الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوميات كورونا...

نشر بتاريخ: 25/03/2020 ( آخر تحديث: 25/03/2020 الساعة: 17:03 )
يوميات كورونا...
الكاتب: د.ايناس عبد الرحمن عباد
معظمنا لا يفضل البقاء في البيت لفترات طويلة، فكيف إذا كان مرغماً على ذلك!؟

جميعنا دون استثناء مستاء من الوضع الذي أوجده انتشار مرض كوفيد-١٩؛ وبالرغم من أنه لم يطرق بابنا بقوة بعد، إلا أنه صار لزامًا علينا جميعاً أن نكون مدركين أكثر لخطورته، وأن يكون لدينا حس أكبر بالمسؤولية المجتمعية؛ ويبدو أن جميعنا بدأ الأزمة بتساؤلات كيف نقضي هذه الأوقات في الحجر الصحي!؟!؟نشعر بالملل...!!!!!وماذا سنفعل !!

لم نتعود رغم كوننا ننحدر من عائلات ممتدة كما هو حال العرب أينما وجدوا ، ولعل الإيطاليين يشبهوننا في هذه الخصلة، الجد والجدة والأبناء والأحفاد، جميعهم في بيت واحد، ولكننا وبالتأكيد نشفق عليهم ولا نريد أن تؤول أحوالنا إلى ما آلت اليه حالهم ...!! فرغم رمزية وجمالية الأسرة الممتدة ، إلا اننا نجد اليوم الأسرة النووية قلّما تجتمع، ونرى الأبوين نادراً ما يجدا وقتاً خاصاً لهما؛ أو حتى لأولادهم معهم.

الأب يعمل طوال اليوم لإعالة الأسرة، والام غالباً كذلك، داخل وخارج البيت للمساعدة في الامور المالية، هذا بالإضافة لدورها الاجتماعي كمربية ومسؤولة عن مسيرة العائلة، وغالباً ما يحملها المجتمع مسؤولية أي إخفاق...

اليوم لم يترك لنا فيروس كورونا سوى خيار البقاء معاً والتزام البيت ، الزوجين والأبناء وربما الأجداد إذا اقتضت الضرورة. فما العمل!؟ كيف نسير وفق واقع فرض علينا وصار مستجدا لم نعيه من قبل!!!

الغريب أن معظمنا يعتقد أن البقاء في البيت هو بمثابة سجن، فما بالهم بالسجناء فعلاً والمحكومين مدى الحياة!؟ وان كانت سجناً كما يراه البعض، على الأقل لنجعل منه سعادتنا...ويعود السؤال ذاته ماذا نفعل "زهقنا يا رب"..!!!

لو تدرون ما أكثر ما يمكن أن نفعله، لدرجة أننا سنرى اننا نحتاج لوقت إضافي في البيت ولا يزال أمامنا الكثير لنقوم به.....

هي فرصة لتعتني بنفسك قليلاً، احتس القهوة على مهل، استمع لفيروز بعيداً عن الإشارات الضوئية وأصوات أبواق السيارات وأزمة المرور، استمتع بالصباح الذي كنت تحلم به دائماً، ضع زيوت العناية بالشعر والبشرة، قم بتمارين الصباح.

اليوم لدينا المساحة لنقرأ أكثر فلو كنتم من الذين يقرأون صفحتين باليوم اجعلها ١٠ صفحات، وإن كنت لا تقرأ لعلها فرصة لكم لبدء هذه العادة الجميلة، التي تفتح أمامك أفاقاً لم تكن تعلم أنها موجودة... القراءة إحساس لا يعرفه إلامن يعشق القراءة.

هو الوقت لنقضي مع عائلاتنا أوقاتاً مميزة؛ كنّا كثيرا ما نفتقد وقتاً لنلعب مع أطفالنا، مهماً كبروا لا تزال هناك الكثير من الألعاب التي يمكن مشاركتها، كالشطرنج مثلاً، طاولة النرد، كلها العاب تنمي التفكير؛ مونوبولي، تركيب بازيل معاً، رسم لوحة جماعية... ولعبتنا القديمة( إنسان- حيوان- جماد- بلاد..)، التطريز والحياكة، والألعاب والأفكار كثيرة ومنها ما يمكن ابتكاره ....

الآن فرصتنا للصلاة على وقتها، كثيراً ما صلينا واختصرنا، أو قضينا صلاة لتأخرنا في العمل ، فرصتنا لنصل على مهل بخشوع أكبر، ونستشعر قدرة الله ونتفكر بما يدور حولنا، لنقف بين يديه دون أن نفكر بسرعة دولاب اليوم وكثرة المشاغل وطريق الذهاب والعودة ...وإن لم تكونوا من المصلين فهي فرصة للاسترخاء لبضع دقائق يومياً، أنتِ مع نفسك وحسب..

قد تكون فرصتنا أيضاً لنعد الوجبات كما تمنيناها دوماً، طريقة طهو لم نجربها من قبل، الكعك المميز الذي تعده امي، دون عجلة وتسرع، العائلة كلها مجتمعة، الجميع يساعد في تحضير المائدة وربما في تحضير الطعام، لعل ذلك لم يحدث منذ فترة ليست بالقصيرة لكثير من العائلات، لنستشعر جمال "لمة العيلة" ......

هو الوقت لنشاهد فلماً معاً، في كل مرة يختاره أحدنا، لنساعد أبنائنا في اختيار الأفلام الجيدة، وهم يساعدوننا في اختيار الرائجة، نتعرف على عالمهم أكثر ، لنكن أصدقاء، فرصة لنكون أقرب...

لعله الوقت للعبث في جوالاتنا قليلاً ونبحث عن أرقام هواتف من نحبهم، أصدقائنا الذين لم نتواصل معهم منذ فترة طويلة ربما لضيق الوقت.... اليوم نمتلك الوقت... فرصة لنعيد التواصل مع من نحبهم...رسالة نصية جميلة ستجعل يومهم أفضل وكذلك يومك.....

وبالنهاية لعلها فرصة للاستيقاظ بهدوء ودون ذعر من أن وقت العمل قد اقترب، وأننا قد نتأخر، كذلك للنوم بهدوء، وربما قصة قبل النوم التي اعتاد والدي "رحمه الله" أن يرويها لنا عندما ينقطع التيار الكهربائي في البيت، قد جاء وقت روايتها .....وقت الأحلام الجميلة والعطاء بسعادة والاستماع بالعائلة، وغداً عندما تنتهي الأزمة ويتزوج الأبناء سنتذكر فقط الأوقات الجميلة وطعم اللحظات التي منحتنا إياها أزمة كورونا.....