الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

خطة تفكيك الصراع وتمرير الصفقة

نشر بتاريخ: 20/07/2019 ( آخر تحديث: 20/07/2019 الساعة: 11:48 )

الكاتب: د.هاني العقاد

لم يتخل فريق ترامب للسلام في الشرق الاوسط عن خطته المشؤومة حول حل الصراع الطويل في المنطقة برغم الاخفاقات والفشل المتوالي لمحاولاتهم التي ركزت في عمقها جر الفلسطينيين الى الغرفة كما يقولون وادارة مفاوضات بينهم وبين الاسرائيليين دون اسس ودون مرجعيات حقيقية اقرتها المرجعيات الدولية، ولم يتخل الفريق ولا الادارة الامريكية عن الصفقة او حتى بعض بنودها التي لم تعلن حتى الان الا ان اكثر من نصفها تم تطبيقه على الارض، ولا اعتقد انهم يتخلون عن ما تم تحقيقه من انفتاح عربي اسرائيلي غير مسبوق والذي سيبنوا على اساسه ليقطع العرب اكثر من نصف الطريق ويدشنوا علاقات استراتيجية مع الكيان الصهيوني. ولا اعتقد ان يستسلم الفريق الامريكي لمجرد مقاطعة الفلسطينيين مؤتمر المنامة وعدم التعاطي مع اي افكار امريكية طرحت هناك ولا اعتقد ان هذا الفريق سيكف عن محاولات السعي والبحث عن طرف فلسطيني ولو بالاسم يستكمل فيه تمرير الصفقة وما يتعلق من بنود فيها بالشأن الفلسطيني ليظهر للعالم ان الفلسطينيين يريدون ان يتعاطوا مع خطتهم الا ان المستوى الرسمي الفلسطيني يخيفهم. ان فشلوا اليوم في سحب الفلسطينيين الى الغرفة اعتقد انهم سيحاولون بطريق اخر من خلال الحصار المشدد وترك مخرج واحد يؤدي مباشرة الى الطاولة مع الاسرائيليين.
الصفقة لم تنجح ولم يكتب لها الحياة لان الفلسطينيين لم يقتنعوا بها ولم يجدوا فيها شيئا يحقق احلامهم الوطنية في دولة كاملة السيادة مستقلة والقدس العاصمة وهذا مهم لكنهم يضعون رفض الفلسطينيين خلف ظهورهم الان ويعكفون على توظيف كثير من العناصر لتمرير الصفقة وخاصة بعد اعلان القدس عاصمة لاسرائيل دون اعتراض عربي حقيقي ويركزون علي تفكيك عناصر الصراع واستبدال مصطلح الصراع بنزاع فلسطيني اسرائيلي ويعرفون المناطق المحتلة كمناطق متنازع عليها والاخطر من هذا كلة انهم استطاعوا شطب مبادرة السلام العربية بالكامل ولم يعد منها سوى الاسم وبالتالي باتت شيئا من الماضي، وبدأوا يتعاملون مع مبدأ حل الدولتين كشعار يصعب تطبيقه واستبدلوه بمصطلح اخر يركز على ايجاد حلول تعتمد الكيانات الاقتصادية دون سيادة على الارض او هوية فلسطينية سيادية، ولعل فريق ترامب الان يكرس بالغ جهده لعزل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي، ولعلهم الان يعكفون على تفكيك قضية اللاجئين ووضعوا خطط التوطين ورصدوا الاموال واصبحوا يتعاملون مع قضية اللاجئين الفلسطينين على انها قضية منتهية بمنح حق العودة لبعض اللاجئين الى حدود غزة الكبيرة، كل هذا يجري وجامعة الدول العربية تعيش حالة صمت غريبة وغير مفهومة يهدد دورها في رعاية القضية الام وهي قضية فلسطين والزام العرب بالحل على اساس مبدأ السلام مقابل الارض، ولعلي بت اخشى ان تحمي جامعة الدول العربية مبدأ حل الدولتين وتبقيه حيا قابلا للتطبيق وكذلك حماية كافة قرارات الشرعية الدولية ومجلس الامن من الانتهاك فيما تتشكل الان حالة عربية تؤمن ان لا تهديد صهيوني للامة العربية مقابل التهديد الايراني، وبهذا تدفع بمزيد من الادوار الامريكية في المنطقة علي حساب القضية الفلسطينية وتصفيتها بالطريقة التي تحلو للصهاينة وتحقق لهم مشروعهم الكبير في دولة يهودية تمتد من النيل الى الفرات.
اما على المسرح الفلسطيني فان فريق ترامب يبحث عن بعض العرابين والوكلاء ان لم يكن قد وجد بل تطوع الكثير من الساقطين للعمل معه بالمجان على امل في وعد برئاسة الكيان الاقتصادي الفلسطيني الجديد وسوف يبرمج هذا الفريق معه سراً الى حين ان تاتي فرصة الظهور والحديث بروح وطنية تسلب لب البسطاء، سيعمل فريق ترامب في الخطوة القادمة على استصدار اعلان امريكي من قبل ترامب يقضي باعتراف الولايات المتحدة الامركية بالسيادة الاسرائيلية على المستوطنات بالضفة الغربية وسكانها واعتبارها مدن واحياء اسرائيلية وبذلك يكون قد مرر اكثر من 80% من الصفقة برغم رفض الفلسطينيين وعدم موافقتهم ليصبحوا في وجه الحائط ويقبلوا فيما بعد بالوقائع على الارض ويقبلوا بالخارطة الجيوسياسية الامريكية الجديدة للصراع ويقضي الاجراء الامريكي الاسرائيلي باجبارهم على التعاطي مع الخطوط النهائية للصفقة وهو ربط كياناتهم الاقتصادية بخطوط مواصلات برية وبحرية وجوية لتنتهي الصفقة ويعلن بالتالي نجاح ترامب التاريخي في حل الصراع الذي فشلت في حله كثير من الادارات الامريكية على مدار التاريخ .
قد يعتبر البعض هذا الحديث خيالا سياسيا لا اساس له من الصحة لكن لو دققنا تفحص الحالة والمشهد العربي والعلاقات الامريكية العربية من ناحية، والعلاقات العربية الاسرائيلية من ناحية مقابلة وربطنا كل هذا بالتغيرات السياسية في المحيط العربي واستمرار المشهد الفلسطيني المهترئ والانقسام، لوجدنا ان الذي يحدث الان سببه نجاح فريق ترامب في عزل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي واحداث حالة انفتاح عربي علني على اسرائيل لتحقيق تطبيع رسمي وعلاقات ثنائية بين معظم الدول العربية واسرائيل بعيدا عن اي روابط بالقضية الفلسطينية او اي خشية على ثوابت القضية الفلسطينية، ودون قرار عربي جامع يسمح لهم بهذا لانهم اسقطوا كل الثوابت بمجرد ان صمتوا عن كل اجراءات تفكيك الصراع وما اعلان العلاقات الثنائية سوى مسألة وقت توظف فيها كافة عناصر الحالة للاعلان عن هذه العلاقات لتقبلها الشعوب ويعتبرونها نتاج جهد عربي مثمر اوجد حلا ابداعيا للصراع الطويل والمرير .