السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

السفر أقل كلفة من البقاء في الأردن

نشر بتاريخ: 25/08/2019 ( آخر تحديث: 25/08/2019 الساعة: 15:33 )

الكاتب: نضال منصور

في إجازة عيد الأضحى كتب موظف في مطار الملكة علياء “بوست” على صفحته على فيسبوك “المطار شبه مغلق” وأرفق صورة تظهر الأعداد الهائلة للمسافرين خارج الأردن.
وخلال إجازة العيد كانت شوارع عمان فارغة، ولم نعانِ من اكتظاظ وأزمة سير خانقة، وحتى المطاعم والمقاهي لم نشعر بتزايد مرتاديها مثلما كان يحدث في كل عيد أو إجازة طويلة.
أبلغني مدير شركة سياحية أن عائلات كثيرة وبشكل ملحوظ قررت السفر خلال إجازة العيد، والوجهة المفضلة كانت تركيا بعدها شرم الشيخ وتليها جورجيا.
رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة فإن الكثير من الأردنيين يفضلون السفر على البقاء في بلادهم، وببساطة يجيب هؤلاء أن كلفة بقائهم في الأردن أكثر من تكاليف السفر.
الأمر ليس مبالغة أو ضربا من الخيال، فقضاء يومين في فنادق البحر الميت أو العقبة -المتنفس الأهم للأردنيين- أكثر كلفة من قضاء أربع ليال في تركيا مع السفر بالطائرة والإقامة والطعام.
لا يقتصر الغلاء على فنادق العقبة والبحر الميت، بل يمتد الأمر لمطاعم ومتنزهات جرش وعجلون والسلط وعمان بالطبع، فأين يذهب الناس في إجازاتهم وصيفهم؟
كلما ناقشت إدارات هذه الفنادق والمطاعم جادلوك بكلفة الكهرباء والماء، والإيجارات، والضرائب العالية التي يدفعونها، وانعدام التسهيلات والامتيازات وتفاصيل كثيرة لا حصر لها.
الكثير من القضايا التي يثيرها المشتغلون بقطاع السياحة صحيحة وصائبة، والحكومة حتى الآن لم تحل مشاكلهم، ولم تنظر استراتيجيا لهذا القطاع باعتباره شريكا في التنمية، وكيف يمكن النهوض به والتخفيف عنه؟!
التحديات التي تواجه السياحة معروفة ولا ننكرها، ولكن هناك خطايا ترتكبها بعض الفنادق والمطاعم لا يمكن السكوت عنها، ومحاولات استغلال زبائنهم بطريقة بشعة وفجة، والأمثلة عليها كثيرة، كالمبالغة في الأسعار، وفرض رسوم إضافية على استخدام مرافق أساسية مخالف لأبسط قواعد تشجيع السياحة والنزاهة والشفافية بالتعامل مع ضيوفهم.
لا أعلم إن كانت الحكومة تملك احصائيات مالية واقتصادية لحجم الأموال التي أنفقها الأردنيون خلال سفرهم بإجازة عيد الاضحى خارج البلاد، وكم استفادت تركيا أو مصر، وكم خسرنا حين اختار الناس السياحة في الخارج وليس الداخل؟!
يسافر الأردني خارج بلاده فيرى أماكن جديدة خلابة، ويتعرف على حضارات مختلفة، ويكتسب أبناؤه خبرات حياتية إضافية، ويتمتع ويخرج من حالة الاحباط السائدة، وبنفس الوقت يشتري ما يحتاجه بكلفة أقل وربما جودة أفضل، وبذلك يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.
رغم نزوح الأردنيين للخارج، وتفكير بعضهم بشراء عقار والإقامة في بلاد أقل كلفة، خاصة في حالات التقاعد، فإن اللافت المعلومات التي تشير إلى تحسن مؤشرات السياحة الخارجية في الأردن، فالأرقام تكشف عن ارتفاع عائدات الدخل السياحي 8.6 %، حيث بلغ الدخل السياحي وفق تقرير نشرته جريدة الغد 2.3 مليار دينار، وزيادة عدد السياح الكلي بنسبة 6.3 % عن العام الماضي.
تسعدنا هذه المؤشرات التي يربطها المختصون بالاستقرار والأمان في الأردن، بالإضافة للاتفاقيات التي أبرمت مع شركات الطيران منخفضة التكاليف والطيران العارض.
يدهشني التطور والنمو في السياحة الوافدة للأردن، ولا أقلل من أهمية المنتج السياحي عندنا، فنحن نملك تنوعاً مناخياً، ونملك مناطق سياحية لا مثيل لها في الدنيا مثل البتراء، جرش، وادي رم، البحر الميت، وهذه حقائق لا جدال حولها، وإن قصرنا في الترويج لها وتثبيتها على خارطة السياحة العالمية لأسباب متعددة أبرزها ضعف الموارد المالية لوزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة.
ما يحيرني هذا التناقض، زيادة في السياحة الخارجية وعزوف الأردنيين وتفضيلهم للسفر خارج بلادهم، ليس لأن البلدان الأخرى تبهرهم فقط، وتقدم لهم التسهيلات والإغراءات، ولكن وهذا هو الأهم لا يقدرون على تحمل تكاليف السياحة الداخلية في وطنهم.