الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا نحتاج الى استراتيجيه متكامله نحو الاقتصاد الاخضر؟

نشر بتاريخ: 21/11/2019 ( آخر تحديث: 21/11/2019 الساعة: 11:48 )

الكاتب: عقل ابو قرع

هذه الايام، لا تكاد تخلو خطة أستراتيجية لأي بلد من بند الاستثمار والتوجة نحو مصادر الطاقة المستدامة، مثل الرياح والشمس والغاز والنفايات وما الى ذلك، أي بعيدا عن مصادر الطاقة التقليدية الحالية من بترول وفحم حجري ومشتقاتهما، واصبح اقتصاد العديد من الدول المتقدمة، يعتمد وبشكل أساسي على مصادر الطاقة الخضراء أو الطاقة الصديقة للبيئة، والسبب في هذا التوجة هو التداعيات الخطيرة التي يشهدها العالم نتيجة التلوث الناتج عن الاستهلاك غير المحدود للبترول وللفحم، وبالتالي بث ملايين ألاطنان من الغازات الى الجو، ومن ثم تشكل ظاهرة الاحتباس الحراري، وما لذلك من أثار على شكل فيضانات وتصحر وجفاف وتقلبات جوية عنيفة، باتت جزءا من النظام المناخي لهذا العالم.
وألاقتصاد الاخضر المستدام، هو الاقتصاد الذي تتم ادراته بصورة مستدامة وفعالة وصديقة للبيئة، اي بدون استنزاف اقتصادي وبيئي، ويهدف الى ترشيد استخدام الطاقة والمياة وتقليل انتاج النفايات بأنواعها المختلفة، خلال وبعد الانتهاء من النشاط الاقتصادي، مثل استخدام الطاقة الشمسية او المتجددة بشكل اساسي وفعال، واعادة تكرير المياة واستخدام المياة الرمادية، ووجود انظمة من اجل فصل وتدوير النفايات، وهناك مؤسسات تحدد معايير واسس ومواصفات الاقتصاد الاخضر، وهناك دول تقوم بمنح الحوافز والتشجيع من اجل التوجة الى هذا النوع من النشاطات الاقتصادية الخضراء
وفي ظل التغيرات المناخيه والبيئيه السريعه والمتسارعه، التي باتت تقلق الكثير من المجتمعات وتهدد بحروب مدمره من أجل الحفاظ على الارض وعلى المصادر الطبيعيه، وفي ظل محدودية المصادر الطبيعيه التي نملكها في بلادنا، وفي ظل تواصل اعتمادنا في الكثير من المجالات على الاخرين وبالاخص على الجانب الاسرائيلي، والتي هي في معظمها مجالات غير متجدده، فهل تملك أو تعمل الحكومه الحاليه من أجل وضع استراتيجيه متكامله واضحه ومع حوافز للقطاع الخاص، من أجل التوجه نحو الاقتصاد الاخضر، الاقتصاد الذي لا يدمر المصادر والامكانيات المحدوده، ويقلل الاعتماد على الاخرين، ويحافظ على النظام البيئي للاجيال الحاليه وللمستقبل.
وازداد الزخم نحو التوجة الى الاقتصاد الاخضر، بعد انتهاء قمة المناخ العالمية في نيويورك، وتوقيع فلسطين عليها، بالاضافة الى حوالي 175 من دول العالم على وثيقة "قمة المناخ في باريس"، التي تم التوصل اليها بعد مفاوضات مضنية وشاقة في العاصمة الفرنسية، حيث كان الهدف من التوقيع هو انقاذ الارض او المناخ او النظام ألبيئي العالمي من تدخلات الانسان ونشاطاتة، وذلك من خلال التوجة الى الاقتصاد الاخضر، أو الحد من استخدام المصادر التقليدية للطاقة من نفط ومن فحم ومن بترول، ومن ثم الحد من انبعاث الغازات الملوثة الى طبقات الجو، وبالتالي الحد من الاحتباس الحراري ومن التغيرات المناخية العنيفة التي حدثت وتحدث في العالم نتيجة ذلك، وبالتالي وضع الاستراتيجيات والحوافز للتوجة الى مصادر الطاقة الخضراء النظيفة المتجددة، مثل الشمس والرياح والمياة والغاز وما الى ذلك، اي نحو النشاطات الاقتصادي الخضراء، أو الاقتصاد ألاخضر.
ومن اجل تشجيع الاقتصاد الاخضر والممارسات الخضراء بشكل عام، أي الممارسات التي لا تضر بالطبيعة والبيئة، احتفل العالم قبل عدة سنوات، بيوم البيئة العالمي تحت شعار" الاقتصاد البيئي او الاقتصاد الاخضر"، كاقتصاد مستدام، يحافظ على البيئة ويعمل على عدم استنزاف المصادر الطبيعية غير المتجددة، وبات من المعروف العلاقة الوثيقة التي تربط البيئة وبمصادرها المتعددة مع الاقتصاد او التنمية والتقدم الاقتصادي وما الى ذلك من انعكاسات اجتماعية وثقافية وحتى سياسية.
ومن ضمن النشاطات الاقتصادية الخضراء هي انشاء ما يعرف ب " المباني الخضراء"، التي من المفترض ان تحد من كميات الغازات التي يتم بثها من مصادر الطاقة التقليدية كالبترول والفحم، مع العلم ان حوالي 30% من غازات التلوث او ما يعرف ب"غازات البيت الزجاجي" يتم بثها من خلال المباني، وهذا ينطبق كذلك على استغلال المياه، مع العلم ان تصميم المباني بشكل بيئي او أخضر، يمكن ان يؤدي الى توفير حوالي 12% من كمية المياة، وفي نفس الوقت دلت الدراسات ان حوالي 40% من النفايات الصلبة يتم انتاجها من خلال نشاطات السكان في المباني، وبالتالي يمكن تصور الابعاد الاقتصادية والصحية والبيئية للحد من جزء او لاعادة تدوير جزء من النفايات الصلبة كجزء من تصميم المباني الخضراء.
وفي بلادنا، فأن الاقبال على الممارسات الاقتصادية والعمرانية الخضراء، من خلال عدم استنزاف المصادر المتاحة، وخاصة في الحالة الفلسطينية التي تتمتع بمصادر طبيعية محدودة وبحيز مكاني ضيق، سوف يعمل ويشجع في المحصلة على انشاء المزيد من المشاريع التنموية، وبالتالي الى ايجاد المزيد من فرص العمل والتشغيل، وبالتالي يعمل على محاربة الفقر والحد من البطالة، وفي نفس الوقت حماية البيئة من الدمار ومن الاستنزاف، ومن عدم القدرةعلى ملائمة الحياة او النشاط للاجيال القادمة.
وفي ظل زخم توجه الحكومه نحو الانفكاك عن الجانب الاسرائيلي وكذلك نحو الاعتماد على الذات، فالمطلوب في بلادنا العمل من أجل استغلال طاقة الشمس، والتي من المفترض أن تعتبر اولوية وطنية، وبالاخص في بلادنا، حيث ما زلنا نشتري غالبية الكهرباء و الطاقة، او الوقود غير النظيف للطاقة، وبأسعار مرتفعة، وبشروط وبقيود وبتهديدات متنوعة، وبالتالي فأننا نحتاج الى استراتيجية وطنية شاملة وملزمة ومحمية بقوانين وتشريعات، ومن خلال تشجيع التكنولوجيا والمبادرات والخبرات، ومن خلال الحوافز والدعم، الاتجاة الى مصادر الطاقة المستدامة او الطاقة المتجددة، او الصديقة للبيئة او النظيفة، او مصادر الطاقة الخضراء، ومنها الشمس والرياح والمياة والغاز وما الى ذلك من مصادر نستطيع ان ننتجها ولو بشكل تدريجي او تراكمي، وفي نفس الوقت نستغني وبشكل تدريجي عن مصادر طاقة، تكبل ايدينا وتستنزف اموالنا وتلوث بيئتنا.