السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مناقشة هادئة أخرى لموقف النقابات المهنية من قانون الضمان الاجتماعي

نشر بتاريخ: 13/11/2018 ( آخر تحديث: 13/11/2018 الساعة: 11:52 )

الكاتب: مصطفى شحاده

الجزء الأول
لقد قدم ما يُسمى " المجلس التنسيقي للنقابات والاتحادات المهنية والقطاعية في دولة فلسطين " ورقة موقف من قانون الضمان تتضمن 27 ملاحظة يطالب بادخالها للقانون، ويُلاحظ أن الموقعين على الورقة هم احد عشر نقابة مهنية ، بالاضافة الى اتحاد العاملين في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، والمفارقة هنا ان هذه ليست نقابة مهنية، ولا تندرج ضمن النقابات المهنية ، وانما هي نقابة عمالية ولها ممثل في مجلس ادارة مؤسسة الضمان عن النقابات العمالية ، بينما كل النقابات المهنية لها ممثل واحد في المجلس ، ولاوضح هذه المسألة التي قد تغيب عن الكثيرين بمن فيهم النقابات المهنية التي ما زالت تطالب باضافة عضو آخر لها في المجلس ، هو ان النقابات المهنية لا تمثل العمال في سوق العمل وانما تمثل المهنيين فقط ، بينما المعادلة في سوق العمل هي : العمل المأجور الذي تمثله النقابات العمالية مقابل الرأسمال الذي يتمثل في رجال الاعمال والغرف التجارية واتحاد الصناعيين ، وهما طرفي الانتاج في الاقتصاد وفي سوق العمل
وفي الحقيقة ان هناك فروق جوهرية بين النقابات العمالية والنقابات المهنية، سواء من حيث التأسيس او من حيث الشخصية القانونية، أو من حيث العضوية وشروطها ، أو من حيث التشكيلات النقابية فيهما ، أو من حيث المهام الوظيفية والاهداف الخاصة لكل منهما ، وكنت قبل سنوات مضت كتبت مقالاً نشر في جريدة الايام ، تعرضت فيه لكل هذه المسائل بالتفاصيل ، وكان ذلك بمناسبة صدور قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الاهلية رقم 1 لعام 2000 ، وقلت في حينه ان قانون الجمعيات قاصر عن تنظيم اعمال النقابات المهنية باعتبارها منظمات تمثيلية لقطاعات واسعة من الفئات الاجتماعية ، بينما في قانون الجمعيات يكفي سبع أفراد ان يشكلوا جمعية ، وطالبت بصدور قوانين تنظم اعمال كافة النقابات المهنية ، كما حصل مع نقابة المحامين الفلسطينيين ، التي صدر لها القانون رقم 3 لعام 1999 بشأن تنظيم مهنة المحاماة ( ولاحظوا ان القانون هو لتنظيم المهنة ) ولكن المادة 10 من القانون نصت على تشكيل النقابة ، وبالتالي نشأت نقابة المحامين بقوة القانون ، وليست كما تنشأ النقابات العمالية التي تنشأ بنظام الايداع او الترخيص ، والمصيبة ان هذه النقاباتالمهنية ( ما عدا نقابة المحامين ) ما زالت تعتمد على قانون الجمعيات في تنظيم امورها ، واستغرب موقف الصمت والسكوت عن المطالبة بحق حيوي لها باصدار قوانين خاصة بها تنظم اعمالها ،كما حصل مع نقابة المحامين الفلسطينيين !
وعلى العموم قبل الخوض في مناقشة موقفها من قانون الضمان الاجتماعي ، من المفيد توضيح علاقتها بالضمان الاجتماعي
من المعروف ان اعضاء النقابات المهنية ينقسمون الى قسمين :
القسم الاول - هو قسم يعمل بأجر ، مثل طبيب يعمل في مستشفى خاص ، أو محامي يعمل كمستشار في شركة او مؤسسة ،او مهندس يعمل عند رجل اعمال مقاول ، او صيدلي يعمل في شركة ادوية ، او طبيب بيطري يعمل في مزرعة ابقار لصاحب عمل ، او صحفي يعمل في اذاعة او قناة خاصة
- هؤلاء هم موظفين او عمال مأجورين عند اصحاب عمل ومشغلين وهم بهذا الوصف تمثلهم النقابات العمالية ذات العلاقة باعمالهم ، فالنقابة العمالية هي التي تدافع عن مصالحهم في شروط وظروف العمل وفقاً لقانون العمل ، بينما النقابات المهنية لا علاقة لها بهذا الجانب حتى لو كانوا اعضاء فيها ، فالمهني يحق له الجمع بين عضوية النقابة المهنية والنقابة العمالية ، وبالنسبة لعلاقته بقانون الضمان الاجتماعي فالالزام اساسا هو للمشغل وصاحب العمل ، الذي يوجب القانون عليه بتسجيل عماله وموظفيه وان يقوم بالاستقطاعات عنه وعنهم
وبالتالي لا دخل للنقابات المهنية في هذا الأمر ، ومن الغريب ان تقحم نفسها فيه .
القسم الثاني - هو قسم يعمل لحسابه الخاص وقد يكون صاحب عمل ايضاً يشغل آخرين لديه ، مثل محامي لديه مكتب محاماه خاص به يعمل به لوحده ، وآخر قد يملك مكتب محاماه ويشغل آخرين به ، او طبيب يملك عيادة ويشغل سكرتيرة وممرضة ، او صيدلي يملك صيدلية ويشغل صيادلة عنده ، أو يديرها بنفسه وهكذا
هذا القسم سواء كان يعمل لوحده او صاحب عمل ، الضمان بالنسبه له إختياري على أن يدفع اشتراكات كل من المشغل والمؤمن عليه وفقاً للمادة 9 من قانون الضمان ، وبالتالي لن يلزمهم أحد بالانضمام للضمان وبامكانهم الابقاء على تأمين تقاعدهم في نقاباتهم ، مما يعني ان مشاركتهم في رفض القانون أمر غير مفهوم .