الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نظرة على انتخابات جامعة بيرزيت

نشر بتاريخ: 18/04/2019 ( آخر تحديث: 18/04/2019 الساعة: 17:40 )

الكاتب: محسن ابو رمضان

تاريخياً ولاعتبارات عديدة منها الأقدمية، وتركز قيادات الحركة الطلابية بها وقربها من قيادة الحركة الوطنية في رام الله ، وصعود العديد من قادتها الطلبة إلى مصاف قيادية عديد بالمجالات السياسية والأهلية والنقابية والتنموية ، فإن انتخابات مجلس طلبتها يشكل مصدر اهتمام كبير للمهتمين بالشأن العام ، كما تشكل نتائج هذه الانتخابات مؤشراً هاماً على توازنات القوى السياسية بالمجتمع الفلسطيني إلى حد كبير .
أظهرت نتائج الانتخابات الاخيرة لمجلس الطلبة والتي فازت به كتلة الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح بأغلبية بسيطة وبفارق 68 صوتاً علماً بأنها تقاسمت هي وكتلة الوفاء الاسلامية التابعة لحركة حماس ذات العدد من المقاعد وهو 23 مقعد لكل منهما أي بنسبة 45 % من عدد المصوتين لكل منهما وذلك بالاستناد إلى قانون التمثيل النسبي الذي تعتمده الجامعة منذ أكثر من عقدين من الزمان ، الأمر الذي يعكس استمرارية سيطرة حركتي حماس وفتح على المشهد الطلابي وبالتالي السياسي بالمجتمع الفلسطيني بوصف انتخابات بيرزيت تشكل مرآة عاكسة بصورة كبيرة للخارطة الحزبية والسياسية للمجتمع والنظام السياسي كما أسلفنا .
وبالوقت الذي تعكس نتائج الانتخابات حالة الاستقطاب الحاد بين القوتين الرئيسيتين فتح وحماس فإنها تعكس في ذات الوقت ضعف القوى الديمقراطية وبتفاوت نسبي ، حيث حصلت كتلة القطب الديمقراطي التابعة للجبهة الشعبية على 5 مقاعد أي بنسبة 10% تقريباً من عدد المصوتين بالوقت الذي لم تجتاز كل من كتلة اتحاد الطلبة التابعة لحزب الشعب وكتلة الوحدة الطلابية التابعة للجبهة الديمقراطية نسبة الحسم.
وإذا كانت نتائج الانتخابات تشير إلى ضعف القوى الديمقراطية فإنها تشير في ذات الوقت إلى استمرارية تشرذمها وعدم نجاحها حتى بعد الاعلان عن تأسيس التجمع الديمقراطي الذي يضم القوى الديمقراطية الخمسة " الجبهة الشعبية ، الجبهة الديمقراطية، حزب الشعب، المبادرة الوطنية ، فدا " وبعض الشخصيات المستقلة ، علماً بأنه كان من المنطقي وبعد الاعلان عن تأسيسه ان تخوض هذه القوى الانتخابات موحدة حتى تستطيع كما تقول أدبياتها ان تشكيل تياراً ثالثاً يشق مجرى جديد ويساهم في خلق التوازن وكسر حدة الاستقطاب بين القوتين الرئيسيتين .
صحيح انه حتى لو توحدت قوى التجمع الديمقراطي في الانتخابات الطلابية فإن الفرق الكمي لصالحه سيكون محدوداً وربما بفارق مقعد آخر اضافي ولكن الصحيح كذلك يشير بأن الوحدة ربما تساهم باستقطاب بعض العناصر والكتل العائمة التي لا تحسم امورها والتي سئمت الاستمرار بحالة من الاستقطاب الثنائي وتريد تياراً آخر يساهم في خلق التوازن بالمجتمع .
ومن الهام الاشادة بإجراء الانتخابات الدورية في كافة جامعات الضفة الغربية الأمر الذي يجب ان يحفز حركة حماس على الدفع باتجاه اجرائها في جامعات القطاع ايضاً وفق قانون التمثيل النسبي ، لتشكل الانتخابات بالأطر الطلابية وغيرها من الأطر النقابية تمهيداً للانتخابات العامة.
وإذا أردنا سحب نتائج الانتخابات على بنى النظام السياسي وتمثيل القوى به فإن الاستنتاج الرئيسي يكمن بأهمية إعادة تشكيل وهيكلة بنى ومؤسسات وأطر النظام السياسي عبر تجاوز آليات الكوتا والاعتماد على الانتخابات الدورية لاطر المنظمة والسلطة لتعكس حقيقة حجم القوى على الارض وليس وفق آلية قانون الاستمرار القديم الذي كان يعتمد على اسس المحاصصة والكوتا الفصائلية التي تقادمت واصبحت غير صالحة للواقع الراهن.
فمن غير المنطقي ان يكون لبعض القوى التي لم تتخطى نسبة الحسم بالانتخابات وكذلك بعض القوى التي لم تستطع اساساً من تشكيل كتلة طلابية للمنافسة بها أن يكون لها ممثلين بالهيئات القيادية لشعبنا مثل اللجنة التنفيذية ، وقوى اخرى ذات حضور ونفوذ جماهيري وازن ومؤثر غير ممثلة بها.
وعليه فلا بد من اعادة تشكيل بنى النظام السياسي واطره وهيئاته على قاعدة جديدة عنوانها الانتخابات وان تعذر فليتم اعتبار نتائجها مؤشراً للتوافق الديمقراطي وذلك باتجاه إعادة هيكلة بنى النظام على قاعدة تشاركية وديمقراطية.