الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

أغنية الثورة مرت بـ 4 مراحل- طائرات ثم صواريخ ثم أطفال ثم امرأة

نشر بتاريخ: 15/09/2018 ( آخر تحديث: 15/09/2018 الساعة: 13:32 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

قد يحدث الربط لا إراديا بين الأغنية وبين مراحل الصراع العربي الصهيوني. وفي العام 1967 وحين انطلقت أغنية (بيع الجمل يا علي) للفنانة سميرة توفيق. رد أصحاب نظرية المؤامرة: لا تبيع يا علي، لا تبيع الجمل !!
يطول الحديث عن محاولات ربط الأغنية العربية بمراحل الصراع والثورة والاستسلام. وفيها وجهات نظر مختلفة، وفيها رؤية من نوع خاص، ولكن اللافت للانتباه أن الفن وباعتباره أرقى أشكال التعبير عن حركة المجتمع، غالبا ما يعكس الملامح الصحيحة لكل مرحلة. وهناك الشعر في العصر العباسي، والشعر في العصر الأموي والشعر في العهد الجاهلي والشعر في العصر الأندلسي ولكل مرحلة خصائصها، وهذا صحيح تماما.
في مرحلة الثورة الفلسطينية بدأت الأغنية الثورية الوطنية بسقف عال جدا جدا:
مرحلة 1948 - 1967: الاغنية طالبت سلاح الجو العربي من خارج حدود فلسطين، قصف اسرائيل ومحقها وسحقها والانتصار الفوري عليها ومثال على ذلك اغاني رددتها النساء في الأعراس ( بدّي للفدائي طيارة حربية تضرب مطار اللد وترجع لسوريا - بدي للفدائي طيارة لها جنحان تضرب مطار اللد وترجع على لبنان). وانتظرت الجماهير اي سلاح جو عربي وأي طيار عربي يقصف مطار اللد دون جدوى. وما حدث هو العكس أن طائرات الاحتلال قصفت مطارات العرب. فانتقلت الاغنية للمرحلة الثانية.
المرحلة الثانية بين 1967 - 1982: وهي الاغنية التي تعبّر عن اليأس من العرب ووضعت كل رصيدها في منظمة التحرير في الخارج، ودوت أغاني الطيران العربي وصارت اغاني ( جرّ المدفع فدائي - وطالعلك يا عدوي طالع - ويا فدائي خذني أحارب علمني وخذني أحارب وغيرها العشرات ). فصار من يريد تحرير فلسطين عليه أن يهاجر الى الخارج للانضمام لمعسكرات الفدائيين. ولكن هذه الأغاني تراجعت بعد احتلال اسرائيل للبنان عام 1982. وانتقلنا للمرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة بين 1987 - 2003: من انتفاضة الحجارة وحتى اجتياح الضفة الغربية حيث انتقلت مهمة تحرير فلسطين من الطيار العربي وسلاح الجو ومن الفدائي في جبال لبنان ومعسكرات الفدائيين الى سكان الارض المحتلة مباشرة. ولم يعد أحد يذكر الجيوش العربية ولا الفدائيين، وتم تكليف جماهير الارض المحتلة بتحرير فلسطين. وبالذات الاطفال في المدارس والجامعات من أصحاب الأعمار الصغيرة ( حجارة الانتفاضة - جنرالات الحجارة - الاطفال المعجزة - طفل ينام على الزعفران - يا طفل بلادي - يا صناع المجد - يا اولاد الغد ... وهكذا ). ولو دقّقنا قليلا سنجد ان تكليف جماهير الارض المحتلة بمهمة تحرير فلسطين لم يشمل رجال الأعمال ولا العشائر ولا رجال الدين ولا رؤساء البلديات وإنما كانت الأغنية موجّهة بالذات للأطفال الذين حملوا لواء التحرير 20 عاما ونجحوا. حتى جاءت السلطة والمقاومة الشعبية فانتقلت الان الى المرحلة الرابعة.
المرحلة الرابعة من 2003 - 2018: وهي مرحلة عملت خلالها الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية لا إراديا بتكليف المرأة بتحرير فلسطين. واليوم يجلس الطيارون العرب وجنرالات الجيوش والملوك والرؤساء والوزراء والفدائيين القدامى وقادة الفصائل المسلحة والاجنحة العسكرية والاطفال والشباب وقادة التنظيمات ورؤساء النقابات ورجال الاعمال وأئمة المساجد ورهبان الكنائس، يجلسون أمام شاشات التلفزيون ويطربون على أغاني تشجّيع المراة على قتال الاحتلال (اخت المرجلة - يا أم الشهيد وزغردي- حارسة نار الثورة - الماجدات - المرابطات ...).
والله من وراء القصد.