الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نتانياهو بين عكا ومكة

نشر بتاريخ: 25/10/2018 ( آخر تحديث: 25/10/2018 الساعة: 15:29 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

منذ نحو ربع قرن يحكم اليمين الصهيوني المتطرف سدة الحكم في تل أبيب، يحكمها من خلال التخويف والترهيب من عدو عربي اسلامي قادم سوف يهدم اسرائيل ويطرد اليهود مرة اخرى الى مصيرهم المحكوم في اصقاع الارض. ولا شك ان هذه الدعاية نجحت كثيرا وتسببت في هزيمة حزب العمل وتراجع كاديما واضمحلال اليسار وتوقف المفاوضات وموت اوسلو وحصار غزة واعادة احتلال الضفة و...
ويعرف العارفون بالشأن الاسرائيلي ان لا شئ يقتل اليمين مثل المفاوضات، ولا شئ يجعله يزدهر وينجح سوى الحروب. ومع ذلك توقفت السلطة عن مفاوضة اليمين وتوقفت الفصائل عن عمليات المقاومة. ما جعل نتانياهو في بحبوحة من الوقت والمال والقرار بشكل لم يحلم به من قبل.
ويعرف العارفون بالشأن الاسرائيلي ان ادعاء نتانياهو امام الجمهور الاسرائيلي أنه تمكّن من توفير الأمان ووقف العمليات، جعله ينجح في كل مرة بأية انتخابات. كما انه سينجح باكتساح في أية انتخابات قادمة.
محاولات اليمين الوسط تبني مواقف يمينية أكثر من نتانياهو باءت بالفشل، ومثال على ذلك مدير شركة الاتصالات ( اّفي جباي ) الذي صار زعيما لحزب العمل وبدأ منصبه بدعم المستوطنات ومهاجمة الفلسطينيين وتأييد الشعارات العنصرية. فسقط سقوطا مدويا ومخزيا وبالكاد سيحصل على عدة مقاعد في أية انتخابات قادمة.
محاولات اليسار المحافظة على الصهيونية (باعتبارها فكر عنصري يهودي) وبين شعارات اليسار كانت مخزية أكثر، فلا هم يساريون ظلّوا ولا هم يمينا صاروا... بل تحوّل اليسار الاسرائيلي الى مخلوق مشوّه وعجيب.
نتانياهو يريد الان أن يفتح خطا على دول الخليج العربي لاعتقاده أن ذلك سينهي الصراع بالضربة القاضية للفلسطينيين، ولكن الامر ليس بهذه البساطة، والوصول الى مكة صعب المنال على أمثاله.
قرارات المجلس المركزي القادم سيكتب لها النجاح في حالة واحدة فقط: أن تكون نابعة من قناعة ثورية وايديولوجيا وطنية واضحة. وكلما ابتعدت القرارات عن مصالح السلطة واقتربت من اهداف منظمة التحرير صارت فرصتها في النجاح أكبر.
وعلى أرضية أننا لسنا دولة حرة ولا سلطة قائمة على الارض ولا حكومة حاكمة، وانما شعب تحت الاحتلال ودولة محتلة. يمكن التفكير بشكل سليم بعيدا عن فقاعات الوهم التي تكبر هنا وهناك.
قرارات المجلس المركزي القادمة يجب ان تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن الفلسطيني وأن تخفف من كونه كائنا استهلاكيا، وتساعده في العودة الى للمشاركة في عملية الانتاج الذاتي.
فلسطين لا تحتاج الى مزيد من شركات الكومبرادور التي تمص دماء الغلابى من خلال ترويج البضائع الاسرائيلية، وانما تحتاج الى مواطن عامل ومساهم في عملية الانتاج وان اي قرار يتخذه المجلس المركزي يجب ان ينطلق من هذا الوعي وليس من باب المناكفة السياسية المؤقتة مع نتانياهو.