الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل المخدرات سبب في إرتفاع جرائم القتل ؟

نشر بتاريخ: 19/08/2018 ( آخر تحديث: 19/08/2018 الساعة: 15:20 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

التوتر السياسي ، والانقسام ، وعدم وجود حكم رشيد ، والمخدرات ، والمسلسلات التلفزيونية العنيفة ، وتدهور الوضع الاقتصادي ، والفساد الإداري ، والإبتعاد عن الثقافة والأدب . عوامل يمكن إدراجها في قائمة الأسباب التي تفسّر إنتشار العنف الجسدي وفقدان المجتمع لتوازناته الدقيقة . كل هذا جعل مواقع التواصل الاجتماعي مراجل لتسخين الجريمة وتوتير لمجتمع الشباب ، فتتكدر النفوس وتتعاظم المنافسة السلبية , والغلّ . وتظهر الاحقاد والمباهاة .
عوامل مساعدة مثل مناطق جيم ومناطق الف ، ولكنها ليست عوامل رئيسية لان العنف والسلاح والقتل غير المبرر قد إنتشر في مدن الخط الإخضر إكثر بعشرات المرات من الضفة الغربية وقطاع غزة . كما أن اللجوء الى تنفيذ أحكام الاعدام لن يشكل فارقا كبيرا بالشكل الذي يتخيله البعض .
القضاء العشائري وأخلاق الطيفة الوسطى هما العاملان الأساسيان اللذان يضبطان المجتمع حتى الاّن . ومنذ سنوات نشاهد ونراقب تصاعد العنف في داخل الأسرة الواحدة ، وفي داخل القرية الواحدة ، وفي داخل المسجد الواحد ، وفي داخل الحزب الواحد ، وفي داخل المؤسسة الواحدة ما يعني ان هذه الجرائم ليست على خلفية دينية او مذهبية او فكرية او سياسية وإنما هي دخيلة بعوامل التوتير والتأجيج والمخدرات .

ولم يعد دراجا القول أن سبب كل خلاف هو إمراة ، ولا قصة شرف ولا خلاف مالي كبير ولا ميراث الارض . وإنما يقتل الشباب بعضهم على موقف لركن السيارة او بوست على الفيس بوك أو سوء فهم بسيط لا يستحق أي عناء .

مقترحات العلاج كثيرة وعديدة ، ولكن فائدتها ستبقى محدودة من دون خطة إستراتيجية يضعها علماء الاجتماع . وفلسطين غنية بعلماء الاجتماع وعلماء النفس الذين تفتخر بهم الجامعات والصروح الاكادييمية ، ولكن السلطات والاحزاب لم تستفد من خبراتهم ولا تستشيرهم وتضع الخطط بعيدا عنهم وبعيدا عن نظرياتهم .
غالبا ما يكون القاتل من نفس عائلة المقتول أو من نفس بلدته . وهو ما يزيد الأمر تعقيدا في مجتمع صغير تحت الاحتلال . كما أن اسرائيل تستقبل القتلة بالأحضان وترعاهم وتمنع عنهم العقوبة ، وفي أكثر من حادثة فان اسرائيل هي المساهم الاساسي في تأجيج هذه الصراعات وعرقلة التحقيق الجنائي حول الجرائم من خلال منع البحث الجنائي من الوصول للأدلة أو من خلال بيروقراطية متعمدة لكسر شوكة الشرطة والقضاء . وهذه ما تؤكده لجنة المتابعة العربية داخل الخط الاخضر باتهامه الاحتلال انه يسهل عمل المجرمين والقتلة حيث وصل عدد القتلى الفلسطينيين بالمئات وبأسلحة تحوّلت الى عصابات جريمة منظمة .

كل عام نتحدث حول نفس الموضوع ، ومع أننا نعرف الحلول الا أننا نتردد في البدء بمشروع الشفاء . وجميعنا نعلم أن الأمر يجب أن يبدأ علاجه من الصفوف الابتدائية في المدارس عن طريق المعلمين وعن طريق المناهج التعليمية التي يجب عليها ان تشرح ضرورة قبول الخلاف والإبتعاد عن قصائد المباهاة والفخر المتخلفة القاتلة التي تزرع الغباء في نفوس الصبيان الذكور تحديدا وتزيد من التخلف والتعصّب والكراهية للاّخر .
وسائل الاعلام والتنظيمات والقضاء العشائري وعلماء الاجتماع والجامعات ومؤسسات العمل المدني وحقوق الأنسان . هي أدوات الحل . ولكن من هي الجهة التي ستأخذ على عاتقها تنظيم عمل هذه الأدوات ضمن خطة إستراتيجية تجعل من المتنمرين ورموز العنف عبرة لمن إعتبر . وكيف نجعل المجتمع والعشائر والأحزاب تتخلى عنهم ولا تحميهم ولا تدافع عنهم ولا تدفع عنهم الغرامات وتحارب غريزة العنف فيهم .