الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المقاومة الفلسطينية وطبيعة الرد على سياسة الاغتيالات

نشر بتاريخ: 18/11/2019 ( آخر تحديث: 18/11/2019 الساعة: 19:12 )

الكاتب: د. هاني العقاد

انتهت جولة القتال الاخيرة بين الجهاد الاسلامي واسرائيل وهي المرة الاولي التي يقاتل فيها فصيل مقاوم الاحتلال دون حماس الا أن المعركة لم تنته، فالمعركة مستمرة ما استمر الاحتلال الاسرائيلي في احتلال ارضنا واغتصاب مقدساتنا ولعل القادم سيثبت اننا ماضون في الاشتباك مع هذا الاحتلال المجرم حتي يرحل عن ارضنا ويتركنا نقرر مصيرنا بانفسنا ونقيم دولتنا الحرة المستقلة كاملة السيادة علي ارضنا وعاصمتها القدس الشرقية.
اندلعت هذه الجولة من القتال بسبب سياسة الاغتيالات التي اعتمدها الكابينت الاسرائيلي مؤخرا والتي كان الشهيد "بهاء ابو العطاء" علي رأس قائمة الاغتيالات التي باتت تتركز علي قادة الجهاد الاسلامي بالمحصلة الاولي لان اسرائيل تترصد هذه الحركة وقادتها باعتبار ان انها لم تتمكن من ترويضا بعد وبالتالي تحقيق تهدئة ما معها , اليوم اغتالت اسرائيل هذا القائد الميداني الكبير وتلقت ما تلقت من رد صاروخي علي ايدي سرايا القدس وبعض فصائل المقاومة علي مدار ثلاثة ايام تسببت في شلل تام لاكثر من 60% من المدن الاسرائيلية من الجنوب حتي اطراف تل ابيب تكبدت فيها اسرئيل خسائر كبيرة علي المستوي الاقتصادي وعلي المستوي الاستراتيجي باعتبار ان سماء اسرائيل بات كالخرقة البالية تحت القصف الصاروخي الفلسطيني وانتهت هذه المواجهة بالطبع كما كل مرة بتدخل الوسيط المصري وبعض الاطراف الدولية وخاصة منسق الامم المتحدة لشؤون السلام نيكولاي ميلادينوف وابرمت تفاهمات تهدئة مع الجهاد الاسلامي كفصيل قاد المعركة.
المقاومة تقول انها قبلت بالموافقة علي التهدئة الحالية عندما قبلت اسرئيل وقف سياسة الاغتيالات و وقف اطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين الفلسطينيين في مسيرات العودة وكسر الحصار بالاضافة الي تفاهمات سابقة لكسر الحصار عن غزة ,اسرئيل تقول انها لم تلتزم باي شيئ للمقاومة الفلسطينية , ما جري بالضبط التزام اسرئيلي مؤقت "ابن الساعة" كما يقولون والتزام فلسطيني مشروط بالموقف الاسرائيلي فاذا ما اطلقت اسرئيل النار علي المتظاهرين وحاولت اغتيال اي من نشطاء المقاومة الفلسطينية العسكرين او حتي القيادات السياسية للفصائل فان المعركة ستبدأ من جديد وتعود الصورايخ تنطلق من كل صوب علي اسرائيل لتشل حياة الاسرائيلين كما العادة , يبدوا ان نتنياهو قد حاول خلال هذه الجولة تحسين مكانته السياسية في اسرئيل امام تحدي بين غانتس وكتلة الوسط واليسار وفي المقابل حاول ثني بعض الاحزاب كالمعسكر الصهيوني واسرئيل بيتينو من التوافق مع بيني غانتس لتشكيل حكومة ما .
لكن هذا لا يعني ان بيني غانتس لو شكل الحكومة سيتخلي عن سياسة الاغتيالات وسيعود الي المحاولات السياسية ويحدث انفراجة ما علي غزة وبالتالي يرفع الحصار ويتركها وشانها , الكل الاسرائيلي متفق علي محاربة الفلسطينين بالادوات والطرق ذاتها لكنهم يختلفوا عند اختيار الوقت.
لعل طبيعة رد فصائل المقاومة وخاصة بالجولة الاخيرة لم تشفي صدور الفلسطينين بعد ..!! ولم تحقق الهدف المطلوب بعد من الثأر لدماء الشهيد بهاء ابو العطا وشخصيته القيادية وما له من مكانة كبيرة بين صفوف المقاومين من السرايا وكل فصائل العمل الوطني والاسلامي، فلا اعتقد ان تكون السرايا اكتفت بهذا الرد بل ان الرد الحقيقي قد يأتي اذا اعادت السرايا التفكير في كيفيه وطريق الثأر وتحقيق كسر نوعي في المعادلات التي يعتمدها العدو في استراتيجة مواجهته الفلسطينيين والحد من قدرتهم علي المواجهة وتحقيق ردع ما بالمقابل.
قد لا تكون هذه اخر عملية اغتيال تنفذها اسرئيل بالطريقة التقليدية او حتي السرية فقد تكون وضعت لائحة ما للاغتيال بطرق مختلفة منها بالادوات العسكرية واخري بطرق استخباراتية عملياتية هي تحبذها حتي لا ترد المقاومة الفلسطينية انياً وبالتالي تتفادي ردة الفعل الانية الي حين ان تبرد القصة وتعرف المقاومة بالتحقيق من هو وراء هذه العملية كما حدث في عملية اغتيال الشهيد مازن فقها . الان المطلوب اعادة التفكير في رد الفصائل الفلسطينية علي اي عملية اغتيال وتحديد طبيعة الرد الموجعة لاسرائيل , فلو وضعنا في استراتيجية المواجه معادلات اختيار الهدف والوقت والطريقة و الاداة فاننا نكون بذلك ارعبنا اسرائيل اكثر مع التاكيد علي معادلات المواجهة كلها مثل القصف بالقصف والاغتيال بالاغتيال وتدمير المباني بتدمير المباني وقصف المدنين بقصف المدنين وقصف المواقع الاستراتيجية بالمواقع الاستراتيجية فكل حالة من حالات المواجهة مع اسرئيل لها معادلة خاصة بها.
هكذا نكون قد غيرنا في طبيعة المواجهة واستبدلنا الرد التقليدي برد اكثر ذكاء واكثر فاعليه ونكون قد اشغلنا اسرائيل فترة من الزمن حتي نصطاد الهدف واحدثنا ارباك لكافة المستويات الامنية والعسكرية والسياسية في اسرائيل , ونكون في نفس ذات الوقت قد افشلنا اي مكاسب سياسية يسعي بع ض القادة السياسيين الاسرائيلين لتحقيقها علي حساب الدم والقتل وهدم البيوت الفلسطينية وجهزنا انفسنا لطبيعة المواجة التي نختارها اذا ما تدحرجت الامور لردة فعل اسرائيلية واسعة وقالدت لحرب طويلة الامد.