الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجامعات والتطوير الاكاديمي(الأستاذ الجامعي والطالب والمادة التعليمية)

نشر بتاريخ: 16/11/2019 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:11 )

الكاتب: سناء طوطح

"الإبداع هو النظر إلى المألوف بطريقة غير مألوفة"
إن أفضل استثمار يمكن أن يستثمره الانسان هو الاستثمار بالعقل البشري، ولذلك لا بد من أن يستثمر كل أستاذ جامعي عقول الطلبة للانتقال من مرحلة العقل الخام إلى العقل المبدع والمبتكر، وهذه المرحلة الانتقالية لا تتحقق إلا بتحقق التعليم التفاعلي وهو الأسلوب التعليمي الذي يعتمد على التفاعل الحاصل بين الطالب والأستاذ من خلال استخدام التقنيات الحديثة المتطورة، وذلك لتحويل بيئة الدراسة من تقليدية والتي اعتبرها طريقة سلبية، إلى تفاعلية والتي تعتبر الطريقة الايجابية، إذ أنّ التعليم التفاعلي هو لغة العصر والوسيلة التي يستطيع الاستاذ الجامعي من خلالها أن يوصل المعلومة بأسرع وقت وبطريقة بسيطة، وهذا ما قاله تشارلز مينغس " جعل البسيط معقداً هو أمر شائع ؛ ولكن جعل المعقد بسيطاً، فهذا هو الإبداع".
وتعتمد فلسفة التعليم التفاعلي على أنّ التعلم يجب أن يرتبط بالطالب نفسه واهتماماته ومجتمعه، ويحدث ذلك من خلال تفاعل الطالب مع البيئة المحيطة وفي جميع الأماكن التي قد ينشط فيها المتعلم (المنزل، الجامعة، المجتمع، سوق العمل-والذي قد يفتح له آفاق إذ استطاع الطالب الاندماج والتفاعل-)، وبالتالي فإنّ أهم أسس التعليم التفاعلي اشتراك الطلبة في اختيار نظام التعليم وقواعده وتنوع مصادر التعليم، ونشر أجواء الطمأنينة والاستمتاع أثناء التعلم، ولا بد لتطبيق هذه الأسس أن نتحلى بالشجاعة كما قال اريك فروم " الإبداع يتطلب الشجاعة في التخلي عن الثوابت " ومن هنا يتحقق تباعاً التعليم التفاعلي للوصول إلى مستوى أعلى من الانجاز، وتكوين الصداقات المتنوعة، واحترام الذات، وتبادل المعرفة، واكتشاف المهارات الدفينة، وتطوير شخصية الطلبة.
ومعادلة التعليم التفاعلي تكون كالتالي، التفاعل بين الطالب والمحاضر والمادة التعليمية مما يؤدي بالتالي إلى الإبداع، فالطالب هو العنصر الفعال في عملية التعليم، فمن خلال السماح بالعصف الذهني للطلبة نصل إلى مرحلة طرح الأسئلة والاشتراك في الحوار، القدرة على المفاوضات والتجريب، اما المحاضر فهو الموّجه لهؤلاء الطلبة، -فأنا أرى أن العلم(المادة التعليمية) في هذا العصر(عصر التكنولوجيا) سهل الاكتساب وسهل الوصول إليه، وخاصة فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية، ولكن طريقة الحصول على هذه المعلومات(العلم) أو حتى استيعابها أو ترسيخها في العقول- هنا يكمن دور الأستاذ الجامعي.
وقد يتم انتقاد هذا الأسلوب من التعليم (التعليم التفاعلي) كون أعداد الطلبة المنتسبين للجامعات تأخذ المنحى التصاعدي، إلا أنّ هذه السلبية في نظر بعضهم تعتبر ميّزة بنظري ونظر الكثير، حيث إنّ الاعداد الكبيرة تؤدي إلى زيادة التفاعل بين الطلبة عن طريق العمل في مجموعات وبالتالي تكوين الصداقات وتوطيد العلاقات الطلابية واكتساب المهارات الاجتماعية والسعي للتميّز عن طريق المنافسة المشروعة.
ولذلك من الضروري السعي إلى الانتقال من مرحلة الصورة النمطية للتعليم إلى صورة التعليم التفاعلي وصولاً إلى الإبداع في التعليم، والإنجاز والإبداع في اندماج الطلبة في المؤسسة التعليمية والبيئة المحيطة ليكون مؤهلاً فيما بعد في سوق العمل، ولقد كفل القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2005 في مادته (24) استقلالية الجامعات وخاصة فيما يتعلق في الابداع، فتكون مؤسسات التعليم العالي صاحبة السلطة التقديرية فيما يتعلق بتطوير التعليم للارتقاء بالمستوى الأكاديمي وترحيل طلبة بكفاءات عالية وإلى سوق العمل.
(العلم سهل الحصول عليه، لكن طريقة الحصول عليه هي الابداع في ظل هذا العصر)