الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

عجباً.. فجأة حكومتنا إهتمت بالعمال وحقوقهم وتقاعدهم !!!!

نشر بتاريخ: 20/11/2018 ( آخر تحديث: 20/11/2018 الساعة: 14:09 )

الكاتب: عوني المشني

عجبا / فجأة .. حكومتنا إهتمت بالعمال وحقوقهم وتقاعدهم !!!!
من سيخرج الحجر من البئر ؟؟!!!!

بدل ان يكون الضمان الاجتماعي احدى رافعات الصمود الوطني عبر توفير متطلبات العيش الكريم لأوسع قطاعات شعبنا الفقيرة والمهمشة، تحول هذا المشروع الى معركة كسر إرادات بين الحكومة من جهة والرأسمال الفلسطيني من جهة اخرى، الرأسمال الفلسطيني "بلع" ان تكون الحكومة منافسا له عبر تحولها الى وكيل تجاري "كمبرادور" عبر صندوق الاستثمار، ولكنه لم يستطع الرضوخ لان يدفع "خاوة" اتاوة للحكومة، لذلك انكسر التحالف الطبيعي بين الطرفين على قاعدة قانون الضمان، بقي طرفين اخرين في المعادلة، النقابات العمالية والعمال والقطاعات المهمشة من صغار موظفي القطاع الخاص، النقابات العمالية لم تستطع الانفكاك عن سياسات الحكومة فاصطفت خلفها داعمة قانون الضمان، وهي بذلك انحازت لمصالح قياداتها الخاصة كونها ما زالت منذ عشرات السنوات في مواقعها القيادية بحكم "رضا السلطة عن تعطيل الديمقراطية في تلك النقابات او على اقل تقدير في ممارسة ديمقراطية شكلية تكرس تلك القيادات"، واكثر من هذا فان الولاء المطلق للسلطة هو شرط غير معلن لدعم الجهات المتنفذة لهذا او ذاك في تلك الانتخابات الهزلية.
اما تلك القطاعات المهمشة من صغار الموظفين والعمال فقد تحولوا الى وقود لتلك المعركة، ممثلهم الأصيل وهم النقابات انسلخوا عن طبقتهم والتزموا بسياسة الحكومة، وكان طبيعيا ان يتم هذا الامر، فتلك النقابات التي تحولت الى اجسام بيروقراطية وافتقدت صلتها الحقيقية بمن تمثلهم وأصابها ما اصاب مؤسسات المجتمع المدني من تدمير جراء التسييس وسياسات شراء الولاءات، وبهذا اصبحت ملحقة بالسياسات الرسمية ومنفذا لها.
اما الفئات المستهدفة بالضمان فهي تفتقد القيادة المهنية التي تنظم مواقفها ولا ادل على ذلك من تشكيل هياكل عمل جديدة للتحرك ضد قانون الضمان تحت اسماء مختلفة مثل الحراك وما شابه رغم ان المنطق ان تمثل النقابات هذه القيادة، بمعنى ان فقدان الثقة بين العمال ونقاباتهم وصل الى حده الاقصى. من جهة ثانية فقد استثمر اصحاب العمل الموقف واستخدموا العمال ليكونوا واجهة المعارضة للقانون، وهذا ايضا طبيعي فالعامل الذي لا يجد نقابة مؤتمنة على مصالحه سيكون عرضة للاستخدام من قبل مستخدميهم، وتحت ضغط من هنا وإغراء من هناك تحول العمال الى متراس لحماية مصالح مشغليهم ورفعوا الصوت عاليا ضد الضمان الاجتماعي.
معركة الضمان عبرت عن تحالفات مجتمعية جديدة، والاهم فإنها تحولت بفعل الإخراج غير الموفق من قبل الحكومة الى معركة "كسر عظم"، حيث ان سياسة حرق المرحّل في إقرار القانون وإخراجه الى حيّز التنفيذ قبل ان يستوفي الحوار الكافي لتجنيد القطاعات الاجتماعية الى صالحه أعطى فرصة لايجاد ثغرات عميقة وكبيرة تبرر معارضته والاهم أعطى الفرصة للرأسمال الفلسطيني لتجنيد العمال اصحاب المصلحة الحقيقية من القانون لمعارضته بل والانقلاب ضده، من جانب اخر فان طرق المعالجة بعد نشوف الازمة كانت تتسم بنفس الاسلوب الذي صاحب إقراره، الحكومة فتحت حوار ولكنها اصرت على التطبيق وكأنها تضع مختلف القوانين امام الامر الواقع وهذا أعطى الفرصة ليس لمعارضة القانون فحسب بل للتمرد عليه، ان الاستمرار بهذا المنطق في المعالجة سيقود الى كسر القانون عنوة وهذا يكسر هيبة السلطة برمتها. 
لقد بات واضحا ان حاجة الحكومة للقانون اكثر من حاجة الفئات المستفيدة منه، حيث تعتبر الحكومة ان القانون يوفر سيولة نقدية عاجلة تحتاجها آنيا ولذلك هي متسرعة الى حد الهوس في التطبيق وهذا ما عمق الشكوك لدى قطاعات واسعة بان القانون جاء ليحل مشكلة الحكومة اكثر من كونه حلا لمشاكل العمال. وليس نقيصة ان يساعد القانون في حل مشكلة الحكومة ولكن بطريقة توافقية اولا وليس فرضا عنوة، وبضمان حقيقي وذو مصداقية لحقوق العمال وبعدالة نسبية، وهذا ما أخفقت الحكومة في توفيره حتى اللحظة.
لا اعلم اذا ما بقي متسع لإعادة التعديل فقد ارتقت مطالبات قطاع ليس بالبسيط من ذوي العلاقة من تعديل القانون الى إلغائه، وهذا موقف وان لم يتحقق فانه بالتأكيد سيرفع سقف التعديلات على القانون والاهم سيعيق تنفيذه الى الحد الذي لن يساهم في حل أزمة الحكومة المالية وربما يتحول عبئ عليها.
المخرج الوحيد من هذا الوضع تجميد القانون وتشكيل لجنة تمثل اطراف المعادلة جميعا وإخضاع القانون للدراسة تحت سقف زمني للخروج بصيغة ترضي كل الاطراف، والشيئ الممنوع على اللجنة هو عدم الاتفاق على قانون ضمان.
وكما قيل في موروثنا الشعبي "مجنون رمى حجر بالبئر يحتاج الى مئة عاقل حتى يخرجوه". حكومة ادخلت مكونات المجتمع في ازمة تحتاج الى لجنة من ذوي الاختصاص وغير الخاضعين لرأس المال ولا هم اتباع لسياسات الولاء العمياء حتى يخرجوا بقانون ضمان عادل ومنطقي وموثوق.