على إعلانات مهمة وهامة على صعيد القراءة للمستقبل والوقوف عند الواقع ، بكل أبعاد هذا الواقع صاحبة الدلالة والقياس والعبر ، فالإعلان الأول تمثل بأن حزب الله اليوم بعد اثنى عشر عاما على آخر انتصار حققه على جيش دولة الإحتلال، باتت لديه القوة العسكرية القتالية الكفيلة بالتفوق على الجيش الإسرائيلي، فالحداثة والتفوق لدى الجيش الأخير لم تعد حكرا لحساب قوته وقدراته وإمكانياته ، والواقع الذي يترجم نفسه بعد تحقيق الإنتصار في سوريا ، فإن حزب الله يرسم عناصر قوته واقعا عمليا بما يضمن تحقيق الحاجة من تكبيد الجيش الإسرائيلي للخسائر والهزائم في أية مواجهة قادمة ومحتملة ، ضامنا هذا الحزب من القدرة والإمكانيات وما يلزم لتحقيق التفوق المطلوب على الجيش الذي زعم وشكل لفترة طويلة ، مقولة ومعنى الجيش الذي لا يهزم.
والإعلان الثاني والذي لا يقل أهمية من حيث الواقع والتبعيات ، أن سوريا العربية قد إنتصرت وانتزعت نصرها وهي عائدة كدولة ذات حضور ووجود ودور بما يمثله ذلك من لقاء في المصالح ومواجهة المخاطر في أسس بنائها لتحالفاتها القائمة والمستقبلية ، وأن الأساس في صياغة هذه التحالفات هو الذي ساهم في تحقيق هذا الإنتصار والعودة لسوريا معافاة من الإنكسار والتبعية لدولة الإحتلال ، وإن المهزومين أمام هذا الإنتصار كانت في مقدمتهم إسرائيل ، التي شاركت قدمت كل ما إستطاعت لصالح إنهاك وتدمير الدولة السورية وإستبدال شكلها ودورها ونظامها ومكانتها كدولة ذات علاقة وتأثير في مساحات الصراع على النفوذ في الإقليم ، وإن ثاني المهزومين من الإنتصار في سوريا بعض الأقطار العربية التي قدمت المال والسلاح في سبيل تحقيق أهداف تتلاقى مع أهداف ومصالح دولة الإحتلال من الحرب في سوريا ، وبالنتائج الحاملة لمعنى وقيمة هذا الإنتصار فإن دولة الإحتلال مرتبكة وحلفائها العرب في حالة خسارة مستمرة ، ويتراجعوا في الدور والتأثير على صعيد الساحات التي أثروا سابقا بها ويحاولوا أن يؤثروا فيها هذه الأيام .
والإعلان الثالث أن هناك وعد يتقاسم الحقائق يقوم على أساس القياس ، فحين شنت دولة الإحتلال الحرب على لبنان من أجل الضغط على حزب الله وتجريده من سلاحه ، يعود اليوم بعد اثنى عشر عاما أكثر قوة من الجيش الإسرائيلي وأكثر إستعدادا ومتمرس بقدرات قتالية عالية تفوق قدرات جيش الإحتلال المهزوم، وقد عملت دولة الإحتلال منذ العام 2006 لكي تبني نفسها لمواجهة حزب الله في أية مواجهة قادمة ، فالحزب الذي كان تسعى دولة الإحتلال لتجريده من سلاحه إستطاع بسلاحه أن يغير شكل ومضمون القوة في السلاح على المدى القريب والبعيد ، وما يصاحب ذلك اليوم من وقائع هو ان دولة الإحتلال دعمت وشجعت وشاركت بالحرب في سوريا من أجل تغيير مكانة سوريا ودورها ومواقفها كدولة في الإقليم ، والمؤكد ان هذا الهدف سقط وإن دولة الإحتلال تدرك ذلك، وبناء على إدراكها هذا فقد غيرت من مساعيها وجعلتها لجهة العمل على إخراج حزب الله وإيران من سوريا ، وقياسا على تجربة حزب الله منذ العام 2006 فإن الجيش السوري الذي سعت إسرائيل وحلفائها لأن يكون مفككا وتابعا وخاضعا سيكون بعد الإنتصار اكثر قوة وقدرة على تحقيق ما يضمن بناء موازين الردع والتفوق .
بالمفهوم والمعنى والواقع فإن المنتصر من يفرض ويرسم شكل مصالحه وحدودها ، وإن المهزوم من يسلم ويرضخ ، وعليه فأن حزب الله وسوريا قادرين على التأثير في ملامح وجوهر النفوذ الإقليمي الإسرائيلي في المنطقة ، بالشكل الذي يتوافق وينسجم مع شكل وجوهر المواجهة مع دولة الإحتلال.