الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المبادرة العربية البديل لصفقة القرن

نشر بتاريخ: 16/02/2019 ( آخر تحديث: 16/02/2019 الساعة: 20:47 )

الكاتب: د.ناجي صادق شراب

إستنادا للتسريبات الإعلامية الموثقة عن صفقة القرن وما أعلن حول دولة فلسطينية على مساحة 85 إلى 90 من مساحة الضفة الغربية، مع بقاء الكتل الإستيطانية الكبرى، وبقاء القدس عاصمة لإسرائيل، وجزء فقط من القدس الشرقيه او تحديدا الأحياء السكانية العربية، وبقاء سيطرة إسرائيل الدينية بمشاركة أردنية وفلسطينية رمزية، مع عدم ذكر مستقبل غزة واللاجئين، هذه البنود مع مقارنتها بما جاء في المبادرة العربيه التي نصت على قبول إسرائيل دولة عادية وتطبيع كامل للعلاقات معها مقابل دولة فلسطينة كاملة، القدس الشرقية عاصمة لها، وحل عادل لمشكلة اللاجئين بالتوافق.
بالمقارنة نجد المسافات كبيرة بين صفقة القرن والمبادرة العربية. المبادرة العربية تعاملت مع مفهوم السلام الشامل، وصفقة القرن يبدو أنها تعاملت مع السلام المبني على القوة القائمة على الأرض. المبادرة العربية تبنت مقاربة حل الصراع من جذوره، واما صفقة القرن لم تخرج عن تبني مقاربة إدارة حل الصراع، بالإبتعاد عن جذور الصراع بل وشطبها دون توافق أو تفاوض.
المبادرة العربية تعاملت مع إسرائيل كدولة لها إحتياجاتها الأمنية وكدولة لشعبها، في حين تعاملت صفقة القرن مع لا دولة فلسطينية مجرد كيان سياسي هلامي يمكن أن يفسر او يتم التعامل كما يريد كل طرف، بعبارة أخرى تتكلم صفقة القرن عن دولة دون ان تحدد ماهية هذه الدولة وحدودها التي بقيت مفتوحة.
المبادرة العربية إنطلقت من مرتكزات الشرعية الدولية، اما صفقة القرن تقفز على اي ذكر للشرعية الدولية، بل توقم على إلغائها ببقاء الإستيطان، وبالقدس عاصمة لإسرائيل، وبإلغاء مشكلة اللاجئين... صفقة القرن كما تم إعلانها بطريقة غير رسمية وكبالون إختبار، وقياسا إستباقية لردود الفعل للأطراف المختلفة تعني إلغاء للمبادرة العربية، وللمطالب العربية للقبول بإسرائيل دولة عادية في قلب المنطقة العربية. ومن ثم إلغاء لأهم قرارات القمة العربية والتي تبنت المبادرة العربية، قيمة وأهمية المبادرة العربية انها ليست مبادرة دولة عربية واحدة، وبل هي مبادرة لكل الدول العربية التي وافقت في إطار قمة عربية، في حين صفقة القرن تعبير عن إرادة دولة واحده فقط، إنحيازها كامل لإسرائيل. والخلاف الآخر والمهم ان إسرائيل هي من صاغت صفقة القرن عبر الفريق الأمريكي الثلاثي جاريد كوتشنر وغرينلات وفريدمان. وهم يؤمنون بالصهيونية التي حكمت صياغتهم للصفقة. وهو ما يعني في التحليل النهائي رغم تحفظ إسرائيل مبادرة ورؤية لإسرائيل مقابل مبادرة عربية شاملة.
الأن السؤال كيف سيتم التعامل مع صفقة القرن؟ هل سيتم تجديد عرض المبادرة العربية؟ وهل سيتم رؤية جديدة لها؟ وعلى ماذا تراهن الولايات المتحدة في عرض مبادرة أيا كانت تسميتها وهي تعرف وتدرك الموقف المبدئي للطرف الفلسطيني وهى الأساس في القبول بالصفقة، وتدرك أيضا ان الدول العربية لا تملك أيا منها الإعلان رسميا عن قبولها بصفقة تلغي المبادرة العربية؟
وإبتداء تتطلب المبادرة قرارا من القمة العربيه كما تم الإعلان عن المبادرة العربية، فلا يجوز التعامل معها أحاديا. وثانيا ان صفقة القرن الهدف الأساس منها التسوية الإقليمية ومدخلها الرفض الفلسطيني المتوقع لما هو معروض، كما أشرنا اقل بكثير مما تضمنته المبادرة العربية. وثالثا قد تحتاج المبادرة العربية رؤية عربية تفصيلية وشاملة لماهية السلام الذي تسعى له الدول العربية وتحتاجه المنطقة، وليكن واضحا أن ثمن قبول إسرائيل دولة كاملة، ولها علاقات عادية هو في قيام الدولة الفلسطينية الكاملة أيضا وعاصمتها القدس الشرقية.
ويبقى أن صفقة القرن وهنا تكمن خطورتها أنها تؤسس للخارطة السياسية الجديدة والتي ستأتي بلا شك على حساب كثير من المرتكزات العربية، وأساسها ان إسرائيل مكون أساس رئيس في هذه الخارطة، هي تجديد لما عرف بالشرق الأوسط الجديد. فهل يقبل العرب ان يكون دورهم دور التابع في هذه الخارطة السياسية الجديدة؟!!.