الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معركة الخان الأحمر وانحياز فتح إلى شعبها

نشر بتاريخ: 21/10/2018 ( آخر تحديث: 21/10/2018 الساعة: 14:09 )

الكاتب: د.خليل نزال

وارسو -بولندا
عندما يكون المشروع الوطني كله في دائرة الخطر تترك فتح ميادين الخطابة لبائعي الكلمات الجوفاء وتسارع هي خطاها نحو ساحات المواجهة، ويُشمّر فدائيّوها عن سواعدهم استعداداً للذودِ عن وصايا الشهداء..
فتح تقود المعركة بمنطق الواثق أن موقف الجماهير هو البوصلة التي لا يضلّ الطريقَ من اهتدى بها.
عندما تخرج الجماهير للدفاع عن الأقصى تسخّر فتح خبرتها في رصّ الصفوف وتعزيز وحدة الشعب وتقود المجاهدين والمعتصمين والمصلّين على أرصفة المدينة المقدسة وتصعّد من مطالبهم حتى يرضخ نيانياهو ويفكّك بواباته الإلكترونية ويلوذ بالفرار مثله مثل كل قادة الغزاة المهزومين.
وعندما اختار ترامب أن ينزع عن عورة أمريكا ورقة التوت التي كانت تحاول بها التظاهر بدور المحايد، وخرج ليعلن شن حرب على شعبنا بقدسه ولاجئيه وأرضه وقوت يومه.. عند ذلك اختارت فتح الوقوف مع شعبها وقالت بلسان رئيسها ورئيس فلسطين: لا لأمريكا.. لم تكن فتح جاهلةً بتبعات هذه ال "لا"، لأن لدى فتح خبرة في التعامل مع صلف أمريكا تراكمت عبر عشرات السنين، وهي خبرة تكفي كي تدرك فتح أن التصدي للمشروع الأمريكي سيجلب لنا مزيداً من الحصار وقطع الموارد وشدّ حبال التآمر حول رقابنا.. لكنها خبرة تكفي أيضاً كي ندرك أن التماهي مع الطرح الأمريكي العبثي هو انتحار فوري بمحض إرادتنا..
وبعد مرور ما يقارب العام على عدوان ترامب على القدس ما زالت الإدارة الأمريكية تدور في نفس الحلقة المفرغة لاهثةً وراء موافقة فلسطينية على مقابلة أي مسؤول أمريكي، لكن.. هيهات منّا الذلة!
وفي نفس سياق معركة بوابات القدس والأقصى تأتي معركة الخان الأحمر، فقد جاء المخطط الاسرائيلي لتدمير هذه القرية في محاولة لفرض إرادة الإحتلال وقطع شمال الضفة عن جنوبها وعزل القدس نهائياً عن بقية الوطن. لم يدرك "بيّاعو الكلمات الجوفاء" أن فتح إذا بدأت معركة فلا يمكن لها الإنسحاب في منتصف الطريق، ورغم أن فتح تدرك حجم البطش والتفوق الذي يحظى بها الإحتلال إلا أن منطقها في خوض الصراع لا يتجاهل هذه الحقيقة لكنه لا يخضع لها ولا يجعلها مبرراً للتقاعس والنكوص والتّقاقل الى الأرض.. من هنا كان إصرار فتح وقيادتها على الذهاب بمعركة الخان الأحمر إلى أقصى حدود التصادم مع الإحتلال، فقد أثبت شعبنا في محطات سابقة إن بإمكانه التمرد على موازين القوى وكسر إرادة إسرائيل.. جربنا ذلك في معركة الكرامة ونحن في المنفى..وانتصرنا، فلماذا لا نجربه الآن ونحن بين أبناء شعبنا وفوق أرضنا؟
وها هي حكومة نتانياهو تجرّ أذيال الخيبة مرة أخرى وترضخ لإرادة المعتصمين في الخان الأحمر ولإرادة شعبنا وقيادته السياسية التي وفرت للمعتصمين كل أسباب الصمود والثبات، وجعلت قضية الخان الأحمر رمزاً للعدالة والدفاع عن الحق وقبل كل شئ محطة جديدة من محطات المسيرة الفلسطينية المتواصلة في الذود عن الوطن وعن درة التاج -القدس، عاصمتنا الأبدية، أجمل مدائن الأرض وأقصر طرق المؤمنين إلى بوابات السماء.