الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الثنائي ترمب نتنياهو.. وصفقة القرن

نشر بتاريخ: 27/02/2020 ( آخر تحديث: 27/02/2020 الساعة: 16:02 )

الكاتب: احمد حنون

كان الثامن والعشرين من كانون ثاني يشير الى تاريخ جديد وفقا لحسابات نتنياهو بأن تغدو صفقة القرن قدراً سريعاً محكماً على الفلسطينين دونما معارضة دولية بمجرد ان يقوم الرئيس ترمب الشريك المخلص لاسرائيل بنشر وعده المنتظر على الهواء من البيت الابيض بحضور نخبة من المدعويين الحريصين على اسرائيل وعبر قنوات الاعلام العالمية كخبر عاجل ينتشر في الفضاء العالمي والاعلامي كما النار في الهشيم ليكون بوعده بصفقة القرن اكبر حليف لاسرائيل على مدى التاريخ او هكذا تم اقناعه ، ولكن ما أن انفض السامر الهوليودي المصطنع المعقود على وعد على أمل مشيع بالغطرسة والظلم التاريخي في تأييد الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية وتهويد وضم القدس وشطب حق العودة وضم الاغوار والمستوطنات ومنع اقامة الدولة الفلسطينية والتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ، والتصفيق المتواصل والمديح العالي والشكر المتناثر المتكرر في محاولة منه للحصول على اوسكار متكرر في الاخراج والتمثيل والسيناريو ، وان لم يستطع الحصول جائزة نوبل، ومحاولة لنشر الفرح المؤقت بالنجاح والانجاز للرئيس ترمب بلفور الزمن الجديد ، هذه المرة ليست كسابقاتها في التطابق الذي وصلت مواقفهم من التوافق الى حد التطابق التام وهذا ما اعلنه سابقا نتنياهو ، ولم يجد الرئيس ترمب في صفقته عن ما تم الاتفاق به بين كوشنير ونتنياهو ومجلس المستوطنات حيث اعتبرت الخطة خطة صهر ترمب ، وكان التناقض واضحا في خطاب الرئيس ترمب وبين ما خط بين ثنايا الخطة وهذا يعكس عدم معرفة ودراية في الخطة او حتى اطلاع عليها كما هي عدم الدراية السياسية للرئيس ترمب نفسه الذي لا يهتم بالتفاصيل ، ولم يرتدي نتنياهو نفس لون ربطة العنق كما سابق اللقاءات ولم ترتدي سارة نفس اللون الذي ارتدته ميلانيا ترمب ، ومع ذلك فإن نتنياهو قد شرب الماء بداية وقال " في الشرق الاوسط يشربون الماء " في عبارة استهزاء وتهكم ، وكأنه يشرب نخب الحضور في لحظة فرح مُسيجة بالتصنع والتكلف في سيرك دولي وحركات بهلوانية ، وفي محاولة لاخفاء شعوره بان تكون هذة الصفقة فاتحة خوف على صراع لمدة مئة عام جديدة ليتذكر الأحياء بعد عام موقف الرئيس الامريكي وفضلة على اسرائيل ، وبعد أن استخدمت كل ادوات التسحيج والتصفيق المصحوبة بعبارات الثناء والشكر والتقدير وتوزيع الشهادات والابتسامات الصفراء ، لم يستمر الامر اكثر من ساعات حتى تراجع الولايات المتحدة عن قرار الضم للأغوار الذي كان يستعجله نتانياهو ليحتضر الامل المصنوع وكانها صناعة ردئية توشك ان تنكسر من أول استخدام لم تقوى على الصمود والثبات ، نتنياهو قلب كل حجر وفعل كل ما يمكن ان يفعله مستعينا بحلفائه ، ولم يتأخر فريدمان عن نجدته بتفعيل اللجنة الصهيونية للضم بطريقة ساخرة ، وخرق نتنياهو كثير من المسلمات الداخلية الاسرائيلية للبقاء في الحكم حرض على القضاء وكال له الاتهامات وكذلك الاعلام وعلى العرب بتغريدات انتخابية غير مسبوقة ، الا ان هذا الامر ارتد عليه حين كتب رئيس تحرير اسرائيل هايوم ـــــــ وهي الصحيفة التي يملكها المياردير اليهودي شلدون أدلسون المتبرع الاول لحملة ترمب ــــ : ( سيكون هناك دولة فلسطينية عندما ينضم الفلسطينيون الى الحركة الصهيونية ) .
كان خطاب الامين العام لجامعة الدول العربية في مجلس الامن وهو السياسي المخضرم على درجة عالية من الاهمية كموقف عربي موحد وكذلك كأمين عام وكسياسي ودبلوماسي مرموق وخصوصا عندما بين ان الصفقة صممت بهذا الشكل ليرفضها الفلسطينيون ليتم تحميلهم لاحقا المسؤولية .
لم يتأخر معارضوا الصفقة في اسرائيل يغردون برفضها ولا يكنون لها أي احترام ومنهم عسكريون والاهم ان الدولة العميقة في الولايات المتحدة ومنهم اعضاء من مجلس الشيوخ والنواب وسياسيون سابقون ودبلوماسيون ومرشحو الرئاسة يعارضون الصفقة بالعلن ،الامر الذي يعكس عدم رضا أركان ومؤسسات الحكم في الادارة الامريكية عن الصفقة ، وانها تقتصر على ساكني البيت الابيض ، وفي المقابل كان الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة والمعلن وعدم الحضور له أثره الكبير في افشال جهود التسويق للصفقة ـــ كما فشلت من قبلها ورشة البحرين ،التي اعترف كوشنير بأن الفلسطينيون هم الذين افشلوا الورشة ــ رغم محاولات اللحظة الاخيرة التي حاولها الرئيس ترمب للتحدث الى الرئيس محمود عباس في محاولة استدراجه ان لم ينجح في استمالته فانه سينجح في التشويش عليه كما لو انه اخذ علما في وعد ترمب المشؤوم ، ولاحداث شرخ في الموقف الفلسطيني.
كان يراد من الحفل الساهر محاولة إقناع العالم بان أنجازاً هاماً تاريخياً غير مسبوق قد حصل وأن أُم القضايا حلها حلاّل العقد الملهم الشجاع الرئيس ترمب ـــ المخلص لاسرائيل ـــ مرة واحدة ببيان صحفي وإلى جانبة نتنياهو الذي لم يتوقف عن التصفيق له وإلى جانبه غانتس مُنافسه في الانتخابات ولكن الحقيقة ان نتتنياهو واليمين إضافة إلى فريق الصفقة وترمب متوترين جداً وكل له سببه في اسرائيل نتنياهو بسبب التجاوب الدولي مع الموقف الفلسطيني والتعطيل الامركي في التنفيذ المباشر للصفقة لحين انتهاء الانتخابات الاسرائيلية وكذلك عمل ما تسمى باللجنة الخاصة بالموضوع رغم ما اقدم عليه فريدمان مرة اخرى في محاولته انقاذ نتنياهو والشروع ببدء عمل اللجنة لسرعة تمرير الاتفاق قبل الانتخابات الاسرائيلية حتى يجني نتنياهو المكاسب ، وكذلك الترحيب أمرا وجهرا بجهود الرئيس الأمريكي، وفقاً للبيانات وبالصيغة والصياغة الامريكية المحددة ، الامر الذي لم ينجح في خلق مناخ مقنع للعالم بتأييد وتبني خطة ترمب في صفقة القرن ، ولم يتحدث الرئيس ترمب عن الرفض الفلسطيني للصفقة حتى يستمر الانطباع او الخداع والتضليل المتعمد بان الصفقة قد نجحت وان أحداً لا يعارضها وأن العرب موجودين وقدم لهم الشكر ولكن في الحقيقة أن هذا التقليد لاحتفالية توقيع اتفاقية المبادئ في البيت الأبيض عام 1993 لم ينجح الثنائي ترمب وفريق نتنياهو في الوصول ألية.
محاولات ترمب انقاذ نتنياهو في التدخل في الانتخابات الاسرائيلية عبر دعم نتنياهو بشكل غير محدود لإيصاله من جديد لسدة الحكم مكشوفة والانتخابات الاسرائيلية تجاوزت احتفالية الصفقة، كون منافسه بسهولة سيسحب تأيده لصفقة القرن وهذا امر وارد فهذه الصفقة للثنائي نتنياهو ترمب ولا يمكن الا أن تكون بهم ، وهنا يحاول نتنياهو فرض ارضية للتسوية تلزم الجميع وتبقيه حاضرا في كل تفاصيل العمل السياسي ، مع امكانية انقلاب الامر الى دراما مختلفة عن الرواية التي يراد نشرها.
وبذلك بدت الادارة الامريكية مرتبكة فقد تصرفت الادارة الامريكية وكأن الصفقة هي ملك حصري لكوشنير وخطة صهر الرئيس وان ما تبقى لم يطلعوا على تفاصيل الصفقة المدعاة، والتي وصفتها سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة كيلي كرافت زوجة الملياردير جو كرافت" بأنها منفتحة على التحدث مع السفير الفلسطيني، ومستقبل الدولة الفلسطينية وهذه خطة اقترحناها ويعود للجانبين الاسرائيلي والفلسطيني ان يتفاوضوا"، الامر الذي جاء متفقا مع موقف كوشنير "ان هذه الخطة ليست للفرض وانما مجرد اقتراح نحو حوار".
بينما اعلن بومبيو: ان محاولات عزل إسرائيل تتعارض مع جهود بناء المفاوضات في اشارة للمعارضة الفلسطينية لصفقة القرن وللموقف الفلسطيني في التحرك نحو الامم المتحدة.
نتنياهو تلقى كل الدعم من الرئيس ترمب حتى يستمر في موقعه كرئيس وزراء ، والرئيس ترمب يراهن على دعم نتياهو له اذا ما عاد لموقعه كرئيس حكومة رغم ملفات الفساد المقدمة ضدة ، ترمب اصبح مرتاحا اكثر لتصويت مجلس الشيوخ برفض التهم الموجه له ، والتي تم التصويت عليها مسبقا في مجلس النواب في الادانة ، في الانتخابات القادمة قد لا يكون منافسه صعب لترمب ليحصل على ولاية رئاسية ثانية ، رغم الصراع المفتوح والواضح مع الديمقراطيين والذي وصل الى العلن برفضه مصافحت رئيس مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي وقيامها بتمزيق خطاب الاتحاد ، ولا زلنا بانتظار الانتخابات الاسرائيلية التي لا يراهن عليها الفلسطينييون في تحركاتهم السياسية ولا حتى الانتخابات الامريكية لانهم لطالما راهنوا ومعهم العرب وكان رهانهم فاشل.