الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

(التنافسية الجامعية)؛ الصُندوق الأسود.

نشر بتاريخ: 27/02/2020 ( آخر تحديث: 27/02/2020 الساعة: 14:59 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

الجامعات العربية ما بين أولوياتها التنموية، وسباق التصنيف العالمي ... ما هو داخل الصُندوق وما هو خارجه.
هارفرد، أكسفورد، كامبريدج، ستانفورد، السوربون، معاهد ماكس بلانك، وزيورخ، وكليات ساندهيرست، وويست بونت العسكريتين ...، ما هي إلا أسماء ومُسميات لصروحٍ علميةٍ وتطبيقيةٍ، يكاد يعلمها القاصي والداني، فهي بمثابة وجهة وعُنوان لمن قرر وعقد العزم، في أن يكون واحداً من بين هؤلاء: النابغة أينشتاين، والظاهرة هوكينج، والثري بيل، والمفوه تشومسكي، ...، وأما القائمة فهي تَطول، لتزخر بتلك المنجزات والتي نَنّعُم بها جميعاً اليوم، بفضل مخرجات هذه الصروح العلمية في المجالات كافة، وخاصة تلك المرتبطة بعصر الثورة الصناعية، والتكنولوجية (الثورة الصناعية الرابعة)، والتي تدور عجلتها أثناء حديثي عنها في هذا الأوان، وتبقى تدور وتدور تلك العجلة! في حالة من الاستفهام العربي حولها؟ ب (أين)؟ .. ثورتنا الصناعية نحن، وأين نحن من هذه الثورة الصناعية الرابعة وسابقاتها؟
.. ويتبع الإنسان العربي ذلك بالتساؤل ب (لماذا)؟
• (لماذا)؟ أنا ملزم بالقراءة دوماً في كتاب من جامعة ميتشيغان، الطبعة رقم (..) المؤلف (س)، والمكتوبة بحروف إنجليزية غالباً، كمناهج مُعَمَمَةٍ عالمياً، وتُدرس فيها المبادئ الإدارية أو الاقتصادية أو المالية ..إلخ
• (لماذا)؟ قاموس "أكسفورد" لا غيره، لبيان مُرادفات الكلمات وترجماتها.
• (لماذا)؟ (تايلور، وفايبر، وفايول، ..) فقط، ألا يوجد محمد، وعلي، وصخر، مثلاً، ألا يوجد في التاريخ غير (نابليون، وبسمارك، ولينين، وهتلر، وستالين، وتشرشل، ..) أبطالاً.
• (لماذا)؟ التعليم الجامعي في ألمانيا مثلاً والدول الاسكندنافية مجاناً.
• (لماذا)؟ الاختراع الفلاني، والأداة الهندسية الفلانية، باسم مخترعها الأجنبي، ليكون حصرياً باسم واحد من الجنسيات المعهودة التالية: (الألمانية، الانجليزية، الأمريكية، الفرنسية) أين الجنسية العربية من بينها.
.. ويبقى التساؤل ب (لماذا) ؟؟؟ يُؤرق خلد الذاكرة العربية!! نستذكر فيه وحدان وزُرافات "الماضي التليد".
إليك عزيزي القارئ الكريم، المعايير والمستويات العالمية للتصنيف والتقييم الجامعي:
• أولاً: مخرجات "البحث العلمي"، وهنا كنت قاصداً؛ بأن تسبق كلمة مُخرجات علمية، عملية "البحث العلمي" في حد ذاتها، لأن مُؤشر التقدم المُجتمعي، يستندُ إلى مُخرجات بحثية فعلية وملموسة في أثرها التنموي، لا مُجرد عمليات "بحثية عبثية" جرى وجار عليها غُبار الزمن.
• ثانياً: معايير وشروط "الانتساب والقبول" لهذه الجامعات والكليات، والمقياس هنا يجب أن يكون مقياساً كيفياً أي (نوعي) لا مقياساً كمياً، بحيث لا يقبل المساومة بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ظرف من الظروف.
• ثالثاً: مقدار "صناعة المعرفة" وإنتاجها، عبر مؤلفات، ومنشورات، ونماذج، ومطبوعات، قابلة للتعميم والتجربة والقياس.
• رابعاً: "البيئة التعليمية" الخلاقة للريادية لا الحالمة بها فقط، وهنا أقصد في البيئة التعليمية، جميع مدخلات وعمليات تلك العملية وعناصرها ومواردها (المادية والبشرية)، من أدوات، ووسائل، ومعدات مستحدثة باستمرار "UP TO DATE" تواكب التطورات والمتغيرات، كذلك المناهج المستخدمة، والتي تراعي خصوصية الحالة، والظرفية الزمانية والمكانية للبلد والدولة، وكذلك هياكلها الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى طواقم (فنية وإدارية وأكاديمية)، مؤهلة تأهيلاً احترافياً، وصيغت في قالب من الانتماء لمهنة التعليم لا غيرها.
• خامساً: "قيادة سوق العمل" لا العكس، عبر تكوين للعلاقات الشبكية (الداخلية الخارجية)، وهنا أقصد بتلك العلاقات؛ ذلك النمط من "العلاقة السيادية والريادية"، والتي تؤثر قبل أن تتأثر، علاقة تسودُ فيها الجامعات وأكادِّيمِيها، وبالتالي يبرز ذلك الدور الريادي في المجتمعات بشكل تلقائي، بحيث تكون لها كلمتها العُليا كعلامة فارقة، والتي صقلتها بخبرتها المبادرة والصحية نحو قيادة العملية "الاقتصادية والاجتماعية".
وإذ بي وكلي فخر وإعزاز بأني أحد خريجي هذه الجامعات الوطنية، والتي صاغت بنيتها وجسدتها من تحت الركام رغماً عن أَنْفِ المُحْتَلْ، وكُلي فخر شخصي بأني تَتَّلْمَذْتْ على أيدي أساتذة من العُربْ الأفذاذ، ولكن!!
• إلى (متى)؟ ستبقى جامعاتنا بعيدة كل البعد عن واقع سوق العمل، وعن قيادته والتأثير الفعلي فيه.
• إلى (متى)؟ ستصبح الشركة الفولانية، والمصنع، والمزرعة، ... استثمار خاص بالجامعة الفلانية، تعزز بها من إيراداتها، لتقود بها وعبرها بمنهجية علمية سَليمة، سُلَمْ الحاجات والرغبات الوطنية.
• إلى (متى)؟ سيبقى "البحث العلمي" مجرد بحوثاً وأبحاثَ وصفية تقليدية، تُحاكي الغير، بحيث لا تُنمذجْ ولا تُقولبْ الاختراعات والمبتكرات الحصرية والخاصة.
• إلى (متى)؟ سيبقى "القسط الجامعي" في تضخم مستمر، و(متى) سنتخلص منه نهائياً.
• إلى (متى)؟ ستبقى مؤسساتنا التعليمية بمعزل عن حصتها في "الحوافز والدعم الحكومي" ولا تناله، والذي يعتبر مقياساً للأداء الحكومي المثالي.
• إلى (متى)؟ سيبقى "مؤشر البطالة" في ازدياد مُطرد، والذي نال اليوم من معظم التخصصات، العلمية، والطبيعية، والأدبية، وكذلك التطبيقية.
• إلى (متى)؟ ستبقى "هجرة العقول" والكوادر التعليمية، بمثابة الحُلُمْ والذي يراود نفسَ كلِ مُبدعٍ ومُبتكرٍ وخَبير.
... (متى)؟ سنركب بركب "الثورة الصناعية الرابعة"، فيما ننتج ونستخدم ونستهلك في بيئاتنا، متى .. متى .. ؟؟