السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحلتي..

نشر بتاريخ: 07/08/2019 ( آخر تحديث: 07/08/2019 الساعة: 13:07 )

الكاتب: خالد جميل مسمار

الحلقة الثامنة
في احد صباحات ذلك الاحتلال استيقظنا على اصوات الناس وهي تزف نبأ انسحابهم من المنطقة وخلو الشوارع من القدم الهمجية.. أخد الناس يتفقدون بعضهم البعض ويحاولون ترميم وتنظيف ما خلفه الجنود الصهاينة الذين فجروا الكثير من ابواب الشقق الغائب ساكنوها وعاثوا فيها خرابا وفسادا حتى ان بعض جنودهم كانوا يتغوطون, بكل وقاحة وقذارة, على ارضياتها دون استعمالهم دورات المياه! أو يتركون صنابير المياه مفتوحة لتغرق سجاد الشقق او الموكيت حتى يفسد ويضطر صاحب الشقة الى تغييره.
وفي هذه الاثناء فوجئت بالمرحوم خالي ابو زياد (كمال مسعود ابو زينة) وزوجته رحمهما الله قادمين من رام الله التحتا ومعهما ما لذ وطاب من طعام ساخن افتقدته طيلة احتلالهم لشقتي والعمارة التي اسكنها.. وكانت لفتة طيبة من خالي العزيز وزوجته رغم تقدمهما في السن.. فهكذا هو شعبنا الفلسطيني وقد لمست ذلك ايضا من جيراني في العمارة فتحي الحوراني رحمه الله واسرته الكريمه وايضا اشقائه الذين استضافوني في منزلهم القريب من منزلي كوني كنت وحيدا في شقتي المحتلة مواساة وحماية لي خاصة ناصر الحوراني وأسرته.
ذهبت لأتفقد مكاتبنا في هيئة التوجيه السياسي والوطني في أم الشرايط التي كانت محتلة من قبل جنود الاحتلال طيلة وجودهم في رام الله والبيرة لأجد انهم سرقوا محتويتها من أجهزة كمبيوتر وكاميرات ودمروا كل شيء فيها .. اما مكتبي فكان في الطابق العلوي وهو مشرف على ما حوله لذلك كان مركزا لمدفع رشاش ثقيل مصوب باتجاه العمارات المقابلة والغريب انهم, كما شاهدت, افرغوا رصاص حقدهم على صورة القائد الرمز ابو عمار المعلقة فوق مكتبي ورصاصتين في عينيه! وفيما بعد رأى العالم كله ما جرى في العام 2007 عندما قامت حماس بانقلابها في غزة واقتحمت (جحافلها) مقر الشهيد ابو عمار وداست أقدامهم الهمجية صورته وحطمتها! أليست مقارنة ساخرة ومأساوية؟! خاصة انهم انزلوا العلم الفلسطيني وداسوه بأقدامهم امام كاميرات العالم! هذا العلم الذي استشهد الكثيرون من شباب وفتية غزة على وجه خاص وهم يرفعونه على اعمدة الكهرباء وفي تحدٍ لجنود الاحتلال الصهيوني!
عادت قوات الاحتلال مرة اخرى واستباحت كل مدن الضفة الغربية وجرت اشتباكات واسعة في مخيم جنين الذي اطلق عليه الرئيس الراحل ابو عمار "جنين غراد" على غرار "ستالين غراد" التي قاومت الجيش الالماني زمن هتلر وتم حصار مقر ابو عمار في المقاطعة في رام الله ثم تدمير كل مبنى من مباني المقاطعة واحدا تلو الآخر والعالم يتفرج ! تذكرت عندها حصارنا في بيروت وحصار عاصمة عربية من قبل قوات شارون نفسه الذي يحاصر ابو عمار في المقاطعة, والعالم يتفرج ! وبقي ابو عمار صامدا في عرينه معلنا: شهيدا شهيدا شهيدا. الى ان تمكنوا منه عن طريق السم.
قبل ذلك وقبل استشهاده، قرر ابو عمار فرزي للعمل في المجلس الوطني الفلسطيني، كوني عضوا فيه، وانتقلت للعمل في عمان لدى أحد قادة حركة فتح المؤسسين عضو اللجنة المركزية ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأخ ابو الاديب (سليم الزعنون) الذي رحب بي وسلمني مهام كبيرة كمسؤولية ملف برلمانات الدول الاسلامية في اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي التي تضم مجالس اكثر من خمسين دولة بالاضافة الى رئاستي للجنة السياسية في المجلس الوطني الفلسطيني.