الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

غرينبلات لا يعرف سبب رفض الفلسطينيين لصفقة القرن

نشر بتاريخ: 08/08/2019 ( آخر تحديث: 08/08/2019 الساعة: 11:09 )

الكاتب: سمير عباهره


لم تنجح الضغوط التي مورست على القيادة الفلسطينية لاقناعها بقبول صفقة القرن فقد تعرض الفلسطينيون لضغوط شديدة وصلت الى حد التهديد احيانا لحملهم على القبول بتلك الصفقة التي تهدف الى اخراج الفلسطينيين من معادلة الصراع بل والعمل على تصفية القضية الفلسطينية من خلال تمرير الحلول وفق الرؤيا الاسرائيلية التي تتنكر للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.
المبعوث الامريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات يتساءل عن سبب رفض الفلسطينيين لما يسمى بــ "صفقة القرن" ويدعوهم الى ضرورة التخلي عن فكرة "الرفض القاطع" لهذا المشروع الامريكي ويزيد من "استغرابه" بالتساؤل كيف يرفضون و"لم يطلعوا عليها" بعد وطالب القيادة الفلسطينية الى "عدم رفض الخطة واظهار الرغبة في حوار ذات معنى مع اسرائيل".
من الصعب تثبيت ادعاء غرينبلات بعدم وضوح الرؤيا حول صفقة القرن والتي اتضحت خطوطها العريضة من خلال محاولة الولايات المتحدة فرض سياسة الاملاءات وادعاءها بأن ذلك سيؤدي الى استقرار الساحة السياسية في المنطقة لكن الهدف الاساسي هو حماية المصالحة الحيوية لاسرائيل. اخراج موضوع القدس واللاجئين من معادلة الصراع كانتا سببا رئيسيا في رفض صفقة القرن وكانت الادارة الامريكية تهدف الى انحسار القضية الفلسطينية في زاوية سياسية معينة وان القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة من نقل سفارتها الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل ووقف مساعداتها للاونروا بهدف شطب حق العودة للاجئين هي جزء من استراتيجية الولايات المتحدة لازاحة تلك المطالب الفلسطينية عن طاولة المفاوضات وعندما يطالب غرينبلات بــ "حوار ذات معنى مع اسرائيل" فماذا بقي للحوار وماذا بقي للتفاوض عليه مع اخراج المسائل الاكثر سخونة في معادلة الصراع.
صفقة القرن ولدت ميتة من وجهة النظر الفلسطينية لانها لم تأخذ في الحسبان انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها عام 1967 واقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وهذا هو الحدنى المطلوب فلسطينيا واحد الشروط الرئيسية لقبول صفقة القرن وتبعاتها الاخرى المتمثلة بعودة اللاجئين وترسيم الحدود.
السياسة التي تتبعها الولايات لتمرير صفقة القرن تتعارض كليا مع المفاهيم الاساسية للتسوية وان الدور الامريكي المنحاز لاسرائيل والبعيد عن التوازن من المؤكد انه سيواجه تحديات باستمرار رفض الفلسطينيين لصفقة القرن وخاصة بعد التسريبات التي اعلن عنها بمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا.
التسوية السياسية يجب ان تشمل كافة مناحي الصراع وهي تحقيق الدولة الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهو هدف متفق عليه عربيا وفي الامم المتحدة وحل قضية اللاجئين وجميع القضايا النهائية على اساس الشرعية الدولية. وبهذا يجب قراءة الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن الذي يحمل رسالة الى الراي العام الاسرائيلي والدولي والاقليمي للكف عن الاستخفاف والعبث بمصير الشعب الفلسطيني.