الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

عيد العشاق (الڤالنتاين)

نشر بتاريخ: 14/02/2020 ( آخر تحديث: 14/02/2020 الساعة: 14:13 )

الكاتب : د. ايناس عباد
الروايات والقصص متنوعة ومتباينة حول هذا العيد؛ مما يدل على اضطراب في أصله، والتي يراها البعض أساطير أكثر من كونها حقائق تاريخية؛ إلا أن اصوله كما يبدو كانت روحانية وثنية؛ والتي بدأت بمهرجان (الخصب) أو الخصوبة؛ "لوبركايلي" الذي كان يهدف لزيادة خصوبة الأشخاص والحقول والمواشي، وتقام على شرف الآلهة (آلهة المرأة والزواج واله الطبيعة).
حيث كانت الطقوس تتضمن ذبح كلاب وماعز وتصفية دمها وسلخ جلودها لتصنع منها السياط؛ ثم يدهن بالدم جسم شابين يافعين مفتولي العضلات، وتغمس السياط بالدم ويتقدم الشابين موكباً تتهافت فيه النساء لتجلد بالسياط؛ لاعتقادهن أن ذلك يمنع العقم ويجلب الخصوبة.
كانت تلك الطقوس تجرى في الأيام من (١٣-١٥) شباط من كل عام وتتضمن أيضاً حفلاً للتوفيق بين العزاب؛ حيث يقوم العازبين بكتابة اسماء الفتيات اليافعات جميعاً وتوضع الأوراق في جرة؛ ويقوم كل شاب باختيار ورقة عشوائياً وعليها يكون اسم عشيقته لذلك العام. وقد ذكرت الكتب التي تحدثت عن الڤالنتاين أن رجال الدين المسيحيين رفضوا إحياء هذا العيد؛ لانهم اعتبروه مجلبة للرذيلة وتوقفت الاحتفالات به لعدة قرون؛ علماً بأن البابا جيلاسيوس كان قد أعلنه عيداً رسمياً في العام ٤٩٦م باسم عيد القديس ڤالنيتاين( شهيد الحب).
ولكن كيف وصل اسم فالنتاين إلى المسيحية؟!
يقال أن الاسم جاء من الكنيسة الكاثوليكية؛ علماً أنه لا يوجد في كتب التاريخ ما يشير إلى حياة هذا القديس بشكل مثبت وواضح.
لذلك رجح البعض أن القصة بأكملها قد تكون أسطورة في البدايات، خاصة مع ظهور عدد من القديسين عبر التاريخ وفي فترات متلاحقة باسم ڤالنتياين؛ ومنهم من كان في منصب البابا عام ٨٢٧م ولم تذكره الكتب بشكل واضح لانه لم يستمر أكثر من أربعين يوماً في المنصب.
إلا أن الأسطورة الأقوى تقول أن القديس ڤالنتاين هو إيطالي؛ عاش زمن الإمبراطور الروماني كلاديوس الثاني؛ الذي قام باعدامه يوم الرابع عشر من شباط عام ٢٧٨م وفِي رواية عام ٢٦٩م؛ فمن هو هذا القديس وما جريمته!؟
تقول الكتب أن كلاديوس الثاني أصدر مرسوماً يحظر زواج الشباب خاصة خلال الحرب؛ بسبب تناقص الإقبال على الانخراط في صفوف الجيش لعدم رغبتهم في ترك زوجاتهم وأولادهم؛ الأمر الذي دفع الإمبراطور لمنع الزواج؛ لتشجيع الشباب على الذهاب للقتال.
إلا أن القديس ڤالنتاين استمر لعقد قران الشبان سراً، حتى علم الإمبراطور بأمره وسجنه، وتضيف بعض الروايات أن القديس أحب ابنة السجان المريضة ( الكفيفة) وعمل على شفائها من مرضها وقبيل إعدامه أرسل لها بطاقة تحمل توقيعه (المخلص ڤالنتاين).
وكانت أول بطاقة تحدثت عنها القصص في هذا اليوم هي البطاقة التي ارسلها دوق أورليانز عام ١٤١٥ م لزوجته وهو في السجن.
وبهذا ارتبط العيد بمفهومي الحب والوفاء؛ حيث ترسل حول العالم ما يزيد على ١٥٠ ميلون بطاقة بين العشاق خلال هذا اليوم ...
وفي رواية اخرى أن لا علاقة لإعدام القسيس بتزويج الشباب سراً؛ وإنما بدعوته إلى النصرانية فقام الإمبراطور الوثني بإعدامه، وجاءت المسيحية لتخلد ذكراه،،وعندما اعتنق الرومان المسيحية أبقوا على الكنيسة وعلى جزء من الطقوس الاحتفالية مع تغيير مفهومها الوثني من مفهوم حب الآلهة والخصوبة إلى مفهوم شهداء الحب ممثلاً بالقديس ڤالنتاين والتي تدعو الى الحب والسلام ( عيد العشاق).
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إعادة إحياء عيد العشاق من غير إشارة واضحة للتاريخ؛ ولكن من المرجح أن يكون القرن الخامس عشر حتى الثامن عشر ...ولعل شكسبير كان من أوائل الذين كتبوا عن عيد الحب، إلا أن الاهتمام بهذا العيد في الشعر والأدب أصبح أكثر ظهوراً في القرن التاسع عشر .
أما اللون الأحمر والورود الحمراء فقد انتقلت من فكرة الدم والخصوبة وحب الآلهة عند الرومان إلى معنى العشق والعهود ، وكان الملك شارلز الثاني ملك السويد في القرن السابع عشر أول من عرف عن لغة الورد في الحب وربط كل نوع من الأزهار بدلالات رمزية معينة، وصارت الوردة الحمراء تحديداً رمزاً للحب بدون كلمات .
كما استمرت صورة الطفل بالجناحين يحمل قوساً ونشاباً رمزاً لعيد الحب ( الڤالنتاين) علماً بأنها تعتبر اله الحب عند الرومان .
ولا يزال مئات العشاق حول العالم يزورون ضريح القديس ڤالنتاين في كتدرائية بترني قرب روما في الرابع عشر من شباط من كل عام ؛ ليقيموا عهود الحب أمام ضريحه.