الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

السنوار في كسر الحصار

نشر بتاريخ: 05/09/2018 ( آخر تحديث: 06/09/2018 الساعة: 14:10 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

تابعت كغيري من المهتمين وضمن ما توفر من المعلومات نشرت حول اجتماع الخمس ساعات الذي عقده السنوار مسؤول حركة حماس في غزه والسبب اني اكن احتراما لهذا الشخص كونه مختلف عن بقية اعضاء المكتب السياسي خصوصا وانه الشخص الثاني بعد السيد مشعل الذي يعترف ان حماس تخطئ الامر الذي يشجعني على القول ان الاعتراف بالخطأ فضيلة ولكن التمادي فيه خطيئة.
كسر الحصار الذي كان محور حديث الاجتماع الذي دعي اليه الكتاب والصحفيون في غزة (حاضنة الثورة الفلسطينية المعاصرة وشريان استمرارها ) هذا الاجتماع في نظري كان الهدف منه ليس المساهمة في كسر الحصار من خلال نشر الوعي حول مظالم الحصار الظالم محليا واقليميا ودوليا ولكن للاسف جاء من اجل اعادة تغليف حركة حماس في ثوب المنقذ مقارنة بالسلطة التي صورتها حماس واخرين وكأنها المجرمة في حق شعبنا الغزي بالرغم من دفعها مبلغ 95 مليون دولار شهريا لغزة.. هدف الاجتماع هو تبرير استمرار حماس في حكم القطاع الذي نُكب اصلا بسبب الانقلاب الحمساوي في سنة 2007 ومع انني لست مع اي عقاب لاهلنا في غزة ولو بدولار واحد الا انني لست ايضا مع استغلال جوع الغزيين لشرعنة حكم حماس شعبيا بعد ان تآكل حكمها بانتهاء زمنه الانتخابي وذلك بالقول ان "قوة حماس لا تساوي شيئا امام جوع الناس". مع العلم ان السبب في جوع الناس لم يكن له ان يكون لو لم تنقلب حماس على الشرعيه وذلك باستخدام هذه القوه التي يعترف السنوار انها لا تساوي شيئا امام جوع الناس وهو في نفس الوقت يريد ان يجمدها حيال الاحتلال مقابل كسر وهمي للحصار في الوقت الذي أشهرت فيه حماس قوتها هذه في وجه الشرعية والتي كان نتيجتها هذه المأساة التي يعاني منها شعبنا تحت وبسبب حكم حماس.
كل ذلك بالرغم من ان الحكومة الاسرائيلية التي تتفاوض معها حماس بخصوص كسر الحصار هي امتدادا لحكومة قامت على انقاض السلام بعد مقتل رابين في سنة 1995 وامتداد لحكومة عزل غزة في سنة 1985 عندما اعاد شارون تموضع قواته بخروجه من الغرفة ليحاصر البيت كبداية لما وصلنا اليه الان في فصل هذا البيت "غزة" نهائيا عن باقي الوطن.
حماس تتفاوض مع الحكومه التي اغتالت الشهيد الجعبري بالرغم من حفاظه على هدوء الجبهة طيلة ثلاث سنوات ما قبل اغتياله وبالرغم من حفاظه على حياة شاليط واعادته حيا الى اهله هذا للتذكير لعله ينفع المؤمنين.
وعليه فالانقسام الذي هو هدف صهيوني نرى انه يُدَعَم ويُستغل حمساويا لخدمة اهدافها الحزبية بالرغم من ان هذا الانقسام فتح الباب على مصراعيه امام ما يقال عنها صفقة (جريمة) العصر التي دخلت مرحلة التنفيذ في القدس وها هي تسير بخطى حثيثة نحو انهاء حق العودة بانهاء تفويض الانروا.
القصد هنا ليس التجريح بحماس لانها شاء من شاء تبقى عمود اساسي من اعمدة البيت الفلسطيني ولكنها لن تكون لا الان ولا في المستقبل البيت الفلسطيني كله بالتالي فان خروجها من هذا البيت طوعا او قسرا لا محاله سيؤدي الى انهيار هذا البيت وليس مجرد خسارة للسلطة اكثر من ما هي لحماس وهي المقارنة غير الموفقة التي تطرق لها السيد السنوار في حديثه مع الكتاب والصحفيين بقوله "عقوبات السلطة ستخسر السلطة اكثر من حماس". فالمشروع الوطني ليس السلطة وليس فصيل ولكنه الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف وعودة ملايين الذين يعيشون في غياهب اللجوء تحت ظروف بعضها لا تقل قسوة عن اهلنا في غزة.
اما الحديث في موضوع صواريخ حماس ولن اطيل في هذا الموضوع سوى القول انه ذكرني بتهديد احمدي نجاد ايران بمحو اسرائيل عن الخارطة ومع انه كان مجرد حديث عاطفي عابر مع طلبة الجامعة في قاعة صغيرة الا انه جاء بمثابة هدية السماء لاسرائيل التي لم تتوقف ومنذ ذلك الوقت في استخدامه للتحريض ضد ايران البعبع الذي سيقتل الحمل الوديع "اسرائيل" التي تفعل اكثر مما تهدد حيث قتلت علماء ايرانيين داخل ايران وخارجها وقصفت القوات الايرانية عشرات المرات في سوريا دون ان نسمع اي رد من ايران على هذه الاعتداءات، ليس ذلك فحسب ولكن لربما ستتخذ اسرائيل من هذا التهديد النجادي الاهوج مبررا لقيامها بضرب ايران بالسلاح النووي كحقها في الدفاع عن نفسها.
ذكر بعض من كتبوا عن الاجتماع المذكور كلاما يثلج الصدر عن السنوار في كونه منفتح واقل عنادا في الحوار من بعض اخوانه في المكتب السياسي الذين يعتقد بعضهم انهم سفراء الله على الارض على اعتبار ان عهد الانبياء انهاه نزول القران الكريم الذي كان جامعا وواضحا وليس بحاجة الى فتاوى واضافات من اي كان كما قال العالم والفقيه والقاضي ابن رشد وهو محق "الله لا يمكن ان يعطينا عقولا ثم يعطينا شرائع مخالفة لها". واضاف بقوله "التجاره بالاديان هي التجاره الرائجه في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل فان اردت التحكم بجاهل عليك ان تغلف كل باطل بغلاف ديني".
المطالبة بكسر الحصار عن طريق التهدئة التي اصبحت واضحة المعالم ربما سيتم ولكن ليس بثمن عيش اهلنا في غزة بشكل لائق ولكن بثمن يعيد الحكومة العنصرية الحالية في اسرائيل الى دفة الحكم في الانتخابات الاسرائيلية القادمة، كما كان ثمن كل اجتياحات غزة التي كانت جرائم حرب ولكنها مستقبلا ستكون بذريعة الدفاع عن النفس ازاء التهديدات الصاروخية التي حملها خطاب السيد السنوار الذي ذكرني بتهديدات الشهيد الدكتور الرنتيسي صاحب نظرية توازن الرعب وهو الذي هدد رحمه الله بدم للركب في تل ابيب.
حرب العقول التي نحن بصددها بحاجة لعودة حماس بأي ثمن للحضن الفلسطيني ممثلا بمنظمة التحرير كضامن اكيد لكسر الحصار كما ستكون ضامن لاعادة انتخاب حماس من قبل الذين انتخبوها في سنة 2006 خصوصا من غير المنتمين لها ان هي فعلا اقنعتهم هذه المره انها على قدر من المسؤولية الوطنية وعلى قدر من الحرص على المواطن الفلسطيني في غزة وبقية الوطن للعيش بشكل لائق.
حماس امام مرحلة تاريخية وطنية وعلى مفترق طريق اما في المضي الى حضن حكومة نتنياهو وستبقى في نظره ارهابية وينوي لها الشر كما ينويه للكل الفلسطيني وبدعم مطلق من صاحب صفقة العصر او انها وهذا ما نتمناه ان تعود حماس كما اسلفت لبيتها الفلسطيني حيث قوة حماس مع فتح وبقية الفصائل اقوى بكثير من قوتها لوحدها هذه العوده هي الطريق الاقصر ليس لكسر حقيقي للحصار فقط وانما لانهاء الاحتلال وهو ما يستدعي ان تبادر حماس فورا بدعم وتحصين مهمة الرئيس التي سيقوم بها في النصف الثاني من هذا الشهر لمنظمة الامم المتحده وذلك بالوقوف خلفه كما بقية الفصائل في مطالبته للعضويه الكامله لدولة فلسطين والحل العادل لخمسة ملايين لاجيء.