الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اضرب واهرب

نشر بتاريخ: 19/11/2019 ( آخر تحديث: 19/11/2019 الساعة: 15:28 )

الكاتب: رامي مهداوي

إذا ما قمنا بتحليل الخطط العسكرية للاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة بالمنطقة بشكل عام، وعلينا كشعب تحت الاحتلال، نجدها تعتمد على استراتيجية محددة غير متغيرة منذ فترة الحروب الكبرى التي شهدتها المنطقة يمكن اختصارها: اضرب واهرب.
تعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي ووحيد، إسرائيل هي صاحبة الفعل الأول بتنفيذها الضربة الأولى من خلال خطط معدة مسبقاً ليس فقط من حيث الهدف وإنما توقيتها، وحجم دائرة المواجهة على أن لا تكون طويلة الأمد، والأهم كيفية التعامل مع ما بعد الفعل الذي تقوم به على مختلف الأصعدة التي تتمثل في الخطوات التالية:
1_ توحيد البيت الداخلي في مواجهة العدوان الخارجي الذي يتم خلقه بشكل دائم ومُتتالٍ، وهذه أبجديات الصهيونية التي وضعها المؤسس ثيودور هرتسل .
2_ توجيه الضربة و/أو الضربات المحددة بواسطة أقوى الأسلحة التي يمتلكها المتمثل بسلاح الجو المستندة على معلومات استخباراتية في الميدان وليس تحاليل واستنتاجات؛ هذا يعني بطبيعة الحال اختراقه الناجح للعديد من الجبهات وبمختلف المستويات وربطها مع بعضها البعض، مثلاً في الضربة الأخيرة أصبحت دمشق وغزة ساحة معركة واحدة بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
3_ التلويح الدائم بالقوة العسكرية التي يمتلكها جيش الاحتلال، بالتالي يفرض سياسة الردع المباشر وبقسوة كخطوة استباقية، بهدف سعيه امتلاك كافة مفاتيح الحلول التي يريد فرضها دون أي خسائر تُذكر.
4_ بعد ذلك ينجح الاحتلال وبجدارة بتحويل صورته عالمياً من الذئب المفترس الى الحمل الوديع، من القاتل الى الضحية، من الضارب الى المضروب، وينجح بتصوير حالة الذعر المفتعلة والخوف داخل مجتمعه بأنها غير مقبولة إنسانياً؛ أما نحن الضحايا الذين أصبحنا لا نشبه بعضنا البعض من كثرة القضايا الإنسانية التي تُبكي الحجر، لا نستطيع أن نقنع العالم بأننا نحن الحمل الوديع الذي ذبحه الذئب وهو نائم!!
بعيداً عن العاطفة والتصريحات الفارغة، ينجح الاحتلال الإسرائيلي في كل مرة يهجم بها علينا في بيروت، دمشق، غزة ورام الله، وحتى بغداد وطهران بقلب الحقيقة لمصلحته بشكل شبه كامل، والأخطر بأن الأغلبية تنساق مع الرواية الصهيونية، فننتقل الى دور رد الفعل بشكل غير مدروس وبعيداً كل البعد عن تحقيق ردع يناسب الفعل الذي حققه الاحتلال.
على العكس كلياً نسوّق الخسارة الى انتصار، ونحول الطفولة التي مزقها الذئب بأنيابه الى بطولة!! وبأن اختباء المستعمرين في ملاجئهم هو ما نطمح له، وتناسينا عائلاتنا التي تدفن بالرمال في أقل من ثانية ونفتخر بأننا من فرض التهدئة!!
في أكثر من مقال سابق ذكرت بأن الاحتلال لن يتوقف عن قصف غزة أو أي عاصمة عربية، وهنا يجب ان يعترف الجميع بأنه، وبرغم مرارة طعم الموت المجاني لأبناء شعبنا العظيم، إلا أن غزة وبرغم جراحها مازالت هي الصدر الواقي الذي يتصدى وحده قدر إمكانياته؛ فمن المعيب أن لا يتكاتف الجميع بحماية ما تبقى لنا من كرامة عربية وإسلامية.
علينا إعادة التفكير بإستراتيجية جيش الاحتلال المتمثلة في اضرب واهرب بخلق ابتكارات جديدة/ حتى ولو كانت سلمية، بسبب ضعف مقدراتنا كفلسطينيين امام مواجهة الآلة العسكرية، من خلال التفكير بابتكار أدوات نضالية توجع الاحتلال وتكشف اللثام عن وجهه لتعريته أمام المجتمع الدولي الذي مازال مقتنعاً بأنه الضحية، فهل نستطيع أن تكون استراتيجيتنا المضادة معتمدة على قاعدة ضربني وبكى.. وسبقني واشتكى؟؟!