السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإدمان في غزة.. أرقام يُخفيها الخوف من المحاسبة

نشر بتاريخ: 02/03/2017 ( آخر تحديث: 03/03/2017 الساعة: 21:47 )
الإدمان في غزة.. أرقام يُخفيها الخوف من المحاسبة

غزة – تقرير معا – رغم خصوبة البيئة المحفزة لتعاطي المخدرات في غزة إلا أن الارادة في مجابتها لا تزال حاضرة، فالشاب الثلاثيني أحمد 35 عاما وهو اسم مستعار واحد من آلاف المتعاطين أدرك خطورة تعاطي عقار الاترامادول ودفعه للعزوف عنه.

ويقول الشاب لمراسل "معا" "إنه تناول عقار الاترامادول لقرابة أربع سنوات للحصول على الشهوة اللحظية ولكن بعد ادراكه لأضرارها التي قد تصل إلى خلل وفشل في وظائف الكبد والكلى وتلف بخلايا الدماغ وخلل في الرؤية أقلع عنه حتى لا تدهور صحته".

واستطاع الشاب أحمد بعزيمته القوية التغلب على تناول العقار دون اللجوء إلى العيادات الطبية .

ويعد الاترامادول نوع من مسكنات الالام التي يصفها الاطباء للمرضى بعد العمليات الجراحية أو للأوجاع الشديدة أو لتخفيف الم مرضى السرطان، لكن بعض الاشخاص يستخدمونه لأغراض أخرى مثل علاج سرعة القذف عند الرجال، ومنشط للجسم، والبعض يستخدمه كمسكن لآلام خفيفة لا تستدعي استخدام الاترامادول.

وغابت الاحصائيات الرسمية لأعداد المدمنين محددة فقط من يراجعون العيادات الطبية فيما تنوعت الاحصائيات غير الرسمية التي تحدث بعضها عن وجود 100 ألف مدمن في غزة فيما كانت دراسة أخرى أعدت قبل ثلاثة سنوات تتحدث عن وجود 200 ألف مدمن وبنسبة الخطأ فيها 10% فقط وفق معدها.

ويعرف الإدمان هو الاستعمال السيئ للعقاقير أو الكحوليات او السلوكيات بحيث يصبح المدمن تحت تأثيرها في جميع تصرفات حياته ولا يمكنه الاستغناء عنها وتؤثر على حالته النفسية والعضوية والمزاجية.

وقال مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور يحيى خضر لمراسل "معا" في غزة :"إن ما يتردد إلى مراكز الصحة لا يتعدون الـ 1300 مريض".

وأكد مدير عام الصحة النفسية أن كل الاحصائيات والدراسات التي تتناقلها وسائل غير دقيقة وليست صادرة من جهة رسمية، مشيرا إلى وجود دراسة لمنظمة الصحة العالمية ولم تخرج بأي احصائيات حتى اللحظة.

وقال :"إن كل ما يتردد إلى عيادات الصحة النفسية لا يتجاوزون الـ 1300 حالة"، مضيفا" هناك عدد أكبر وغير معروف لانهم لا يترددون إلى العيادات ".

وأوضح وجود عملية مشتركة مع وزارة الداخلية في هذا الملف، وأن القانون لا يسمح باعتقال أو حجز أي مدمن وهذا أحد أسباب عدم وجود إحصائيات حقيقية .

وتابع :"نتوقع أن يكون هناك عدد كبير ولكن ليس بالشكل الذي تتحدث عنه الدراسات والاحصائيات بسبب الحصار والبطالة وانسداد مستقبل الشباب".


وأكد أن غالبية المدمنين يتناولون عقار الاترامادول لكن هناك أشكالا أخرى من الادمان مثل القمار والتدخين والتكنولوجيا والكحول كما عرفتها الصحة العالمة وهي غير مجتمعة في غزة.


وقال "نتعامل فقط مع المدمنين الذي يتعاطون بعض المواد المخدرة مثل الافيون الاترامادول"، مشيرا إلى افتتاح مركز الفطام بداية العام الحالي للحالات البسيطة للذين يتعاطون الاترامادول ويحاولون التخلص منه.
وأضاف" قبل أسبوعين تم تخريج الفوج الأول من المركز وهم الذين تماثلوا للشفاء"، موضحا أنه يتم حجز المريض في المركز لمدة 3 أسابيع وكل مريض حسب حالته ويتم التعامل معه، مشيرا إلى وجود نتائج طيبة في العلاج.
بدوره ، قال الدكتور فضل عاشور استشاري الطب النفسي والعصبي إنه أجرى قبل ثلاث سنوات دراسة حول أعداد المدمنين في قطاع غزة وكانت النتيجة وجود 200 ألف مدمن بنسبة الخطأ في الدراسة 10 %.


وأضاف في حديث لمراسل "معا" "ظاهرة الإدمان في غزة ليس مقتصرة على الاترامادول رغم أن تناولها أعلى نسبة ويليها الحشيش والمنشطات".
وأوضح أن المدمنين أو من يتعاطون لديهم مشاكل نفسية وقلقون جدا وهذه العقاقير تحسن المزاج وتجعلهم يتواصلون بشكل أفضل مع الناس وبطريقة أسهل.

وعزا استخدام الاترامادول أو المخدرات بسبب غياب الأمل والقلق الاجتماعي وغيره، مشيرا إلى وجود ظاهرة الإدمان في كل البلدان لكن الفرق بين كل مجتمع هل ظاهرة معزولة أو حالة وبائية ؟ .

وأجاب قائلا :" في غزة أصبحت حالة وبائية لأن هناك قلق واسع النطاق لدى الناس ولا يوجد حلا له نتيجة الاوضاع الصعبة التي يعشها القطاع".

وبحسب عاشور عندما يصل المدمن إلى الطبيب يكون قد وصل إلى مراحلة خطيرة ونشأ لدية تغير عضوي في الدماغ .

وتحدث الدكتور عاشور عن تصورات خاطئة حول الادمان منها حديث معظم المجتمعات التي تعاني الأزمات ومنها قطاع غزة يحاولون تصوير المخدرات بانها مستوردة ومؤامرة ضدهم وهذا غير صحيح وهي محاولة للهروب من أسبابها .


وأضاف "ثانيا كما أن التصور بالإمكان حل المشكلة بالقوة البوليصة من خلال منع تهريب المخدرات أيضا خاطئ بل سيحاول المدمن الحصول على بدائل من الطبيعية بمعنى أن الظاهرة ستبقى ولكن سيتغير المخدر فقط".

وبحسب عاشور أيضا "من الخطأ الحديث أن الإدمان أحد ظواهر انخفاض الوازع الديني لان ضحايا موجة الادمان على الاترامادول ناس من النخبة وخريجين من الجامعات وفاعلين في المجتمع".

وأشار إلى أن الفئة الأكثر عرضه للإدمان هم الشباب ما بين 20 عاما الى 30 عاما وتعرضوا لصدمة كبيرة خلال الـ 10 سنوات الماضية ومحرومين من كل شيء اذ لا عمل ولا زواج و لا سفر ".

من جهتها قالت وزارة الداخلية في قطاع غزة إن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات جهزت خطة مميزة لتوجيه ضربات نوعية لمروجي المخدرات خلال عام 2017.


وأضاف وكيل وزارة الداخلية ومدير عام قوى الأمن الداخلي بالقطاع توفيق أبو نعيم في الثالث والعشرين من يناير الماضي "رغم الألم الذي يعتصر قلوبنا ما تم ضبطه من قبل رجالات مكافحة المخدرات من مواد مُخدرة، منذ مطلع العام الحالي، يُعادل ما ضُبط في عام 2016 بأكمله".

من ناحيته، أكد المقدم أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة أن الجهود متواصلة على مدار الساعة لمتابعة كل قضايا المخدرات وملاحقة التجار الذين يدخلونها إلى القطاع.


وأشار البطنيجي في حديث لمراسل "معا" إلى أن شرطة المكافحة القت القبض على العديد من التجار وبحوزتهم كميات كبيرة من المخدرات خلال يناير الماضي .

وقال "كميات المخدرات التي تدخل إلى غزة يتم دفع ثمنها باثر رجعي وتكلفة بيعها أقل من انتاجها" ، مضيفا "هناك أيد خفية وأولها الاحتلال وثانيها من يريد لغزة أن تغرق في المخدرات".

وعن مصادر تهريب المخدرات لغزة ، أوضح أن منطقة تهريب المخدرات هي المنطقة الجنوبية وتحديدا نقطة البحر والانفاق والحدود مع الاحتلال .

وقال :" طوال السنوات الماضية لم تكن الجهات القضائية رادعة بشكل حازم في جرائم المخدرات لكن نتمنى خلال الأيام القادمة أن نستمع إلى أحكام عالية جدا ضد التجار قد تصل للإعدام والمؤبد".

وأشار إلى آخر كمية ضبطت هي عبارة عن الف فرش حشيش و نص مليون حبة ترامادول.

وفي الربع الأخير من العام الماضي، أتلف الهيئة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات، نحو 400 ألف حبة من عقار "الاترامادول"، و(1850) من الحبوب المعروفة باسم "سعادة وأريكا"، و(33.5) كيلوجرام حشيش، و(895) من حشيش البانجو، و(335) جرام كوكايين، و(25) جرام أفيون.
وكان مدير شرطة مكافحة المخدرات برفح الرائد أنور حماد قال إن إدارة مكافحة المخدرات حققت نقلة نوعية في كميات المخدرات المضبوطة والأنواع والأشخاص خلال العام الفائت.

واعتبر حماد عام 2016 عام الضربات الموجعة لتجار ومروجي المخدرات في قطاع غزة بشكل عام وفى مدينة رفح على وجه الخصوص.
ولفت حماد في تصريح سابق إلى أن رغم قلة عدد الأنفاق مع مصر غير أن المهربين يستحدثوا باستمرار طرقا جديدة للتهريب ولترويج المخدرات مما يتطلب من الجميع بالوقوف أمام مسئولياتهم أمام هذا الخطر الكبير.

وشدد على الدور الكبير لشرطة المكافحة، مشيرا إلى أنهم يقومون بمتابعة وضبط المتهمين، من خلال إذن من النيابة العامة.
ووصف حماد ظاهرة المخدرات بـ "الدخيلة" على عادات وتقاليد هذا الشعب، منوها إلى أن من يروجون هذه الأفة منبوذين من كافة أطياف المجتمع.

تقرير أيمن أبو شنب