الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأونروا.. من واقع الأزمة

نشر بتاريخ: 20/08/2019 ( آخر تحديث: 20/08/2019 الساعة: 10:58 )

الكاتب: عماد عفانه

واجهت الأونروا أزمة مالية العام الحالي لكنها أقل صعوبة من السنة الماضية، بالرغم من خسارة 350 مليون دولار أمريكي من منحة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نجحت الأونروا السنة الماضية بتعويض العجز من بعض بتبرع من بعض الدول.

42 دولة ومؤسسات من الإتحاد الأوروبي قامت بدعم موازنة الأونروا في عام 2019 فأضحت أفضل من العام الماضي، كما عملت الأونروا على توفير 92 مليون دولار من مصاريف مناطق العمليات الخمسة وبعض الأموال من موازنة نداء الطوارئ.

صحيح أن الأونروا نجحت في تخطي الأزمة لكن ذلك كان على حساب تقليص عقود البطالة ووقف بدل الإيجار للعائلات المهدمة بيوتهم في حرب 2014، وعلى حساب عدد من الموظفين الذين تم فصل عدد منهم وتحويل البعض الآخر إلى الدوام الجزئي، حيث أبقت الأونروا على الشواغر من بعض الموظفين المتقاعدين، مع العلم أن القوى العاملة لدي الأونروا لم تزداد.

يبدوا أن إدارة الأونروا تشعر بالفخر لعدم اضطرارها لإغلاق مدارسها المزدحمة وعياداتها المكتظة أمام الطلاب والمرضى رغم النقص في عدد القوى العاملة لديها، علما أن الأونروا لا تزال بحاجة إلى 150 مليون دولار أمريكي لاستمرار عملها إلى نهاية العام.

وستصبح الأونروا في منتصف نوفمبر القادم على أبواب تجديد انتداب الأونروا من قبل الأمم المتحدة لثلاث سنوات قادمة، مع وجود هجمة شرسة من دول متعددة ضد عمل الأونروا وخدماتها، وأهمها المبعوث الأمريكي غرينبلات الذي هدد الأونرو ا في جلسة مجلس الأمن متهما إياها بأنها مؤسسة فيها خلل ويجب إنهاؤها، ما يفسر ربما الاتهامات المفاجئة للأونروا بالفساد الأمر الذي تبعه حجب عدد من الدول الأوروبية تمويلها عن الأونروا.

في الحقيقة الهجمات غير موجهة إلى الأونروا كمؤسسة من أهم المؤسسات الدولية التي ترعى اللاجئين فحسب وإنما تستهدف قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل أساس، حيث تعيش الأونروا تحت ضغط كبير بعد سعي "إسرائيل" لطردها من القدس.

ولكن هل هناك ارتباط بين إقالة حكم شهوان مدير المكتب التنفيذي للأونروا من منصبه واتهامات الفساد التي طالت الأونروا في أعقاب ذلك، الأونروا من جهتها قالت أن سبب إقالته هو سوء إدارة قام به، في أعقاب تحقيق داخل أروقتها، حيث أكد المفوض العام للأونروا روبرت تيرنر أن التحقيق ما زال جارياً ولم ينتهي ولم يصل إلى خلاصة بعد.

كل ما سبق يؤكد أن الأزمة المالية التي تمر بها الأونروا هي أزمة سياسية، وأن استهداف الأونروا هو استهداف لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فالأونروا هي جزء من قضية الفلسطينية ويحرص الفلسطينيون على الحفاظ على استمراريتها، وتنتابهم المخاوف في اعقاب نجاح الاحتلال في طرد الأونروا من القدس.

ما يثير التساؤلات ربما عن مدى تمكن الأونروا من تحويل موازنتها لتصبح جزء لا يتجزأ من موازنة الأمم المتحدة عوضا عن خضوعها للضغوط من الدول التي تتبرع لها بالمنح المالية كل عام، وهو الأمر الذي لا تمل جميع الجهات والمؤسسات المعنية بقضة اللاجئين الفلسطينيين من الدعوة إليه.

جدير بالذكر أنه إذا تم تجديد انتداب الأونروا لثلاث سنوات قادمة فهذا يعني أنه سيتم توفير الموازنة اللازمة لعملها، وهو جهد مقدر للأونروا في توفير وتغطية العجر.

جدير بالذكر أن موازنة الأمم المتحدة تبلغ نحو 6 مليار دولار أمريكي تصرف منها على الأمن والغذاء وملفات أخرى ومن بينها ملف الأونروا.

ومن غير المتوقع موافقة الأمم المتحدة على ادخال الأونروا في موازنتها إلا بعد زيادة تبرع دول الأعضاء بمبلغ ومقداره 2.2 مليار دولار.

علما أن هذه الفكرة تم طرحها في عام 2017 لكنها قوبلت بالرفض بالرغم من جهوزية دول الأعضاء لدفع الموازنة الإضافية !.

ويسود الاعتقاد على نطاق واسع أن الأونروا لا تستطيع أن تتحكم في ميزانية الموظفين الدوليين أو توفير المبالغ منها قبلهم لأنهم يتبعوا الأمم المتحدة مباشرة، وهذا يشمل أيضا المصاريف التشغيلية لهم، حيث أن موازنة الأونروا مبنية على المدخول وليس على الاحتياج.

جدير بالذكر أن اللجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين تقوم بجهد موازي لدعم الأونروا عبر تنظيم سلسلة من المؤتمرات الشعبية في المخيمات الثمانية في قطاع غزة لتسمع العالم صوت اللاجئ ومعاناته ومطالبة وحقوقه.

إلا أن ذلك لا ينفي حاجة اللاجئين الفلسطينيين إلى تطمينات وتوفير مسلتزمات المعيشة الحساسة والضرورية لهم من بينها الصحة والتعليم والتدريب المهني في ظل زيادة في نسبة البطالة.