الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مال الظلّ مال.. مال عليّ كسّرني وبعثرني"

نشر بتاريخ: 03/01/2019 ( آخر تحديث: 03/01/2019 الساعة: 15:39 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

القلق من صفقة العصر، وإجتياح الاحتلال لمدن الضفة، وتشديد حصار غزة بحاجز بحري، والحملة ضد الأسرى داخل السجون والهجمة الاستيطانية اليهودية على القدس، وفلتان منظمات الارهاب اليهودي وهدم المنازل وغيرها. وكأنها لا تكفي. فنشب الخلاف من جديد في اعقاب منع انطلاقة فتح في غزة وانقلبت الأمور لدرجة وصفها أصحاب القرار بانها الأسوأ منذ 2008.
ومع بداية العام 2019 يواصل الاحتلال اعتقال الفلسطينيين. فيما يواصل الفلسطينيون اعتقال بعضهم البعض في قطاع غزة والضفة الغربية.
السلطة اتهمت حماس بمنع الاحتفال بانطلاقة فتح في غزة واعتقال المئات من كوادرها من الفتحاويين. وكالعادة نفت حماس ذلك... فيما اتهمت حماس السلطة باعتقال عشرات الحمساويين في الضفة الغربية. ما يشير الى تأزم العلاقة وتصاعد توترها الى حد خطير..
من ناحيته، الوزير حسين الشيخ وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح قال لتلفزيون فلسطين (ان الحوار إنقطع مع حماس وإصطدم بجدار) ورد قادة حماس بسرعة أن السلطة هي التي فقدت البوصلة.
لا جديد في الخلاف السياسي حتى الان. ولكن الجديد هو قدرة المجتمع الفلسطيني على تحمّل هذا الضغط المتواصل منذ ما يربو على 12 عاما. حيث أن هذه الخلافات صارت تأخذ طابع اجتماعي واقتصادي كبير يثقل على قلب المواطن ويسد الاّفق في وجهه. ومن السذاجة القول أن هذه الخلافات لن تؤثر بشكل مباشر على مناحي الحياة التعليمية والتشغيلية والعائلية.
وسائل الاعلام ومعها مواقع التواصل الاجتماعي لعبت وتلعب أسوأ دور يمكن توقّعه في إشعال الخلاف وتوتيره أكثر، ومنحت كل المنصات الممكنة لأصحاب الرؤوس اليابسة وأهملت كل صوت رشيد.
لم يعد انقساما. بل صار انفصالا غير معلن. إنفصال إجتماعي واقتصادي وسيكولوجي وإعلامي وتوظيفي طال جميع الحقول.
يفصلنا عن الفلسطينيين داخل الخط الاخضر جدار أطلق عليه عرفات اسم (سور برلين) في اشارة الى حتمية زواله. ويفصلنا عن القدس كتائب جيش وجواجز نار وحراسات مدجّجة. ويفصلنا عن غزة جرح كبير في القلب وطريق اغلقته الأجندات والنوايا السيئة.
لم يتبق كثيرا وسيضطر الجميع للهروب الى الامام.. الى إحتمالات لم تخطر ببالنا. اولها الانتخابات واّخرها القرارات التي لا مندوحة عنها.
في أصعب اللحظات وحين كانت القنابل تتساقط فوق رأس الفدائيين في العاصمة اللبنانية وتخلّى كل العالم عن الثورة الفلسطينية. كتب محمود درويش:

سال القلب سال ...

وهل تمدّدنا على الأطلال كي نزن الشمال بقامة الأغلال؟

مال الظلّ مال عليّ، كسّرني و بعثرني

وطال الظلّ طال...

ليسرو الشجر الذي يسرو ليحملنا من الأعناق

عنقودا من القتلى بلا سبب...

وجئنا من بلاد لا بلاد لها

وجئنا من يد ألفصحى و من تعب...

خراب هذه الأرض التي تمتدّ من قصر الأمير إلى زنازننا

ومن أحلامنا الأولى إلى... حطب