الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاستيطان.. سرطان علاجه في دولة ثنائية القومية

نشر بتاريخ: 11/01/2020 ( آخر تحديث: 11/01/2020 الساعة: 17:03 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

في سنة 1973 بعث اريل شارون رساله للصحفي البريطاني ونستون تشيرشيل الثالث يخبره فيها بان اسرائيل ستشرع ببناء مستوطنات يهوديه بين البلدات والمدن الفسطينيه لتحيل الارض الفسطينيه الى ساندويش /شطيره استيطانيه بحيث يصبح من المستحيل بعد 25 سنه لاي كان بما في ذلك الامم المتحده او حتى اميركا من اقامة دوله فلسطينيه. وبالفعل لم تتوقف اسرائيل منذئذ عن هذا المخطط لا تحت الحكم الليكودي او حتى العمالي وهاهي الارض الفلسطينيه المحتله تتدمربيئيا بعد ان تحولت فعلا الى شطيرة مستوطنات بل وربما ما هو اسوأ من ذلك وهي الجبنه السويسريه وذلك بحسب وصف الرئيس بوش الابن وذلك بمجرد نظره منه على الخارطه الفلسطينيه الجديده وهي مدنسة بمواقع المستوطنات غير الشرعيه التي تزداد يوما بعد اخر والتي اصبحت تفوق بعددها 147 مستوطنه غير البؤر الاستيطانيه ويسكنها اكثر من سبعمائة وخمسين الف مستوطن غير شرعي.
الخطر الاستيطاني على قيام الدوله الفلسطينيه لم يغب لحظه عن تفكير القياده الفلسطينيه التي ارتأت في التوقيع على اتفاق اوسلو بكل اجحافه وسيله تجبر اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال على وقف هذا المشروع السرطاني الصهيوني الذي تمكن بعد ذلك ليس فقط من الارض الفسطينيه وقضمها وانما ايضا تمكن من الاشخاص الذين حاولوا ان يوقفو استشراء هذا السرطان وكان اولهم رئيس الوزراء الاسبق رابين .
بعد اغتيال رابين فُتح الباب على مصراعيه لهذا السرطان ومكنه من الاستمرار والتمادي في سرقة ارض الدوله الفلسطينيه والى يومنا هذا الامر الذي يشجعني على القول بان تصريح وزير خارجية ترمب بما يخص الاستيطان مؤخرا وبتناقض شديد مع كل من سبقوه واعتباره ان الاستيطان هو مشروع غير معيق للسلام هوتصريح ناتج عن تاثير الاستيطان على الارض بصفته السرطانيه بحيث انه تمكن من القضاء على حل الارض مقابل السلام ولم يتبق غير السلام من اجل السلام او السلام من اجل اي شيء اخر تقرره اسرائيل. بمعنى ان مبدأ حل الدولتين تبخر ولم يعد هناك سلام بالمفهوم الفلسطيني او الدولي من الممكن تحقيقه في ظل هذا السرطان الاستيطاني الذي اوشك قطاره على الوصول الى محطة التطهير العرقي وذلك بعد ان اعلنت اسرائيل نيتها في ضم كافة المستوطنات وكل مناطق ج على اعتبار ان الملكيه الفلسطينيه اصبحت محصوره فقط في مساحة 40 في المئه من مساحة الارض الفسطينيه التي احتلت سنة 1967 وهي المصنفه مناطق الف وباء بحسب اتفاق اوسلو وربما لو بقيت الامور على ماهي عليه فلربما تتقلص الملكيه لمناطق الف فقط.
الرد الفلسطيني الرسمي على كل ذلك جاء بالاعتكاف عن التفاوض مع الاسرائيليين كوسيلة اشتباك وحيده بين الطرفين على امل ان يكون هذا الاعتكاف اداه ضاغطه على الاسرائيليين على اعتبار انها الوسيله الوحيده المتفق عليها دوليا كحل للصراع وذلك بالرغم من ادراكنا نحن والعالم في ان هذه الوسيله اثبتت فشلها وانحرفت تماما عن مسارها بعد اغتيال رابين حيث اصبح واضحا ان سبب اغتياله هو جديته في الاستمرار بالسير في طريق التفاوض.
المقلق الان هو ما يبدو اننا وبعد كل ما ذكرناه اصبحنا نحن من يبحث عن مخرج من هذا الاعتكاف والشروع بالتفاوض ثانية دونما اي جديد يذكر بمعنى ان لا شيء تغير لتحفيزنا للعوده لهذا التفاوض لا على الارض ولا حتى في الموقف الدولي الذي وصل قمته بتمرير قرار 2334 في ديسمبر 2016 الا انه وللاسف الشديد حتى هذا الموقف قد تم افراغه من محتواه كونه فشل هو ايضا في مواجهة الاستيطان حيث وبعد مرور قرابة اربع سنوات على اعتماده من اعلى سلطة امنيه في العالم وهو مجلس الامن لم يتمكن حتى من تجميد البناء الاستيطاني بل وعلى العكس جاء تصريح وزير الخارجيه الاميركي بومبيو انف الذكر بمثابة ضربة قاتله لهذا القرار.
ما سبق يؤكد وبما لا يدع مجال للشك ان ان وسائل اشتباكنا مع المحتل ليس فقط انها اصبحت غير مجديه بل انها اصبحت تُستغل من قبل دولة الاحتلال كوسيله لخدمة مصالح الاحتلال في تماديه بسرقة الارض وتدمير المشروع الوطني الذي اصبح يتحول بسبب الفعل الصهيوني واللافعل الفلسطيني والصمت الدولي بالمقابل الى سراب يوما بعد اخر.
ما سبق يفيد باننا ان اردنا فعلا ان ننقذ مشروعنا الوطني من اجل ان يترجم على الارض دوله ذات سياده على الارض الفلسطينيه المحتله وعاصمتها القدس الشريف لا بد من تغيير وسائل الاشتباك مع هذا العدو الذي يضرب بعرض الحائط كل ما اقرته القوانين الدوليه بخصوص الاستيلاء على ارض الغير بالقوه فهو عدو بدون اخلاق ولا يستحي ولا بد من التعامل معه بما يليق به .
الخيار الاخر هو الشروع في البحث الجدي عن حل بديل يكفل العلاج لسرطان الاستيطان وفي نفس الوقت يكفل للانسان الفلسطيني حياة كريمه وان يعيش سيدا على ارضه وارض اجداده وفي هذا السياق لا ارى ما يلوح في الافق بخصوص هذا البديل غير الدوله ثنائية القوميه التي اصبحت معالمها تتضح يوما بعد اخر وذلك منذ اللحظه التي اعلن فيها اليمين الصهيوني حربه الاستيطانيه على مشروع الارض مقابل السلام الذي تبناه الشجعان من الطرفين في سنة 1993.