الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

استئناف الضحيه لدى الجلاد.. مؤشر لضياع الضمير الانساني

نشر بتاريخ: 18/10/2019 ( آخر تحديث: 18/10/2019 الساعة: 16:27 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

رفض ما تسمى بالمحكمه اللوائيه لاستئناف تقدمت به السلطه ضد قرار اقتطاع ملايين الشواقل من عائدات الضرائب بعد تحميل السلطه المسؤوليه عن مقتل اسرائيلي في باقه الغربيه سنة 2003 على يد فلسطيني بزعم انه كان قد انهى تدريبات في معسكر للسلطه في اريحا قبل عشرة ايام من الحادثه المزعومه بحسب صحيفة اسرائيل هيوم (14/10) يعكس الطبيعه الصهيونيه التي تعتبر القرصنه سمه من سماتها.
هذا الخبر كان من الممكن ان يُقبل لو ان اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال كانت قد اوفت بكل التزاماتها بحسب الاتفاقيات الموقعه بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينيه وانهت احتلالها في شهر مايو سنة 1999 للاراضي الفلسطينيه بحسب اتفاق اوسلو وهو تاريخ نهاية المرحله الانتقاليه وبالتالي يكون عندها الفعل الفلسطيني المزعوم مرفوض ومدان فلسطينيا ايضا وربما كان قد تمت المطالبه بتسليم الشخص المعني لسلطات الدوله الفلسطينيه لمحاكمته في محاكمها كونه تسلل من داخل الحدود الدوليه لدولته فلسطين الى داخل اراضي دوله جاره وصديقه تربط الدولتين اواصر حسن الجوار، والوئام والسلام .
ولكن في حالتنا الراهنه التي هي حاله غير مسبوقه في تاريخ الاحتلالات الاحلاليه العسكريه ولا في تاريخ الجرائم ضد الانسانيه التي يمارسها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني يجعل من الصعب التعليق على خبر محكمة الاحتلال لانه لن ياخذ حقه بسبب عدم توفر كلمات كافيه للتعبير، ولكن وباختصار نقول ان اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال وكافة محاكمها ومؤسساتها هي عنصريه وغير اخلاقيه ولا تنتمي للانسانيه باي صله وبسبب هذا الاختصار في التعليق اقول بان هذه الاوصاف تبقى في حقيقة الامر غير معبره فعلا عن كم الوقاحه والسفاله التي احاطت بقرار المحكمه كما ورد في الخبر انف الذكر .
ذلك لا يعني باي شكل من الاشكال اننا نتبنى القتل او ندافع عنه كاسلوب في حل النزاعات بل وعلى العكس فنحن بصدد محاوله جاده لاجتثاث العنف من جذوره باجتثاث اسبابه ومحفزاته التي تكمن في استمرار الاحتلال وممارساته .
ان يقوم شاب فلسطيني يافع ،.- افقدته اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال اي امل بالعيش في حياه كريمه على ارضه وارض اجداده بممارساتها الوحشيه ضده وضد شعبه الواقع تحت احتلالها-، برد فعل دموي مستلهم من هذه الممارسات يشير بما لا يدع مجالا للشك بان المجرم الفعلي في هذه الحاله هو الاحتلال كونه الفاعل والمسبب لرد الفعل
انا لا اكاد اذكر اي شيء عن هذه الحادثه ولكني اذكر انني عشت وعايشت البيئه الحاضنه زمنيا لها وهي بيئة الجرائم التي ارتكبها شارون وجيشه في حينه في عملية اطلق عليها الدرع الواقي والتي تسببت باعادة احتلال وتدمير البنيه التحتيه في المدن الفلسطينيه وبقتل وجرح الالاف من الفلسطينيين والتي انتهت بتسميم وقتل الاب الروحي للشعب الفلسطيني ومفجر ثورته الشهيد الراحل ياسر عرفات بالرغم من انه منح اسرائيل اقصى ما كانت تتمناه وهو الاعتراف الفلسطيني بوجودها بالرغم من انها قامت على ارض فلسطينيه مسروقه . طبعا نحن لسنا هنا بصدد التعرض لجرائم المجرم شارون سواء اكانت قبيه في سنة 1953 او صبرا وشاتيلا في سنة 1982 وغيرهما لاننا بحاجه الى كتب وليس مقال.
ولكن وابان جريمة الدرع الواقي وفي احد امسياتها الماساويه كنت اتناول طعام العشاء في بيت صديق في شقته في الدور الرابع المطله على شارع بيتونيا رام لله وفجأة سمعنا صراخ من زوجته التي وقعت فاقده للوعي من هول ما شاهدت وتابعت انا وصديقي المشاهده من الشباك لفيلم هوليوودي ولكنه حي بدمويته وليس امام كاميرا لنرى جنود حرس حدود صهاينه اوقفوا سياره فلسطينيه صغيره بها اشخاص اتضح بعد ذلك انهم ثلاثه فتيه واحاطو بهم من كل جانب مشهرين عليهم بنادقهم وكان من الممكن جدا انزالهم من السياره واعتقالهم الا ان الجنود انتظرو قدوم سيارات جيب اخرى حضرت خلال دقائق ثم افرغوا كل ما في بنادقهم من رصاص حولت جسد السياره الى منخل واجساد الفتيه الى اشلاء . هذه واحده من الاعدامات الميدانيه شاهدتها بام عيني وهي التي كان يمارسها جيش الاحتلال بشكل شبه يومي ابان تلك الفتره والتي كانت بمثابة اخبار تتناقلها الصحف كاخبار عاديه حتى انها لم تكن تذكر في الاعلام الصهيوني وكأن قتل الفلسطيني ليس ذو اي قيمه بشريه لا في اعتبارات هذا الاعلام ولا في محاكمه العنصريه واعتقد ان هذا هو الامر الملهم الذي بسببه قام الفلسطيني المذكور وبحسب زعم المحكمه العنصريه بقتل الاسرائيلي في باقه الغربيه .
ليس جيش الاحتلال ففط هو من ارتكب جرائم القتل بحق الفسطينيين شعبا وقيادات وانما احد اذرعه من الذئاب البشريه المسماه قطعان المستوطنين الذين فاقت بشاعتهم كل وصف بعد ان احرقو اطفالنا وهم احياء كل هذه البشاعات التي مارسها الصهاينه بحق الفلسطينيين ما زالت في الذاكره ليس الفلسطينيه فقط وانما ذاكرة العالم الذي كان وما زال وللاسف يشاهد كل هذه الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين تحت هذا الاحتلال حتى ان تدمير غزه لاحقا حجرا وشجرا وبشر الذي تم بالصوت والصوره المباشره على شاشات تلفزة العالم الذي بلا شك جعل من هذا العالم شاء ام ابى شريكا في الجريمه كونه يتعامل معها بصمت قبور معيب ما يشير الى ان هذا العالم تمرد على وربما فقد ضميره الانساني بسبب ان المجرم هو من الناجين من محرقه اوروبيه نازيه.
اعتقد ان استئناف السلطه وهي الضحيه لدى محكمة الجلاد بالرغم من وعي وادراك السلطه لكل هذه التفاصيل كان خطأ بل وربما خطيئه مع انني ادرك تماما ان سبب الاستئناف هو ابداء بوادر حسن نيه من قبل السلطه كمحاوله ولو يائسه في مجال البحث عن ديغول اسرائيلي في هذا الكيان الاحتلالي العنصري تتمكن السلطه من خلاله اختصار طريق العذابات المؤديه الى انهاء الصراع بانهاء الاحتلال وتجسيد قيام الدوله الفسطينيه التي اعترفت بها معظم دول العالم وتم وضع اسسها بمصافحات وتواقيع في حديقة البيت الابيض شاهدها وشهد عليها العالم كله بما فيه اسرائيل واميركا في الثالث عشر من سبتمبر سنة 1993.
الا ان ما سبق يؤكد على انه و بعد كل هذه السنين وما فعلته وما زالت اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال في كل يوم سواء بدمويتها ام بضربها بعرض الحائط لكافة القوانين والشرائع الدوليه ، اصبح من غير الممكن التوصل الى اي حل عبر التفاوض، ولكن وحتى لا تخرج ردة فعل الضحيه وذلك وارد جدا عن السيطره باعادة تدويرها لكل اشكال العنف كحل اجباري لهذا الصراع المستمر لعقود ، لا بد من التدخل الدولي المباشر، ولكن بشكل ملزم هذه المره للمحتل الذي اصبح يشكل بافعاله هذه تهديدا حقيقيا للاستقرار والسلم الدوليين.