الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

د.عمرو يخص معا بمقالة.. المشترك بين عرفات وياسين

نشر بتاريخ: 23/03/2019 ( آخر تحديث: 23/03/2019 الساعة: 13:09 )

الكاتب: د.نبيل عمرو

في فترة التحضير لتشكيل حكومة محمود عباس، نظم الدكتور زياد أبو عمرو لقاءً ضم رئيس الوزراء المكلف آنذاك ووزير الإعلام والناطق الرسمي المقترح، مع الشيخ احمد ياسين الرئيس الأعلى الروحي والسياسي لحركة حماس، بحضور عدد من مساعديه، وذلك في منزل الدكتور محمود الزهار.
في ذلك اللقاء الذي تم تحت دالية وارفة الظلال يفتخر الزهار بها لأنها خليلية المنشأ، تعرفت أكثر وعن قرب على ذلك الرجل الذي لو لم يقتله الإسرائيليون لما وقع الانقسام، او لو وقع في غفلة فلن يدوم، وفي السياسة ان كلمة "لو" تصلح لتسجيل الذكريات والامنيات ولا تمت للحقائق السياسية بصلة.
كنت اعرف ان الشيخ لا يحب وصفه بالزعيم الروحي للحركة الإسلامية فقط، ليس تنصلا من دوره المعنوي والأخلاقي في تأسيس وقيادة الحركة، بل لأنه يدرك لماذا قام بتأسيسها.
لم يخطر بباله ان تكون حركة دعوية بل سياسية براغماتية بامتياز، وكلمة الروحي فقط تعني ان المؤسس ذو صلة ارشادية في الشأن السياسي وليس صاحب قرار.
قدم الشيخ لرئيس الوزراء المكلف آنذاك كل الدعم المعنوي والسياسي وما يتطلبه إنجاح حكومته من تعاون.
رجاله الذين كانوا حوله في ذلك اللقاء ومن ضمنهم صقر الصقور عبد العزيز الرنتيسي، تقدموا بطلبات محددة، كانت من النوع المقدور عليه مثل الافراج عن عدد من المعتقلين وإعادة فتح مكاتب بعض المؤسسات التي أغلقت، مع امو اخرى من هذا القبيل، كان تقويمنا لها في حينه انها يمكن ان تتحقق بجرة قلم.
الشيخ ياسين وحين سمع ما قاله رجاله استدرك قائلا: ان هذه الطلبات المتواضعة ليست شرطا للدعم والتعاون، قال ذلك لكي لا يسجل عليه انه منح موقفا إيجابيا من حكومة إشكالية لقاء بعض الطلبات الثانوية، تعهد أبو مازن بالعمل على تلبية هذه الطلبات، وكان صاحب القرار في هذا الشأن هو ياسر عرفات وبالفعل عرض الامر فيما بعد على رئيس السلطة فكان تجاوبه معقولا.
في ذلك اللقاء انتقلنا الى أمور متفرقة، كانت مشاركته وردود افعاله على ما يسمع، تنم عن شخصية إيجابية، يضحك بابتسامة صامتة حين يسمع مفارقة، ويعقب بجمل مقتضبة مؤيدا او مصححا فكرة قيلت، ويصمت حينما يذهب غلاة الواقعية السياسية في طرح اجتهاداتهم المخالفة، خشية ان يلزم نفسه بما لا يرضى عنه.
كان سياسيا من طراز مميز، بوسعك التأكد من ذلك حين تعيد قراءة تصريحاته في جميع لقاءاته مع الزعماء العرب الذين زارهم بعد الافراج عنه، كان رغم اختلاف المنطلقات والمفردات يشبه ياسر عرفات في أداء ديبلوماسية المدح والقبل.
تعالوا نختصر القول بكلمات قليلة، ولامناص هنا من استخدام مفردة "اللو".
لو كان عرفات واحمد ياسين على قيد الحياة قبل اثني عشر سنة فهل يقع الانقسام؟
بيقين أقول لا ولكن بكل اسف في علم السياسة والحقائق فلا مكان لكلمة "لو".
اعرف كسياسي ان ظاهرة الفرد في التأثير المباشر وحتى الحاسم على القرارات هي ظاهرة متكرسة، فإذا كانت في الكيانات الحديثة محدودة بفعل قيود الدساتير والقوانين والمؤسسات، إلا انها في العالم الثالث ونحن من اعضاءه هي المؤثر الأول والأخير في صنع القرارات وفرض السياسات، وهذا يقودني الى استنتاج أخير.
" كأن الاقدار انتظرت غياب الرجلين عرفات وياسين كي يقع ما وقع".