الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حرف ؛ أوّلُ الياسمين

نشر بتاريخ: 17/12/2019 ( آخر تحديث: 17/12/2019 الساعة: 13:32 )

الكاتب: المتوكل طه

هنا أوّلُ الياسمينِ،
وآخرُ ما أنْطَقَ الشعراءَ ،
وما ظلَّ في الماء .
تَراهُ ، فأنتَ ترى عَدَماً في الهواءِ !
تمدّ لسانكَ ؛ لا طَعْمَ في طَبَقِ الياءِ،
ليستْ بِجِيمٍ !
فكيف ستعرفُ أنّ السَفَرجَلَ حَرفٌ تَكوَّر للحَلَماتِ ،
وفاضَ على شَهوةٍ بالّلباء !
وتلمسهُ ؛
قد تعودُ الأصابعُ من لهبٍ في المرايا!
ولا شيءَ من عَبَقٍ يملأ الرأسَ،
كلّ الذي كان، قد كان .. لكنّه غيرُ ما قد تظنُّ،
فليس له جسدٌ أو رِداء .
وليس لرائحةِ الغَيْبِ نَشْرٌ يعبّئُ وجهَكَ ،
ليس لشَهْدِ الغموضِ مَذاقٌ ،
فكيف ستعرفُ هذا الذي يحملُ الأرضَ طيراً ،
وينبض في عالياتِ الخَفاء ؟
تمَعَّنْ قليلاً ، لسوف تراهُ إذا كنتَ في رحلةِ النارِ،
أو لن تراهُ إذا بِتَّ في منزلِ النائمينَ ..
وقد غابَ عن بابهِ الأنبياء .
***
هنا أوّلُ الجِيمِ،
منتصفُ النَّصْلِ،
آخرُ ما كسّرَ الرّعدَ في ظَهرِ غيمتِه
في السماء .
وأجملُ جِيْدٍ تَعَطَّلَ بالشمعِ
حتى أضاءَ الكواسِرَ في بحثِها
عن حَريرِ العَشاء .
وخامسُ إخوتِه القادرينَ على سَكْبِ أوتارِه ..
للغِناء .
وثالثُ مَن فتحوا كهفَ عُزْلَتِنا
كي نرى في المَجَرَّةِ ما لم يكن حولَنا
من جُنونٍ حكيمٍ ..
وندخلَ في دمعةِ الأولياء .
***
جسدٌ أو جمادٌ ..
وَثَمّةَ ما يجمعُ الثلجَ والجَمْرَ،
أو أنَّ ذاك الجدارَ تعمَّدَ أن يحملَ الجِهَتَيْنِ
إلى جَبلِ العارِفينَ ،
فكانت مُلوحَةُ موجِ المحيطِ ،
وسُكَّرُ نهرٍ يدورُ ، ويبحث عن أُمِّهِ .. بالبكاء .
ولو أدركَ الجِيمَ وَزّعَ سُكَّرَه للغصونِ ،
وصعَّدَ أحلامَه في الِّلحاء .
ولكنَّه دون جِيمٍ،
لهذا سيتعبُ من صخرةٍ أو سفوحٍ،
ويبحثُ عن مَسْربٍ للهروبِ ..
إلى أنْ يُقدّمَ أنفاسَه للشواطئِ،
ثم يعودُ ...
وهل سيعود الذي ذوّبته التجاعيدُ في دالِها ؟
ليتَه كان جِيماً،
ويا ليتَ أمواجَه للعطاشى الذين يموتون
من ظمأٍ في الرِّواء .