الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اعادة بناء منظمة التحرير اولوية لا تحتمل التأجيل

نشر بتاريخ: 08/10/2018 ( آخر تحديث: 08/10/2018 الساعة: 11:33 )

الكاتب: عوني المشني

كثيرة وكبيرة هي الاحتياجات الملحة للشعب الفلسطيني، مثلما هي التحديات، كذلك المؤامرات، المتطلبات، والاعداء، فكل شيئ أمامنا كثير وكبير الا النجاحات فهي نادرة ومتواضعة، وكل شيئ ملح وعاجل الا الاستسلام فهو المؤجل الى حد الالغاء من حياة الفلسطينيين. وشعب يخضع للاحتلال بقيادة معلولة وعدو عنصري حتما ستكون متطلباته كثيرة كما هي تحدياته. 
لكن حتى في ظل تزاحم المتطلبات والاحتياجات هناك اولوية، هناك ما لا يقبل التأجيل، هناك حلقة مركزية اذا ما أمسكنا بها وتعاطينا من خلالها سيترك تأثيرا إيجابيا على الوضع برمته وسيفتح كثيرا من الابواب الموصدة أمامنا، سيترك تأثيرا على كل مناحي حياتنا، سيزيل تحديات كثيرة من وجهنا، هناك حجر الرحى او مربط الفرس او الحلقة المركزية بلغة التفكير الاستراتيجي.
بعضهم يقول المصالحة هي هذا الامر، اخرون يقولون المقاومة، ويذهب بعضهم ليقول بالتحلل من اوسلو والتنسيق الأمني، وتعدد الاقتراحات والاراء في هذا الامر، ومن يبدو اكثر شمولية يريد ان تسير الامور بخطوط متوازية في كل تلك الاحتياجات لتحقيقها بالتوازي وليس بالتوالي، وفِي النهاية يستمر الجدل وتستمر حالة انعدام الوزن ويستمر الاخفاق وتتعمق الازمة.
هنا لا اقدم رأيا مختلفا ولكن افكر معكم بصوت مسموع، اثير جدلا قد يخرجنا من هذه الحلقة المفرغة، اجرب مفتاحا قد يفتح احد تلك الابواب الموصدة، اقدم مدخلا قد يفضي الى رؤيا للمعالجة.
مدخلنا الاساس والاهم والأكثر الحاحا هو اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية!!!!!!!!
لا يبدو انني اكتشفت العجلة من جديد او قدمت شيئا مثيرا، او انني ابتدعت حلا سحريا لمعضلاتنا، ربما هو اجتهاد كغيره من الاجتهادات، هكذا يبدو الامر لأول وهلة، لكن بنظرة اعمق سنجد ان هذا الاقتراح يحمل من الجديد ما ستحق التوقف أمامه، ما الجديد وما المثير في الامر ؟؟!!!ولو افترضنا أصلحت منظمة التحرير، هل ستحل مشكلاتنا ؟؟؟
لنرى معا:
اصلاح منظمة التحرير عبر تمثيل ديمقراطي وبدون محاصصة او كوتة فصائلية يفتح الباب واسعا لكل قطاعات الشعب الفلسطيني لتجد نفسها ممثلة وهذا يحقق ثقة اعلى بمنظمة التحرير، التزام الكل الوطني بها، تمثيل مختلف تجمعات شعبنا دون إقصاء او تهميش. 
هذا يعني ان الوحدة الوطنية تتحق بدون اجتماعات او حوارات او وصاية، ان ما بذل من جهد لمصالحة كان جديرا ان يبذل في اعادة بناء منظمة التحرير لانها المكون الأكثر اهمية ليس في تاريخ شعبنا بل وفِي تكوين وضعه المستقبلي ولان منظمة تحرير موحدة ستكون قادرة على حسم موضوع الانقسام.
هذا يعني ان برنامج منظمة التحرير الذي يصدر عن منظمة كهذه يصبح ملزما للجميع الوطني وينتهي الخلاف على البرنامج، ان برنامجا صادرا عن منظمة التحرير بتمثيلها الواسع لكل قطاعات شعبنا سيشكل قاسما مشتركا للكل الفلسطيني وبالتالي يخرجنا من حالك الاجتهادات والمقترحات والتي بعضها شكل ويشكل مدخلا لحلول تنازلية.
هذا يعني ان العالم لا يستطيع تجاوز منظمة بمثل هذه الصورة ولا يستطيع ايجاد بدائل، يستطيع من يرغب في التشكيك ان يدعي ان منظمة التحرير حاليا لا تمثل الكل الفلسطيني، ولكن عندما يكون في منظمة التحرير مكانا ومتسعا لكل الفصائل الوطنية ولكل قطاعات شعبنا ولكل تجمعاته الجغرافية، لكل قطاعاته ومؤسساته فان اي تشكيك سيكون مدعاة للسخرية ولن ياخذه احدا على محمل الجد.
هذا يعني توقف التدخلات والتداخلات في القرار الفلسطيني فمنظمة موحدة تستطيع صد اي تدخل وبقوة وبدون ان تراهن القوى التي تتدخل على اختلاف المصالح بين القوى الفلسطينية. 
هذا يعني اخراج جماهير شعبنا من المتاهة التي تعيشها نتاج التشرذم وتناقض المواقف والبرامج والشعارات.
هذا يعني عودة الكيانية الفلسطينية قوية والقفز عن سياسات التعامل مع الفلسطينيين كتجمعات سكانية لها مشكلات اجتماعية اقتصادية..
هذا يعني غياب التفرد والاقصاء والاستحواذ وهي السياسات الفصائلية الحالية والتي تعمق الازمة الفلسطينية..
اصلاح منظمة التحرير ليس اجراء شكلي ولا هو ترف مطلبي، فمنظمة التحرير مثلت هوية شعبنا وبيته المعنوي في ظل احتلال الوطن وهي ما يجب ان يحافظ عليه. ان الدعوة لتجاوز منظمة التحرير هي الوجه الاخر للعملة ذاتها التي وجهها الاول الحفاظ على منظمة التحرير لوضعها الحالي، واكثر من ذلك ان عدم اصلاح منظمة التحرير يعطي مبررا مشروعا لمن يطالب بتجاوزها. وكلاهما خطان مدمران للمشروع الوطني.
ان منظمة لا يتمثل فيها فلسطيني عام ١٩٤٨، وتستبعد الشتات الى حد كبير، وحماس والشعبية والجهاد الاسلامي والديمقراطية خارج مؤسساتها لا نستطيع القول انها بخير.
وإصلاح المنظمة ليس اجراء شكلي، ما معنى ان تمثل فصائل في اللجنة التنفيذية لا يزيد حجمها عن اصغر قرية فلسطينية على الخارطة !!!! بينما قطاعات عريضة من شعبنا لا مكان لها في دائرة الاهتمام ؟؟؟!!!
ان تمثيلا ديمقراطيا ما امكن وبعدالة ما امكن بين قطاعات شعبنا ومؤسساته واطره وأماكن تواجده هو الكفيل بإعادة تموضع منظمة التحرير في مكانها الطبيعي كممثل شرعي ووحيد لكل شعب فلسطين في كل أماكن تواجده، هذا يستدعي هجر نظام الكوتة الذي عزز القسمة والاقتسام والانتقال الى ديمقراطية تعزز المشاركة والتوحد.
ان البقاء في دائرة حوار الطرشان والتلاعب بالالفاظ وتخدير الجماهير بوعود زائفة وانتصارات وهمية لا يشكل طريقا صحيحا للتعاطي مع قضية بمثل هذه الأهمية، منظمة التحرير ليست ملكية حصرية لأحد ولا هي نقيضا لأحد ، انها وصية على شلال الدم الفلسطيني الذي ما توقف لحظة من اجل صَونها وحمايتها من الشرذمة والوصاية والتصفية.
منظمة التحرير خيمتنا الاخيرة، لا يعقل ان نقبل ان تهدم فوق رؤسنا وبأيدينا. فقط اعادة بنائها على أسس ديمقراطية وطنية هو الذي ينقذها وينقذنا.