الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

أزمة اللاعب محمد صلاح..

نشر بتاريخ: 31/08/2018 ( آخر تحديث: 01/09/2018 الساعة: 15:45 )
أزمة اللاعب محمد صلاح..
الكاتب د.ايهاب عمرو
أزمة اللاعب محمد صلاح.. بين متطلبات الإحتراف وتعقيدات إتحادات الكرة العربية
تفاقمت أزمة اللاعب المصري العالمي محمد صلاح مع الإتحاد المصري لكرة القدم خلال الأيام الأخيرة عقب تبادل رسائل بين وكيل اللاعب القانوني من جهة، وبين الإتحاد المصري لكرة القدم من جهة أخرى، تضمنت تبادل المطالب والإتهامات المباشرة وغير المباشرة والتلويح بإتخاذ إجراءات إدارية وقانونية ذات علاقة.
وبالنظر إلى إشكاليات تلك الأزمة، إن صح تسميتها كذلك، يلاحظ أن مطالب اللاعب المذكور تعد جزءاً من حقوق يتمتع بها اللاعبين المحترفين في الأندية الأوروبية من حيث توفير سبل الراحة المناسبة له أثناء مشاركته في المباريات الخارجية مع المنتخب المصري، ومنع إستخدام صوره من قبل الإتحاد المصري لأهداف ربحية قد تعود بالضرر عليه نتيجة لإلتزاماته قبل الشركات الراعية التي تتمتع بحقوق قانونية حصرية بخصوص كل ما يتعلق بإستغلال صور اللاعب المذكور، إضافة إلى مطالب أخرى ذات علاقة.
وتعكس تلك الأزمة حجم التفاوت الكبير بين العقلية الإحترافية السائدة في أوروبا، وبين تلك العقلية السائدة في معظم دول الشرق عموماً، والعالم العربي خصوصاً. فبينما نجد أن اللاعب المحترف في دول أوروبا يتمتع بكافة وسائل الراحة التي تمكنه من أداء المباريات بشكل مرضي ومريح، نجد أن عقلية بعض القيمين على مقاليد الحياة الكروية في الشرق ليس لديهم، مع الإحترام، الخبرات الكافية التي تمكنهم من فهم طبيعة العملية الإحترافية ومتطلباتها وإلتزاماتها، ما يعكس حجم الخلل الموجود في بعض إتحادات الكرة العربية من جانب، ويعكس كذلك عدم قدرتها على فهم ومراعاة الإلتزامات المترتبة على عاتق اللاعبين المحترفين في الأندية الأوروبية من جانب آخر.
إضافة إلى الإستغلال التجاري، ثارت شكوك، غير مؤكدة على كل حال، أثناء مشاركة المنتخب المصري في نهائيات كأس العالم في الفدرالية الروسية بقيام الإتحاد المصري لكرة القدم بإستغلال اللاعب محمد صلاح لأغراض سياسية، خصوصاً بعد إقامة المنتخب المصري في العاصمة الشيشانية غروزني ولقائه بالرئيس الشيشاني رمضان قديروف ما سبب له بعض الإنتقادات من قبل وسائل الإعلام البريطانية بسبب إتهامات سابقة موجهة ضد قديروف حول قيامه بإنتهاك حقوق الإنسان في بلده. وهو ما دفع اللاعب صلاح إلى التلويح، وإن بطريقة غير مباشرة، بالرغبة في إعتزال اللعب الدولي مع المنتخب المصري.
خلاصة القول، لا بد من قيام الإتحادات الكروية العربية بمراجعة أساليب عملها وطرائق تفكير من يدير أمورها من أجل حماية اللاعبين العرب المحترفين في الأندية الأوروبية ما يساهم في تمثيلهم لبلدانهم وشعوبهم خير تمثيل، وحمايتهم من أية مؤثرات خارجية قد تنعكس سلباً على أدائهم أثناء المباريات سواء مع أنديتهم أو مع المنتخبات الوطنية، خصوصاً بعدما أضحت كرة القدم بمثابة قوة مؤثرة على المستوى الدولي نظراً لإزدياد عدد متابعيها ومحبيها. وعمل ذلك ليس بالأمر الصعب لو توفرت النوايا الحسنة والرغبة في إصلاح الخلل الإداري الموجود بعيداً عن أية تعقيدات بيروقراطية قد تسبب ضرراً للاعبين العرب المحترفين في الأندية الأوروبية، وتهز صورتهم أمام مشجيعهم ومحبيهم، أسوة بما تقوم به إتحادات الكرة في الغرب مع لاعبيها المحترفين في دول أخرى.
وحقيقة الأمر لم أسمع مطلقاً قبل تلك الأزمة عن قيام إتحاد كرة قدم محلي بتبادل الإتهامات مع لاعب يمثله على المستوى الدولي خير تمثيل كما حصل مع اللاعب صلاح، عوضاً عن رعايته وتوفير كافة متطلبات المحافظة على نجاحه، ما يبرز الحاجة الملحة إلى ضرورة تغيير النهج القائم في بعض إتحادات الكرة العربية بأسرع وقت وأقرب فرصة.