الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حكومة اشتيه.. والمهمات الصعبة

نشر بتاريخ: 13/04/2019 ( آخر تحديث: 13/04/2019 الساعة: 18:48 )

الكاتب: بهاء رحال

بداية لا بد من القول أن فتح قدمت وزراء التكنوقراط في فترات الرخاء وولتهم الحكم وأحوال الناس، وعند الشدائد تقدمت هي لتتولى المهام التي لا يخفى على أحد مقدار صعوبتها في ظل الواقع الدولي الجديد والسياسة الأمريكية التي أعلنت العداء للشعب الفلسطيني وقيادته، وحكومة اليمين المتطرف الذي يسعى لهدم أركان وركائز ومقومات الدولة الفلسطينية المنشودة.
كما لا بد من القول أن فتح وفرت حصانة كبيرة وحاضنة وحامية دائمة لكل الحكومات المتعاقبة خاصة ما بعد الانقسام، وتحملت كل الأخطاء والممارسات الحكومية ولم تكن تتدخل في خطط وبرامج ومناهج الوزارات مجتمعة، بل بقيت تتلقى وابل الاتهامات وتتحمل انتقادات الخصوم والأصدقاء وهي على ذات العهد الذي قطعته أن لا تتدخل في عمل حكومات الاختصاص من الأكاديميين والمختصين الذي تولوا عرش الوزارات لسنوات طويلة. ولأنها صاحبة المشروع كما تقول في كل مناسبة، وجدت نفسها مضطرة على تولي زمام الحكومة القادمة لمواجهة التحديات الراهنة والوضع المعقد الذي فرضته اجراءات وسياسات الاحتلال الاسرائيلي والإدارة الأمريكية التي تدفع بكل ما أوتيت من جبروت لتنفيذ صفقة ترامب التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية برمتها وتتناغم مع مخططات الاحتلال الاسرائيلي وتتساوق والمشاريع التوسعية الاستيطانية التي تهدف أيضاً لوضع خريطة جديدة للمنطقة. خريطة تقسيم المقسم وتجزئة المجزء، بالتزامن مع بسط هيمنة فاضحة وواضحة على كل المحافل الدولية والهيئات الأممية، بموازاة تعدياتها على قرارات مجلس الأمن الدولي سواء المتعلقة بالقدس أو بالجولان العربي السوري المحتل.
حكومة قادمة تحمل أثقالها كما تحمل وزر وأخطاء السالفين، وسط ما يعصف بها من حصار مالي واقتصادي وسياسي، لكنها وإن أقسمت اليمين الدستوري فلا فرار لها من مواجهة كل ما يعصف بالحالة الفلسطينية من تحديات ومخاطر تتعرض لها القضية الفلسطينية، وهذا يجعلها كمن يواجه ريح عاتية على قمة جبل عالٍ، ولهذا فان رفع سقف التوقعات ليس في صالحها تماما، كما أنه ليس في الصالح العام الذي وسط حالة الضباب التي يعيشها يأمل في أن تحمل الحكومة القادمة بريقا من نور وأن تمنحه بعض مقومات الصمود في وجه التحديات، لهذا ومن خلال متابعتي للتصريحات التي يدلي بها الدكتور محمد اشتيه، فإن الرجل واعياً ومدركاً لأهمية التضامن الشعبي بكل الأطياف والأحزاب وأهمية ايجاد تناغم كامل بين حكومته وبين الشعب الذي هو مصدر السلطات، ومن خلال تصريحاته أيضاً نستطيع أن نتنبأ شكل الحكومة القادمة التي يريدها، حكومة قريبة من الشعب، قريبة من مؤسساتنا الوطنية والشعبية، وقريبة من المواطن، وهذا ما نتطلع له في تشكيل الحكومة الجديدة، فنحن لا نحتاج إلى وزراء يعانون من حمى المواكب وأمراض المرافقين والشكليات والتعالي الغبي، ولا نحتاج إلى وزراء يجلسون في بروج مشيدة وفي مكاتب أبوابها مغلقة، ولا نريد حكومة مهتمة بالبذخ الشخصي وهدر المال العام، بل نريد حكومة وطنية بامتياز، فقيرة كحال الناس، صادقة كضمائر الناس، بسيطة ومتواضعة ولا نريد منها إلا أن تتلمس هموم ومشاكل الناس وتسعى بما أوتيت لحلها، وهذا ممكن وليس بالأمر الغريب أو المستحيل.
هذا ما نريد، حكومة لا تعاني من اضطرابات في السلوك، صادقة حتى في الفشل، وأن لا تدعي شيئاً من بطلان يزول، وهذا ما يريده المواطن الفلسطيني منك يا دكتور اشتيه، حكومة صادقة، تحارب كل من يسطو على المال العام وكل من سطا عليه، وأن تضع على سلم أولوياتها الاصلاح في المجال الطبي والتعليمي، تماما مثلما نريدها، حكومة صامدة ونحن معها في مواجهة الغطرسة الاسرائيلية والعنجهية الأمريكية والتآمر من بعض الأطراف الدولية والإقليمية.