الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورقة حقائق: الاوضاع الانسانية في غزة تشهد تدهورا غير مسبوق

نشر بتاريخ: 02/05/2017 ( آخر تحديث: 02/05/2017 الساعة: 19:34 )
غزة- معا- أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان ورقة حقائق حول (الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة خلال الربع الأول من عام 2017م)، التي تشهد تدهوراً غير مسبوق بفعل الإجراءات الإسرائيلية غير الإنسانية، والإجراءات التي تقوم بها السلطات الفلسطينية المدفوعة بالانقسام الداخلي.

وأشارت الورقة إلى الحصار الإسرائيلي الذي بدء يجّر على السكان عواقب أشد خطورة من أي وقتٍ مضى، وأفضت الأزمات القصدية وفرض العقوبات الجماعية، وأزمة التيار الكهربائي المتواصلة إلى تغييرات هيكلية وعميقة في مستوى الخدمات الضرورية التي خلقت واقعاً كارثياً، وضاعفت من معاناة السكان المدنيين، في وقت تشهد فيه أوضاع المرضى تدهوراً خطيراً جراء القيود المفروضة على حريتهم في الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة، وضعف إمكانيات قطاع الصحة في غزة وعدم قدرته على التعامل مع كثير من الحالات الحرجة ولاسيما تلك المصابة بأمراض خطيرة كالسرطان وغيره

وأشارت الورقة إلى سياسة عزل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، وعن محيطه الخارجي، والقيود المفروضة على السكان بفعل الإجراءات التي تحدّ من حرية الحركة والتنقل، وحرمان السكان من اجتياز المعابر إلا وفق تصاريح تصدرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر غاية في الصعوبة، والقاعدة العامة هو رفض استصدار التصاريح بينما الاستثناء الحصول على تصريح لفترة محددة، وأمام هذه الأوضاع القاسية باتت أخبار معبر رفح المغلق تسترعي اهتمام سكان القطاع الراغبين بالسفر بغرض الدراسة والعلاج والعمل.

وأوضحت الورقة مستوي التدهور في الخدمات التعليمية والصحية جراء فرض القيود المشددة على حرية المرضى في الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة لتلقي الرعاية الصحية المناسبة، وعدم قدرة السلطات على تشييد مدارس وفصول جديدة حيث ارتفعت معدلات الكثافة الصفية في المدراس وبلغت (37.84).

وأشارت الورقة إلى أزمة التيار الكهربائي التي فاقمت من معاناة سكان قطاع غزة والتي تعدّ من أبرز وأهم تداعيات الحصار والانقسام الداخلي الفلسطيني حيث برزت من جديد لتلقى بظلالها على مجمل الأوضاع الإنسانية، وتهدد القطاعات الأساسية والحيوية بالشلل، بعدما إعلان سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية بغزة عن توقف توليد الكهرباء في المحطة جراء نفاذ الوقود، في أعقابها تناقصت تمديدات التيار الكهربائي إلى أن وصلت ساعات الوصل في اليوم الواحد (4) ساعات، وفي أحسن الأحوال تصبح (6) ساعات فقط، وهذا يعتمد على استمرارية تغذية مدينة رفح من الخطوط المصرية التي تتعرض للأعطال وأعمال الصيانة المتكررة.

كما طالت الأزمة خدمة مياه الشرب والصرف الصحي حيث أكدت سلطة مياه بلديات الساحل بأن تجدد استمرار انقطاع التيار الكهربائي سيؤدي إلى تخفيض عمل العديد من آبار المياه ومحطات ضخ المياه إلى (60%)، ومحطات التحلية إلى (80%) من طاقتها، وشلل في القدرة على تجميع وضخ ومعالجة مياه الصرف الصحي، في ظل الحاجة إلى (400,000) لتر من الوقود شهرياً، وعدم القدرة على معالجة مياه الصرف الصحي سيؤدي إلى ضخ حوالي (110,0000) متر مكعب يومياً من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى شاطئ البحر بشكل مباشر، مما ينذر بمشاكل صحية وبيئية، وحرمان المواطنين من المتنفس الوحيد، ومنع الاصطياف على شاطئ البحر.

وذكرت الورقة أن التهديدات التي تواجه الخدمات الصحية في (13) مستشفى حكوميّاً، و(54) مركزاً للرعاية الأولية، والتي لها علاقة مباشرة بخدمة (1.2) مليون زائر سنوياً، جراء استمرار أزمة التيار الكهربائي التي تنذر بوقف عمل الأجهزة الطبية حال استمرت الأزمة ويقدر عددها ب(115) جهازاً لغسيل الكلى، ينتفع منه حوالي (620) مريضاً بالفشل الكلوي في قطاع غزة، إضافة إلى حوالي (45) غرفة عمليات جراحية، من بينها (11) غرفة عمليات ولادة قيصرية، بالاضافة الى عدد (113) حضانة للأطفال الخدّج غير مكتملي النمو، وأقسام عناية القلب المفتوح، وقسطرة القلب، وأقسام علاج الأورام منها أجهزة التصوير بالأشعة. إضافة إلى آثار الأزمة التي تشكّل تحديّاً حقيقيّاً أمام سير الخدمات التعليمية، ويتعذر على المؤسسات التعليمية تقديم خدماتها بالشكل المناسب، ويَحُدُّ من قدرة الطلبة على مراجعة دروسهم في منازلهم، ومعاناة تلاميذ المدارس التي لا تدخلها الشمس بسبب المباني السكنية العالية المحيطة بها وتحتاج إلى تشغيل الإنارة المفقودة في ظل الانقطاع المتكرر للتيار، وعدم وجود مولدات كهربائية مما يخيم على الفصول الدراسية الظلام وانعدام الرؤية الواضحة، وما يزيد من صعوبة الأوضاع أن أزمة التيار الكهربائي تترافق مع اقتراب موعد الامتحانات ولاسيما امتحانات الثانوية العامة.

كما عبّرت الورقة عن الظروف البيئية والصحية جراء تعذر وصول المياه إلى الخزانات العلوية بالمدارس في ظل انقطاع والقلق من عدم القدرة على توفير المياه المستخدمة في النظافة، مما يؤدي إلى تراكم النفايات والقمامة في دورات المياه والمراحيض والفصول والممرات والمختبرات العلمية مما ينذر بانتشار الأمراض بين صفوف الطلبة.

أشارت الورقة إلى الأزمة على الإنتاج الغذائي وصلاحيته في ظل تلف الخضروات واللحوم الطازجة، والمنتجات الغذائية المصنّعة، والألبان والحليب نتيجة توقف أجهزة التبريد خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى تداعيات الأزمة على القطاع الصناعي، وتوقف خطوط الإنتاج في المصانع، وانخفاض إنتاجية المنشآت الصناعية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المنتج، وضعف قدرته التنافسية.

وأفردت الورقة محوراً خاصاً بأزمة خصومات الرواتب التي طالت موظفي القطاع العام في قطاع غزة الذي أفضى إلى تداعيات خطيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأن غالبية الموظفين لديهم التزامات مالية وقروض مصرفية (بنكية)، مما يحدّ من قدرة الموظفين على الوفاء بالتزاماتهم المالية، كما سينعكس بشكل خطير على حياة الموظفين وأسرهم بشكل خاص وعلى الأنشطة الاقتصادية عامةً جراء انخفاض القوة الشرائية في قطاع غزة، حيث ارتفعت أعداد الشيكات الراجعة وبلغت نسبتها حوالي (50%) من مجمل الشيكات، كما انخفضت المبيعات بنسبة لا تقل عن (50%)، وأمام هذه التطورات أصبحت الشركات أمام خيارات وقرارات صعبة منها تقليص المرتبات الشهرية للعاملين، وتسريح بعضهم من العمل كما واجهت المحلات التجارية الصغيرة ومتناهية الصغر (البقالة) اهتزازات مالية كبيرة، كونها تعتمد بشكل كبير في أنشطتها اليومية على التحصيلات النقدية المستحقة على الزبائن، حيث بلغ ما نسبته (80%) من الزبائن لم يستطيعوا سداد الديون المستحقة.

وخرجت الورقة بنتيجة أن الحصار الإسرائيلي وما يتعرض له المدنيون من انتهاكات جسمية طالت مختلف حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يعتبر الأسوأ والأقسى بعد أحد عشر عاماً من الخنق الاقتصادي والاجتماعي، وأفضى كذلك إلى تراجع حالة حقوق الإنسان، وانعكست هذه الإجراءات الإسرائيلية التي تشكل مخالفة واضحة وصريحة لالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، على مؤشرات الأوضاع الإنسانية حيث لا تزال الحالة المزرية مستمرة في قطاع غزة.

كما أظهرت الورقة بأنه في ظل التغيرات الدراماتيكية التي يشهدها قطاع غزة، وأمام الأرقام والمؤشرات المفزعة جراء الأزمات العمدية تراجعت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، وما يزيد من خطورة الموقف أن الازمات تترافق مع تباين في المواقف السياسية بين الأطراف الفلسطينية وعدم وجود حلول جذرية للأزمات الداخلية وأزمة التيار الكهربائي على وجه الخصوص، بل ارتفعت وتيرة التهديد بتنفيذ إجراءات إدارية إضافية تتعلق بالموظفين والخدمات التي يقدمها القطاع الحكومي العام في قطاع غزة.

وطالبت الورقة الأطراف المحلية والإقليمية بالتحرك فوراً من أجل إنقاذ حياة السكان في قطاع غزة، كما طالبت المجتمع الدولي بضرورة الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل والفاعل لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ، وضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من المسؤولية القانونية المترتبة على دولة الاحتلال في حماية حياة السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، كما ينبغي على السلطات الفلسطينية أن تتحمل مسؤوليتها وتحسين مستوى الخدمات الأساسية ومعالجتها جذرياً، ووقف المناكفات السياسية وتجنيب القطاعات الحيوية الخلافات السياسية، ورسم وتنفيذ الخطط الاستراتيجية الكفيلة بمعالجة الأزمات كافة.