الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحسابات الصغيرة تفشل الأهداف الكبيرة.. لقاء موسكو نموذجا

نشر بتاريخ: 14/02/2019 ( آخر تحديث: 14/02/2019 الساعة: 10:34 )

الكاتب: بسام الصالحي

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني

القضية الأبرز في اجتماع موسكو تلخصت في رغبة روسيا الاتحادية بقطع الطريق على صفقة القرن من خلل ثلاث رسائل حاسمة: الأولى تتلخص في موقف صريح من صفقة القرن ورفض تغيير للمرجعيات الدولية لصالح التواطؤ الأمريكي الاسرائيلي بما في ذلك ما لهدف اليه مؤتمر وارسو من تغيير أولويات الصراع في المنطقة.
والثانية سحب الذريعة الاسرائيلية اساسا والتي نجحت في ترويجها لدى أطراف اخرى  ان الانقسام هو المعيق أمام تقدم العملية السياسية وانه بسبب ذلك فانه لا يمكن صنع السلام مع الفلسطينيين.
وأما الرسالة الثالثة وهي البند الأخير والأهم الذي ورد في مشروع البيان المقترح من الصديق الروسي والذي ينص على ان روسيا ستتحرك مع الأمم المتخدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية للعمل وفقا لهذا التفاهم الفلسطيني، اي ان روسيا ستقود تحركا دوليا في هذا الاتجاه وهدفه واضح ومحدد وهو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين وفقا للقرار ١٩٤ اي تطبيق قرارات الأم المتحدة ومرجعياتها في مواجهة المسعى الأمريكي الاسرائيلي لتبديد هذه المرجعيات.
ما كان للقاء موسكو ان يصطدم بذات التعقيدات التي تصطدم بها حوارات إنهاء الانقسام التفصيلية المعتادة في القاهرة، فروسيا ميزت دورها بوضوح عن الدور المصري الراعي الأساسي لإنهاء الانقسام وحصرته منذ لقاءات٢٠١١ بالمجال السياسي كجهد مكمل للجهد المصري.
وفي الحقيقة فان التضخيم في مساحة الاختلاف كان مفتعلا من البداية حتى النهاية خاصة وانه تم التوصل الى بيان حد ادنى متفق عليه، وان هذا التضخيم عند النظر الى النتيجة النهائية يثير مخاوف مقلقة في عدم تقدير مخاطر افشال الاستعداد الروسي لتوسيع حركته السياسية في الشأن الفلسطيني بل وإعاقة هذا الاستعداد.
يمكن فهم ذلك لو كان هذا لصالح حركة سياسية اكثر تاثيرا من قوى إقليمية او دولية حاسمة. اكثر من روسيا او لصالح برنامج اكثر عملية وتحشيدا من البرنامج المطروح في إطار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولكن عندما يكون الجواب لا هذا ولا ذاك فان النتيجة تخدم صفقة القرن التي لا يمكن إفشالها بمجرد تكرار الحديث عن ادانتها ورفضهاوانما في خلق ديناميات فلسطينية وعربية واقليمية ودولية لإفشالها.
الأسوا في كل ما جرى هو سهولة تنصل بعض القوى من البيانات السابقة والمواقف التي تم الاتفاق عليها من مثال بيان موسكو الذي اصدرته ذات الفصائل عام ٢٠١٧، وحتى من وثيقة الوفاق الوطني، وعدم الاستعداد للتعاطي بدأت المرونة مع ما سبق وان تعاطت به مع ذات القضايا في ظروف سياسية اقل خطورة مما هي عليه الان، او تغليب اعتبارات المناورة الفئوية كما حصل حتى الليلة الأخيرة على الاعتبارات الاستراتيجية والسياسية.
ان فشل موسكو اشد خطورة من اي فشل سابق خاصة عند ملاحظة القضايا الهامة التي أوردتها روسيا الاتحادية في مشروع البيان من مثال التمسك بحق المقاومة المشروعة والدفاع عن النفس ورفض وصم مقاومة شعبنا او اي من حركاته السياسية بالإرهاب كما حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل ولا تزال، والتأكيد على التصدي لقرار ترامب بخصوص القدس وللسياسة الامريكية في صفقة القرن وتغيير مرجعيات قرارات الامم المتحدة.
العزاء الوحيد أمام ما جرى هو ان مواقف القوى على أهمية إجماعها لا تلغي حقيقة وجود موقف مرجعي رسمي فلسطيني تمثله منظمة التحرير الفلسطينية رغم كل ما يمكن ان يقال عن متطلبات تعزيز دورها وأدائها وتوسيع المشاركة فيها كخلاصة للمصالحة، وان هناك مرجعيات معتمدة على الساحة الدولية من خلال قرارات الامم المتحدة بما فيها الاعتراف بدولة فلسطين وهي مرجعيات حامية أمام محاولات التفكيك المتواصلة من قبل امريكا وإسرائيل او أمام الخفة السياسية الداخلية، ومن ان روسيا رغم ما جرى أكدت تمسكها بمواصلة جهودها والتزاماتها الدولية بإقامة الدولة المستقلة على خدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية ومواجهة محاولات المس بذلك.