الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشيكات الراجعة وطرق معالجتها في القانون

نشر بتاريخ: 03/12/2019 ( آخر تحديث: 03/12/2019 الساعة: 12:48 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

قبل يومين اعلنت النيابة العامة الفلسطينية الكريمة عن بوست على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي عن عقوبة تصل الى سنة حبس فعلي او غرامة تصل الى عشرة الاف شيكل او قد تصل الى اربعة اضعاف القيمة حال ان قدم الشيك الى المسحوب عليه البنك ولم يصرف، وهي عقوبة ليست بجديدة انما وردت في امر عسكري غير شرعي وغير قانوني رقم 890 سنة 1981 وقد جاء فيه في المادة الاولى منه النص على "تعديل المادة 421 ( إعطاء شيك بدون رصيد )بدلاً من المادة 421 لقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 يحل: "421 (أ) كل من يصدر شيكاً وهو يعلم أنه لا واجب على موظف البنك بوفاء الشيك خلال 30 يوماً من التاريخ المبين عليه أو لا يوجد له أساس معقول للافتراض بأن هناك واجب كالمذكور أعلاه ملقى على موظف البنك، وقدم الشيك للوفاء خلال المدة المذكورة أعلاه إلا أنه لم يفِ قيمته، عقابه- الحبس لمدة سنة واحدة أو غرامة مالية بمبلغ 10000 شيكل أو أربعة أضعاف المبلغ المبين بالشيك."
ولم تطبق سابقا في عهد القضاء الفلسطيني وحتى الان لا يجري تطبيقها في المحاكم الفلسطينية ربما لانها عبارة عن امر عسكري والثانية ان عقوبتها كبيرة لا يستطيع المواطن تحملها، وهي ان كانت رادعة الا انها مغال فيها في ظل الوضع المالي والاقتصادي الذي يعيشه الناس وهي مسالة يجب ان يكون قبل تطبيقها عملية توازن في المجتمع ومعالجة الاثار السلبية التي ظهرت في الاونة الاخيرة من حالات كبيرة من المعاملات التي تقوم على صرف شيكات بلا رصيد لغرض شراء المنازل او السيارات وغيرها في ظل وضع معيشي صعب.
لكن المطبق الان هو النص 421 من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 والذي ينص على " كل من أعطى بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم معد للدفع، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشك، أو سحب بعد إعطاء الشك كل الرصيد، أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشك، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين". وبالتالي فان العقوبة الواردة فيه تصل الى سنتين ولكن في حال التخفيض ومراعاة الوضع تصل الى شهريين كما في حال التصالح ودفع الساحب قيمته للمستفيد او حامله وهو الامر الذي معه تم تطبيقه في المحاكم بمراعاة الظروف والحكم في الغالب الى حد ثلاثة شهور حتى يتسنى تحويلها الى غرامة وتدفع بعقوبة مالية كما ورد في القانون.
لكن اعلان النيابة الكريمة لم يفهم ان كانت تريد الطلب من المحاكم تطبيق الامر العسكري الاحتلالي السابق وهو امر مخجل في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة الانفكاك عن الاحتلال ام تريد التقدم بنفس النص لاصداره على صيغة قرار بقانون وهو امر كذلك مخجل دون دراسة اقتصادية وبحث الوضع في مدى التطبيق وهل يتحمل المواطن ذلك، وكذلك لماذا لا يتم ادخال تعديل جوهري عليه كما في دول اوروبا بان يلتزم البنك بصرفه حتى لو لم يكن هناك رصيد للساحب على ان يعود اليه بقيمة المبلغ وبهذا الشكل يمكن السيطرة على حركات واصدارات الشيكات؟ وسيكون فقط الشخص القادر هو المخول بالحصول على دفتر شيكات وتصدر بقيمة معينة كأن يوضع على الشيك حسب ائتمان الشخص بان قيمته القصوى مائتين دينار او حتى مائة دينار لا اكثر وهنا يتم السيطرة على الشيكات والتقليل من اثارها المدمرة على الاقتصاد.
او ان يتم مثلا اصدار شيكات للساحب برفقة كفيل مليء وهي مسألة تسمع للساحب بان يصدر شيكات وبالمقابل يكون لديه قدرة معينة بتغطية القيمة، وهي مسائل كثيرة يمكن لاصحاب الاختصاص والجهات المعنية الجلوس ومناقشة الامر بناء على الارقام التي تصدرها سلطة النقد والبنوك بهذا الشان، بما يحقق المصلحة العامة.
فهناك الكثير ليقال بهذا الشان دون العودة الى امر احتلالي صهيوني لتطبيقه على المواطن الفلسطيني وهو امر كتب فيه الكثير من الفقهاء والمختصين وحرموا تطبيقه قانونا ووطنيا وحتى دينيا.