الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المشرعون من حماس يفقدون صوابهم

نشر بتاريخ: 11/01/2019 ( آخر تحديث: 11/01/2019 الساعة: 21:24 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

حتى اللحظة التي تم فيها التصويت على شرعية الرئيس الفسطيني ابو مازن من قبل اعضاء حماس في المجلس التشريعي كان لدي امل في ان تعود المياه السياسية الفلسطينية الى مجاريها لتروي الصمود الفلسطيني في عصر العواصف الذي ما زال يلقي بأوساخه على الجرح الفلسطيني الذي ما زال ينزف من طعنه بسكين بلفورية سامة في 2 نوفمبر سنة 1917.
اذ ومنذ ذلك الوعد المشؤوم لم يتوقف التآمر الدولي على الشعب الفلسطيني الذي ما زال صامدا لانه فعلا وليس محض خيال في انه شعب الجبارين حتى وان بهتت عن هذا الشعب هذه الصفة بفعل هذا التراكم الكمي لغبار التآمر الذي وصل الى حد الاستخدام في العلن لايادٍ عربية لا يمكن وصفها الا انها ايادٍ نجسة والتي لا بد لها من ان تقطع ولو بعد حين.
الانقلاب الحمساوي في سنة 2007 ما كان له ان يكون لولا دعم من هذه الايادي النجسة التي امدته بأسباب الامكانية وعوامل الاستمرار ليتحول الى انقسام تطور تدريجيا ووضع اولى لبناته الاسمنتية نحو الانفصال من اجل تحويل الحلم الحمساوي الى حقيقة وهو اقامة امارة اخوانية مغلفة بالراية الفلسطينية، وقد تجسد هذا الانفصال في لحظة تصويت مشرعي حماس بنزع الشرعية عن الرئيس الفلسطيني والذي لولا بقاءه رئيسا طيلة سنين ما بعد الانقلاب الحمساوي لانتهى المشروع الوطني الفلسطيني.
لهؤلاء المشرعين نقول ونذكر ان الرئيس الفسطيني لم يتم انتخابه من قبل اعضاء المجلس التشريعي وانما كان قد تم انتخابه من قبل ثلثي كل من له حق الانتخاب من ابناء شعبه نذكرهم بعد ان فقدوا صوابهم من جراء تصويتهم المذكور علما بانهم هم من فقدوا شرعيتهم في اليوم الذي انقلبوا فيه عسكريا على الشرعية الوطنية الفلسطينية، ومن باب التذكير ايضا نقول انه قد تم انتخاب الرئيس بهذه الاغلبية من شعبه في يناير 2005 بناء على برنامجه السياسي الذي لم يتراجع لحظة عن التمسك به وما زال متمسكا فيه ومنذ اللحظة التي انتمى فيها للثورة الفلسطينية هذا البرنامج اثمر دولة في عام 2012 وذلك على عكس المشرعين المذكورين الذين انحرفوا بمعدل 360 درجة في اللحظة التي خانوا فيها الامانة بانقلابهم على سلطتهم الشرعية الفلسطينية في يوليو 2007، علما انه كان من المفروض ان يقوم الرئيس في حينه بنزع الشرعية عنهم على اعتبار انهم اصبحوا مشرعين لاقليم متمرد.
كما ذكرنا في موقع اخر وكما ذكر غيرنا السلطة الوطنية الفلسطينية ومجلسها التشريعي هم ابناء شرعيين ليس فقط لاوسلو التي اوصلت حماس للحكم والتي تدعي حماس معاداتها وانما لمنظمة التحرير التي بنيت بالدم الفلسطيني والتي يرأسها نفس الرئيس الفلسطيني ابو مازن الذي كان له باع طويل في تعبيد الطريق لعودة اكثر من ستمائة الف فلسطيني من الشتات للوطن من خلال هذه الاوسلو في وقت انعدمت فيه كل الوسائل الاخرى واغلقت فيه كل الطرق وبعد ان كادت منظمة التحرير ان تشطب بقرار دولي وعربي بعد غزو الكويت وارهاصاته السلبية على منظمة التحرير وعلى المشروع الوطني الفلسطيني.
بيئة التدمير هذه التي احاطت بالمشروع الوطني الفلسطيني في ذلك الوقت هي الحاضنة التي ولدت فيها حماس والكل يعرف من احتضنها في حينه حتى تكبر لتكون بديلا عن منظمة التحرير والتي وللاسف لم تتراجع (حماس) يوما عن هذا المخطط الذي ما زالت توظف كل الممكن بل وكل المدمر من اجل تحقيقه، تارة بالعمليات الانتحارية وتارة بما اطلقت عليه جزافا صواريخ المقاومة والتي وللاسف وباحصاء سريع وملموس احدثت دمارا ماديا وسياسيا وديبلوماسيا للمشروع الوطني الفلسطيني اضعاف مضاعفة عما احدثته للمشروع الصهيوني الذي وعلى العكس نراه في حالة ازدهار بسبب الجهل الحمساوي، جهل فتح الباب على مصراعيه لما يسمى بصفقة العصر /القرن التي اثمرت سما باعلان القدس عاصمه لاسرائيل ومحاولة تجفيف مصادر حياة وكالة الغوث الانروا الحاضنه الدوليه والشاهد الدولي على جريمة اللجوء الفلسطيني الذي صنعته العصابات الارهابيه الصهيونيه اضافة الى سحب الاعتراف الديبلوماسي الاميركي بمنظمة التحرير.
وعليه وعود على بدء.. لم يعد ممكنا فعلا عودة المياه السياسية الفلسطينية في شقي الوطن الى مجاريها الا بنزع الشرعية عن حماس بعد ان فقد مشرعوها عقولهم وصوابهم وحان الوقت ليفيق كل من يعتقد من ان حماس عمود خيمة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين وان يعي هؤلاء ان حماس ما هي الا اخر اعمدة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الذي تم نزع الشرعية عنه بعد ان انكشفت كل اوراقه التي بدأت بشهادة عمالة بريطانيه في سنة 1928 وانتهت بتبني اميركي مكن هذا الحزب من اغتصاب مؤقت للحكم في مصر. 
حماس شاءت ام ابت تعاني من جهل مضقع في السياسة والحكم والا لكانت لجأت للشعب الذي احتضنها واوصلها للحكم في يناير 2006 وذلك بدلا من انقلاب مسلح اسالت بسببه دم فلسطيني اطهر من كل قياداتها التي تزعمت ذلك الانقلاب على الشرعية، والذي اثبتت من خلاله انها لم تنحرف قيد انملة عن برنامجها المعادي للمشروع الوطني الفسطيني من اجل بقائها في الحكم لغايه اخوانية الذي وللاسف استمد في بدايته شرعية ديمقراطية استمرت لغاية الانقلاب المذكور الذي تمكنت بسببه حماس من الاستفراد في الحكم بشرعية ديمقراطية عود الكبريت الذي يشتعل لمرة واحدة وهذا ما اكد عليه التصويت الصبياني لمشرعيها في التاسع من هذا الشهر بحق الرئيس عميد البيت الفلسطيني والذي سيبقى عموده الى ان يقول الشعب الفسطيني كلمته في الانتخابات القادمة التي لا شك عندي انه سيفوز فيها لو ارد ان يترشح وهي نفس الانتخابات التي لم يتوقف الرئيس الفلسطيني عن المطالبه بها وعلى مدار السنين الماضيه وهي التي وقفت حماس حجر عثره في طريقها لدرجه انني اصبحت مقتنعا بان حماس لن تشارك فيها لا سابقا ولا حاليا ولا لاحقا وذلك ليقين حمساوي بان الانتخابات صارت تشكل عداء وجودي لكيانها الاخواني في غزه تاج فلسطين.
وعليه فقد جاء اعتماد الرئيس لقرار حل المجلس التشريعي صادما لحماس التي رفضته والذي سترفضه حتى لو انه كان قرارا ربانيا مع انه في نظري كان كذلك من حيث واجب رد الامانات الى اهلها الذين هم في الحاله هذه الشعب الفلسطيني وهو ما فعله الرئيس الفلسطيني الذي قرر بحله للمجلس التشريعي ان يعيد امانة الانتخابات التشريعيه وقطعا الرئاسيه الى اهلها وبالتالي جاء اعتماده للقرار بمثابة القشه التي قسمت ظهر بعير المصالحه الحمساوي وانهاء الانقسام.
ختاما وبالرغم من كل ما ذكرت ما زلت في داخلي اتمنى ان اكون مخطئا بحق حماس وبالخصوص مشاركتها في الانتخابات وعودتها للحضن الفلسطيني وتوقفها عن صناعة بضاعه فاسده لا تليق بشعب الجبارين.