الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

استبدالات..

نشر بتاريخ: 21/03/2020 ( آخر تحديث: 21/03/2020 الساعة: 18:39 )
استبدالات..
الكاتب: نداء يونس
تركت قلبي مفتوحا،

احطته بالبسملة والآيات والبخور،

وقرأت عليه المعوذات،

لكن شيخا،

ما زال يمارس عليه طقوس طرد الجن.

الاعشاب التي تدقها جدتي

في جرن صخري،

لم تنفع في تسجيلي على قائمة نجاحاتها

في اخراج النساء من غيبوية الحب،

واستبدال وصفات جلب الحبيب

بوصفات صناعة الشوربات المنزلية،

وكي الملابس،

وتنظيف القلب بمكنسة قش.

لم استطع ان أبدأ أبدًا بما تعلمت،

لانني أرى في كل كلمة فخا،

وفي كل جملة حكما بالعودة الى الاعمال اليومية الشاقة

بعيدا عن الكتابة.

عندما لا تكتب شيئا فلا بد انك تفكر بشيء

كما انك حين تكتب شيئا

فانك لا بد ان تكون قد فكرت بشيء،

فكيف يمكن ان يجعلوا وصفات اعداد الوجبات الصغيرة

تحل مكان عملية انتاج النص

الذي يفترض انه لا يمكن لامرأة عاقلة

ان تضعه على طاولة العالم.

اعرف انك خلفية النهر الذي يلتقط صورة شخصية

لاستصدار جواز سفر،

وان موظف وزارة الداخلية لا يستطيع ان يفهم

كيف يمكن ان تتكرر في كل الصور التي قدمها النهر لاستكمال معاملة تقليدية

كان يمكنها ان تستغرق نصف يوم على الاكثر

لمنحه حرية الحركة;

لكنه ما زال يحاول

ان يفسر تلك الغمزة

الزرقاء.

اتحدث عنك،

كمن يبدأ الحديث عن العالم بما لم يكتشفه،

وكما يبدأ النهر الذي شق ضفتين

الحديث عن صعوبة السباحة

في مزيج بارد وحاد

كالنصل،

وشائك كفكرة الحياة الافتراضية للورود الاصطناعية،

وغامض

مثل القلاع التي يصبح لوجودها معنى قروسطي

لا ينفع في الشعر

ولا في انقاذ اللغة.

الحوارات التي لم نقلها

مهمة جدا

فقط لاننا لم نقلها

ولأنها تثير شهية الرقابة.

وانت، تشبه المدن الكبيرة،

الشوارع التي تلتصق بالتاريخ،

الموانئ التي لا تكف عن الضجر من الصواري،

الغبار النجمي،

الغابات التي تتآمر على الضوء،

والذاكرة التي تلح في حانة العالم،

وغيمة في معطف.

لأنك تعرف

أننا في عمر واحد لا يمكن ان ننتهي من كتاب،

ولا ان نرفع ذاكرتنا كلها عن حيوات سابقة

على فلاش شعبة التحقيق،

ولأننا نلوذ بالسجائر،

والخيال،

والصمت،

فإننا يجب ان نبحث عن الوصفات التي تجنبنا الجحيم،

وعن الاذكار في الصباح والمساء،

وعن روايات في امتداح أي شيء

وعن الشعر الذي يحشر نفسه في بدلة رسمية

ويضع الكثير من مثبت الشعر

وبعض العود،

وان نقرأ المعجم

كمن يصنع جنته الخاصة

من اللغة.