السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا بعد قتل "الخاشقجي"؟

نشر بتاريخ: 22/10/2018 ( آخر تحديث: 22/10/2018 الساعة: 13:41 )

الكاتب: طارق زياد

لا زال مقتل الاعلامي السعودي المعارض جمال خاشقجي يحتل العنوان الاول في النشرات الاخبارية، ولا زالت ردود الفعل العربية والدولية وتداعيات تلك الجريمة تتزايد، وخصوصا بعد الاعتراف السعودي بمقتله، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ اكثر موقفين أهمية للقضية هما الموقف التركي والامريكي، فتركيا صاحبة العلاقة الاولى كونها مكان الحدث والجريمة وعلى ارضها والتي لن يشفع القانون الدبلوماسي والحصانة للسعوديه أو لحماية مرتكبيها.
ترتبط الجمهورية التركية مع المملكة العربية السعودية بعلاقات تعاونية واقتصادية ودينية وثيقة مع من جانب، وتتعارض معها في العديد من القضايا السياسية الداخلية والخارجية من جانب اخر، فهما ترتبطان ويتعاونان ولربما تتنافسان بالاونة الاخيرة على زعامة الامة السنية وان لم يكن على العلن (ليس معرض الحديث) أو كما براه البعض، في حين انهما يختلفان في العديد من القضايا السياسية والخارجية والدولية، كذلك في التقارب التركي القطري الذي يشكل نقيضا للمصالح السعودية.
تركيا لن تترك هذه القضية دون الاستفادة منها، أو بالحد الادنى استغلالها فيما يخدم مصالحها، فهي حتما ستتغنى بأنها دولة ذات حضارة وسيادة وأنها تحترم القانون الانساني وحقوق الانسان وترفض القتل والمناداة بالديمقراطية وحرية المعارضة وكل تلك الشعارات التي تتوافق وما يحب سماعه الاتحاد الاوروبي والدول المتحضره، كذلك ستعمل ضمن سياستها الخارجية على تمرير العديد من القضايا الاقتصادية النفطية مع العربية السعودية والتي تطمع اغلب الدول به وتريد استغلاله كجزء من صفقه قد تبرم بين البلدين في تخفيف حدة الرد والرفض التركي لتلك الجريمة على ارضها، بالاضافة الى العديد من القضايا الداخلية المشتركة غير المعلنة بين البلدين وخصوصا بعد التباعد بينهما الذي تزايد بعد تولي محمد بن سلمان لمفاتيح القرار السعودي وما سببه المذكور من سوء ادارة للمملكة داخليا وخارجيا والذي لا مجال لحصرة في هذا المقال.
أما عن الولايات الامريكية، والتي تنصب نفسها وليا على العالم، وتفرض نفسها حاكما لكل القضايا الدولية، ورئيسها الحارس والطامع للاموال السعودية، والذي يفرض عليها دفع ثمن الحماية وكأنه يطلب الخاوه والاتاوه عليها، وهو ما ينادي به ترامب جهارا، فهو لا يرى بها الا الصيد الثمين لخزائنها وعليه استغلالها كلما سنحت له الفرصه بذلك، لذلك، فأن هناك فرصتان وخياران له يصبان في نفس الاتجاه، الاولى؛ اما ان يقوم ترامب بمساعدة بن سلمان والعائله الحاكمه لتخليصها من المسؤولية بالقضية وجعلها وكأنها قضية فردية سيحاسب عليها من هم بالسفارة، ويقدمون كبش فداء للقضية، وحتما ذلك سيكون لة ثمنه من ملايين الدولارات، اما الفرصة الثانية، فهي تحميل المملكة السعودية المسؤولية الكاملة وبالتالي فرض عقوبات عليها وثمنها مليارات الدولارات ايضا، فترامب يسيل لعابه على هذه الاموال منذ عشرات السنين وحتى قبل توليه منصبه كما جاء في العديد من مقابلاته التلفزيونية.
اوروبيا، سوف تتركز ردود الفعل حول المناداة بحقوق الانسان والادانة، ورفض تلك الجريمة والمطالبة بالديمقراطية وحرية الرأي والمعارضة، كذلك لن يخلو موقفها من المطالبة لبعض القضايا الشائكة بين البلدين، والتي لم تظهر للعلن بين تلك الدول والمملكة السعودية، كذلك سيكون هناك تأثر في التعاطي والتعامل في الاجراءات التي تتبع مع السفارات السعودية في تلك الدول وبالحد الأدنى في المنظور القريب.
عربيا، فالموقف العربي ينقسم الى ثلاثة محاور، الاول؛ تلك الدول التي تستعين بالمساعدات السعودية، وهي التي سوف تساند المملكة السعودية بمواقفها، وهي تلك الدول التي ينطبق عليها الاغنية المصرية "ملعون ابوك يا فقر" فهي لا يمكنها ان تخسر تلك الملايين بسبب تصريح تذكره يسيئ للعائلة المالكة والحكومه السعوديه، وهذا المحور يشمل الجمهورية المصرية والمتحدث باسمها وغيره، كذلك الدول الفقيرة كالصومال والسودان والسلطة الوطنية الفلسطينية وغيرهم من الدول، ولربما قد يبرر لها البعض ذلك بسبب ظروفها الداخلية التي تمر بها لما به من مصلحة لها ولشعبها، والمحور الثاني؛ يتمثل بتلك الدول العربية التي تعارض السياسة السعودية والتي سيكون موقفها ادانة تلك الحادثة بل وستعمل بكل جهد لفضح الديكتاتورية السعودية كدول قطر وقسم من دول المغرب العربي الذي يعارض المواقف السعودية لسنا بصدد الحديث عنها، أما عن المحور الثالث؛ فهي تلك الدول التي لا ترتبط بمصالح مباشرة مع المملكة السعودية ولن تتأثر بمواقفها اذا ما ادانة السعودية بفعلها وقد تكون على الحياد من هذه الحادثة ولربما تمثل ذلك بعض دول شمال افريقيا.
اما على الصعيد السعودي الداخلي، فان الشعب السعودي يواجه حكما ديكتاتوريا لم يسمح له بالاعتراض أو إبداء الرأي من جانب، كذلك أن الشعب السعودي ظروفه الداخلية الاقتصادية والاجتماعية لن تجبره على الاعتراض ومجابهة الحكومه من جانب اخر، بالاضافة الى الدور الذي يقدمه مفتي السلاطين والذين يفتون لهم باراء دينية تشجهم وتحثهم لتقديم الولاء للحكومة والعائلة الحاكمه ووجوب اتباعها وتأيدها وطاعتها.
كل تلك المواقف من الدول لها مبرراتها الذاتية، فقد يراها البعض بأنها ترتبط بمصلحتها ومصلحة شعبها ومصلحة ميزنيتها واقتصادها ومبادئها، خصوصا تلك التي لن تتعاطف مع المغدور على حساب الدوله السعودية الديكتاتورية، ليكون الخاسر الاول والأكبر هو جمال خاشقجي وعائلته.