الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن دخلت حيز التنفيذ

نشر بتاريخ: 18/11/2018 ( آخر تحديث: 18/11/2018 الساعة: 13:53 )

الكاتب: د. ياسر عبد الله

صفقة القرن دخلت حيز التنفيذ "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
استبيحت القدس من نعال جنود ومستوطني الاحتلال والقدس تصرخ امام أعيُنِ حكام العرب والمسلمين جميعاً؛ لم نسمع أي صوت قد استنكر او حرك جيشا وطرد سفيراً او قطع علاقات، بل أصبحنا نرى السجاد الأحمر تحت اقدام تلك النعال التي دنست الأقصى والقيامة تبسط امامهم في دول عربية، ويرفع نشيد دولة الاحتلال، في الوقت الذي يمنع فيه الاذان في مناطق فلسطينية تحت تهديد الاحتلال وجيشه ومستوطنيه.
"التطبيع مع الاحتلال هو شعار المرحلة لكثير من الدول العربية؛ في ظل الانقسامات والخلافات والحروب العربية المتتالية". وللحق نستعيد مواقف قد اتهمت انها قد ألحقت ضرراً بالقضية الفلسطينية؛ قضية وقوف ياسر عرفات معنوياً مع صدام حسين في حرب الخليج الأولى حين احتل العراق دولة الكويت، ونسمع أصوات من هنا وهناك تردد عبارة "لا نريد ان نرتكب خطأ في الموقف الفلسطيني يكبدنا خسائر كما حدث في حرب الخليج ووقوف ياسر عرفات مع صدام "؛ هذه عبارة تسمع بين الحين والأخر كلما ارتكبت دولة عربية حماقة تتساوق بها مع صفقة القرن او تقف موقفاً مخزياً اتجاه القضية الفلسطينية، لهؤلاء يقال انه لكل مرحلة معطياتها وظروفها وموقف أبا عمار في ظل التآمر العربي على صدام حسين والعراق كان موقفاً مشرفاً، وان كان هناك ضررا لحق بالفلسطينيين في الكويت في حينها؛ فلم يكن عرفات مع غزو صدام حسين للكويت، ولكنه كان ضد محاصرة العراق في ظل التهديد الأمريكي الذي انتهى بإعدام صدام حسين امام حكام العرب جميعا وفي ليلة عيد الأضحى؛ لم نر أي زعيم عربي استنكر او شجب تلك الجريمة بحق حاكم عربي!.
"الموقف العربي اتجاه القضايا العربية والقومية وفي مقدمتها الفلسطينية، لم تعد قومية ولم تعد عربية وهذ يسهل مهمة تحقيق حلم اليهود بدولة إسرائيل الكبرى فإسرائيل في تعريفها لنفسها لم تضع حدوداً لدولتها".
تمت تهدئة الإخوان في غزة مع الاحتلال مقابل حفنة من الدولارات قدمت من دول عربية وليس من أمريكا او إسرائيل (من دهنه قليله)، تدفع أموال العرب لتمويل صفقة القرن فمشاريع عملاقة بدأت حيز التنفيذ تسعى من خلالها دولة الاحتلال الى اختراق الاقتصاد العربي ووفق خطة (2032 الصهيونية) التي تسعى من خلال تلك المشاريع ان يتساوى الاقتصاد الإسرائيلي مع الاقتصاد السعودي؛ ولن يتم ذلك دون تنفيذ تلك المشاريع التي تسوق عربياً على انها مشاريع مستقبل الشباب العربي، تلك المشاريع تخدم اهداف صهيونية: توسيع سوق الاقتصاد الإسرائيلي ليخترق الخليج العربي، وإيجاد خط بري يوصل اسرائيل الى دول الخليج يسمح للإسرائيليين للحج الى مقدسات يهودية يعتقد اليهود او يروجوا انها مقدسات يهودية؛ "خلق كيانات اخوانية تعزز الانقسامات العربية والفلسطينية بشكل خاص والسيطرة على الاقتصاد العربي هدف صهيوني لتحقيق حلم دول اسرائيل الكبرى".
والحالة الفلسطينية بشكل خاصة تعيش اسوء مراحلها في ظل التهديدات الامريكية والصهيونية للقضية الفلسطينية: (القدس، اللاجئون، الحرب عل منظمة التحرير، المستوطنات، فصل غزة عن الضفة، خلق قيادات جديدة من خصوم الشرعية – مقبولة أمريكيا واسرائيليا- ، تهويد القدس، فصل محافظات الوطن، اضعاف القيادة السياسية الحالية، خلق ازمة ثقة بين المواطن والقيادة ) كل تلك الأمور تعيشها التناقضات السياسية الفلسطينية وتحمل عبئها القيادة الفلسطينية التي تعاني من المؤامرات الداخلية لقيادات من فتح وتعاني المؤامرات الداخلية من تنظيمات فلسطينية يسارية تهدف الى اضعاف منظمة التحرير، وتعاني من تهديدات اقليمية عربية بدعم دول عربية لأمارة اخوان غزة دون مراعاة للخطر المحدق بالقضية الفلسطينية؛ ان ذلك يعزز الانقسام ويطيل من عمره جاثماً على صدور الشعب الفلسطيني، والقيادة تعاني من إيجاد حلول لمشاكل اجتماعية :( البطالة ، انتشار الجريمة ، هجرة الشباب ، الفقر ، المخدرات ، استغلال الشباك للشباب الفلسطيني وحالة الفقر والبطالة التي يعاني منها الشباب).
وتتصدى القيادة الفلسطينية لتهديد ومؤامرة أمريكية صهيونية صريحة تستهدف مستقبل القضية الفلسطينية، وفتح حوارات مع معارضين للسلطة ودعم مشروع الاخوان في غزة، وهذا بحاجة الى وقفة فلسطينية وطنية من حماس وفتح واليسار، فلم تعد المشكلة من يحكم في غزة او الضفة؛ بل أصبحت القضية هل نبقى نحكم في غزة والضفة بعد سنوات وبعد ان تطبع دولة الاحتلال مع الدول العربية؟ حتما سوف تنتهي الأمور بضم الضفة الغربية واحتلال غزة لان إسرائيل تحلم بما هو أكثر من كيان صهيوني على بقعة من ارض فلسطين؛ تحلم بدول إسرائيل الكبرى.
"التحديات الداخلية والخارجية والإقليمية والدولية والتهديدات الامريكية أصبحت حيز التنفيذ ونحن على مشارف الانهيار ان لم يكون هناك يقظة وضمير فلسطيني من المواطن والتنظيمات والحركات السياسية "
بين تخاذل عربي اتجاه القدس حالياً وسابقاً واتجاه القضايا القومية والعربية وبين الانقلاب وتهدئة الاخوان في غزة، ومشاريع اقليمية ضخمة تشمل: (السعودية ، الأردن ، مصر ، إسرائيل) تهدف للسيطرة الاقتصادية والمكانية على ثروات الوطن العربي، يقف المواطن العربي امام مفترق يحدد مصيرا للامة العربية والإسلامية في المنطقة؛ إن لم تعد بعض الدول العربية حسابتها وتوقف التساوق مع صفقة القرن والتطبيع مع الاحتلال الصهيوني سنجد ان إسرائيل تخترق تلك المجتمعات اقتصادياً وسياسياً، ولن يطول الزمان حتى تصبح تلك الدول محتلة اقتصاديا من أمريكا وإسرائيل، والوطن العربي في خطر محدق ومتسارع امام أطماع اليهود وضعف العرب وامام تحالف أمريكا – إسرائيل وانقسامات وخلافات العرب، وبين كل ذلك القدس في خطر التهويد وفلسطين مركز الصراع العربي الإسرائيلي؛ فإن نجح الاحتلال في تهويد القدس سوف تتفجر شرارة اليهود في كافة الأقطار العربية وتتساقط الدول كما هي أوراق الشجر في الخريف، بعد ان شهدت بعض الدول العربية ربيعا عربياً أمريكياً دمر النسيج العربي والوحدة العربية.
فنحن مقبلون على خريف عربي تكون إسرائيل هي محوره وهي محركه وستتساقط دول عربية تعتقد انها تملك المال والقوة امام مشاريع اقتصادية عملاقة تكون مملوكة لليهود وصفقة القرن هي مظلة تلك المشاريع وان ذهبت القدس هم ذهبوا وصدق الشاعر حين قال: " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا” فالوقوف ضد مخططات أمريكا في المنطقة قضية أخلاقية، ودعم صمود أهل القدس قضية أخلاقية، والوقوف مع منظمة التحرير قضية أخلاقية، ومحاربة صفقة القرن قضية أخلاقية؛
" ونحن اليوم نرى مشاهد لا أخلاقية في المشهد السياسي العربي والفلسطيني والتي تلوح بمؤشرات على ان خريف عربي قادم تتساقط فيه الأمم كما هي أوراق الشجر قريبا وليس بعيدا فانعدام الاخلاق يعني زوال النعم عن البشر".