الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

استراتيجية محافظة الخليل التنموية والدور الحكومي في استكمال انجازاتها

نشر بتاريخ: 31/12/2017 ( آخر تحديث: 31/12/2017 الساعة: 15:28 )

الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات

يختلف الأشخاص فيما بينهم من ناحية المؤهلات والدراية الإدارية وكيفية وأسلوب تنفيذ الأداء ، لأن الأعمال بطبيعة الحال مختلفة من حيث التغير والتعقيد في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ومتفاوتة فيما تحتاج إليه من قدرات وإمكانيات ومواهب، جميع الأعمال والوظائف في كافة القطاعات الحكومي والخاص والمدني تحتاج بالشكل المنطقي والمناسب والعملي أن يكون المؤدي لأي وظيفة امتلاك القدرة التي تناسب وتلاءم هذه الأعمال، بالإضافة إلى امتلاكه مهارة التأثير بالآخرين والتعامل مع كافة القضايا بحكمة وكفاءة عالية من أجل العمل على تحقيق أهداف المؤسسة أو المكان الموجود فيه.
وبعيدا عن الدخول بتفاصيل احاله مجلس الوزراء ملف الخليل باستحداث ثلاث محافظات في محافظة الخليل لوزيري المالية والحكم المحلي وهي صاحبة القرار المسؤول والصائب بما يخدم المحافظة ، باعتبار محافظة الخليل اكبر المحافظات الفلسطينية من الناحية الجغرافية والسكانية وبمعادلاتها الاجتماعية وتعقيداتها السياسية وتطوراتها الاقتصادية والمخزون البشري التعليمي والثقافي وتأثيرها الديني ، وحجم مواجهة الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية والمستوطنين، ومتابعة قضايا وأزمات إنسانية واجتماعية من فقر وبطالة كغيرها من المحافظات ولعدم انصاف المحافظة في توزيع المشاريع التنموية والوظيفية الإدارية والأمنية والسلك الدبلوماسي وغيرها مقارنة مع المحافظات الاخرى .
كان لها الحظ بان يكون كامل حميد على رأس إدارة محافظة الخليل بمرسوم رئاسي أواخر العام 2010م ، الذي يتسم بالسماحة واللطافة في التعامل ، وبالعلم والحكمة ورجاحة العقل بالعمل الإداري وبالشفافية والنزاهة والعدالة والمسؤولية باتخاذ القرار ، وانتهاج سياسة الباب المفتوح بالاستماع لهموم وقضايا المواطنين شخصيا ، ومشاركة المؤسسات المجتمعية من أعلى المناصب الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والحزبية والأكاديمية في المحافظة ولغاية اقل الأعمال شانا فيها لمناقشة القضايا والتحديات المتعددة من خلال تشكيل المجالس واللجان القطاعية والتي كانت مبادرات خلاقة في سياسة المحافظ حميد بجمع الطاقات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في تلك المجالس واللجان التي ما زالت على راس عملها للمساهمة في الارتقاء العمراني والخدماتي وإعداد الخطط القطاعية التنموية وترؤس اللجان المختصة الزراعية والسياحية والبنية التحتية والتعليم العام والجامعي وإفساح المجال التعامل مع المبادرات الخلاقة وتبنيها من مختلف ابناء المحافظة .
لا شك بان التحولات الجوهرية التي حصلت في عمل وأداء المحافظة خلال الاعوام الماضية القليلة ، جاءت استكمالا للجهود التي بذلت من المحافظين السابقين الذين عملوا بمجالات التنمية الادارية واللوجستية الامنية وغيرها والوحدة الجغرافية وتقديم الخدمات للمواطنين في ظروف معقدة امنيا وسياسيا ، وخلال الاعوام السبع الماضية استمرت الظروف الامنية والسياسية التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي بل زادت تعقيدا وتشابكا في خضم الحراك السياسي للقيادة الفلسطينية على المسرح الدولي في مواجهة التحديات على ارض الواقع نتيجة سياسات الاحتلال الاسرائيلي وتعنته وتواطؤ امريكي وبعض الدول الحليفة في المسرح الدولي كانت محافظة الخليل بمقدمتها محافظها بالتعاون والتنسيق التام الذي قل نظيره مع بقية المكونات المجتمعية التنظيمية اهمها امناء سر وأعضاء الاقاليم وأبناء حركة فتح والفصائل والقوى السياسية والاقتصادية والمجتمعية والفكرية والثقافية والمؤسسات الحكومية والأمنية راس حربه بالتفافها حول السيد الرئيس محمود عباس والقيادة السياسية وحكومتها في مواجهة تلك التحديات.
واستدراكا ووعيا لطبيعة المرحلة بالرغم من تلك التحديات الجسام تمت النقلة النوعية والمتميزة للجهود الصادقة والمخلصة لمحافظ محافظة الخليل وللإدارة السليمة والحكيمة في التعاطي مع كافة القضايا والتحديات الداخلية والخارجية والتي انطلقت برؤية ونظرة ثاقبة بفاعلية وكفاءة عالية نحو بناء محافظة أمنة ومستقرة بتعزيز سيادة القانون ومواصلة الإصلاح المؤسساتي وتطوير الأداء الداخلي لدى كافة موظفي المحافظة في المتابعة والانجاز لتحقيق الأهداف المستقبلية ضمن الأولويات والاحتياجات المستقبلية ،اليوم تقف محافظة الخليل بمؤسساتها ومواطنيها وتسجل للمحافظ كامل حميد محافظ محافظة الخليل هذه التحولات خاصة بالحصول على قرارات بجلسات مجلس الوزراء الذي انعقد في دار محافظة الخليل بمشاركته شخصيا بالحصول على مشاريع تنموية وإدارية ووضعها على سلم اولويات قرارات دولة رئيس مجلس الوزراء في الموافقة على دعم وتمويل بناء مستشفين في دورا وحلحول.
ان دور المحافظة في نسج علاقة إستراتيجية مجتمعية ليس سهلا بأي مجتمع متقدم ام غيره ، ولكن حينما يكون راس الهرم القيادي للمؤسسة حاضرا ومتابعا وموجها ومسؤولا وحامي البيت وإنسان له رؤيته ومنهجيته بعيدا عن الاعتبارات الشخصية والاجتماعية في بناء ونسج علاقة المحبة والعطاء والمبادرة للبناء على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لتحقيق المصالح العليا للمحافظة خاصة وللوطن عامة بإشراك المجتمع المحلي داخل المحافظة بمؤشرات حقيقية استندت إليها المحافظة بتقييم سنوي جدي وعملي وشمولي من خلال الرجوع إلى كافة معطيات ونتائج العمل المؤرشف والموثق في الأداء العام على المستوى الداخلي لمكتب المحافظة أو مع المؤسسات الحكومية والأمنية والمدنية لبناء مؤسسة حكومية محصنة تلبي كافة متطلبات العمل الإداري والمهني والتنموي على أسس علمية صحيحة.
لا شك بأن الاحتلال الإسرائيلي يمثل العقبة الرئيسية في تقدم وتطور المحافظة وأي محافظة اخرى على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية خاصة في المناطق C التي لا تخضع لسيطرة اجهزة الدولة الفلسطينية ، ولكن المحافظ حميد أخذ على عاتقه البدء بداية تسلمه لمهامه في محافظة الخليل على تنفيذ مشروع محلي وطني من خلال وضع بنكا للأهداف، أهمها نسج علاقة قوية وترابط مؤسساتي على أساس التعاون والتنسيق مع كافة مؤسسات المحافظة جعلتها تؤمن تلك المؤسسات بالدور القيادي وبمكانة المحافظة في الانفتاح على صياغة ووضع خطط عمل تعاون بين الإدارات العامة والمستشارون مع مؤسسات المجتمع المحلي ، اجتماعيا ، اقتصاديا ، مؤسساتيا ، أهليا استقرار الوضع الأمني في كافة جغرافية المحافظة ، وتسهيل كافة المهمات لأجهزة الدولة مدنيا وامنيا ، والتوزيع العادل لكافة الخدمات والمساعدات والمساهمات للأسر المحتاجة والفقيرة والطلاب والمرضى وللمؤسسات والجمعيات والنوادي والأفراد والمؤسسات التعليمية والمحلات التجارية والبيوت والمنازل التي تم هدمها او عبث بها من سلطات الاحتلال ، وتوفير منازل للأسر المحتاجة وتقديم يد العون لهم ، والبلدة القديمة والمسافر والمناطق المهمشة والقريبة من الجدار والطرق الالتفافية والمستوطنات والبؤر الاستيطانية ، وتقديم المشورة والرأي للمؤسسات والأفراد بما يخدم قضاياهم وبما لا يتعارض مع القانون وغيرها الكثير التي تحتاج لوقت وجهد لسردها.
أن الدور الكبير والمسؤول لتنظيم عمل اللجنة الأمنية العليا المصغرة - والموسعة وتنظيم جلساتها الأسبوعية الدورية هدفها تحقيق أقصى درجات الأمن للمواطنين وممتلكاتهم العامة والخاصة وفقا للقانون، وتوطيد وتوثيق العلاقة الرشيدة بين الأجهزة الأمنية وقطاعات المجتمع المحلي بمختلف ألوانه السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال توفير كافة الأجواء السلمية و الحماية الأمنية لكافة الفعاليات والمهرجانات والندوات والمؤتمرات الوطنية والحزبية التي أقيمت في المحافظة والتي امنت لها الحماية والدرع الامني بمئات الفعاليات المنتشرة في المحافظة ، وتشكيل مجلس السلم الاهلي والمجلس العشائري الذي انبثق عنه لجان فرعية عن المؤتمر العشائري الذي يضم اكثر من 600 شخصية مفصلية عائلية ذات ايادي نظيفة وتاريخ وطني مشرف لتعزيز دور السلم الأهلي الاجتماعي في المحافظة.
ان محافظة الخليل اليوم بوجود المحافظ حميد ومن وجهة نظر غالبية السكان المدنيين ومدراء وموظفي المؤسسات الحكومية والأهلية والاقتصادية والثقافية والاعتبارية والسياسية يعتبرون المحافظة الواجهة التي يمكن الاستفادة من تجاربها الناجحة خاصة فيما يتعلق بتشكيل المجالس واللجان القطاعية والتطور الإداري الوظيفي بامتلاكها كادرا وظيفيا مهني ومتخصص من ذوي الخبرة قادرا على تحليل وصياغة الظروف المؤثرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال القيام بالأنشطة والفعاليات المتعلقة بإقامة وتنظيم ورش العمل والندوات والمؤتمرات العامة وربطها باحتياجات المجتمع المحلي في المحافظة ، وهو مؤشر ايجابي لتطور عمل المحافظة خاصة إعطاء القطاع النسوي أولوية في عملها ونشاطاتها من خلال إشراكها في صنع القرار المحلي بحضورها ومشاركتها في الاجتماعات العامة والخاصة بسلاسة ومرونة وخاصة دورها في المجلس الاستشاري والعشائري والتنفيذي والمجلس النسوي للمحافظة ،وتشكيل المجلس الاقتصادي مع المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية للمحافظة الذي يضم كافة الغرف التجارية والاتحادات الصناعية وملتقى رجال الأعمال وذوي العلاقة بالشأن الاقتصادي مما عزز دور المحافظة في هذا المجال لتوفر الخطط الإستراتيجية الجاهزة لبعض القطاعات وهي تمثل نقلة نوعية للمحافظة لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني والأهلي والأكاديمي وذوي الخبرة في الشأن التنموي في إعدادها.
لقد اثبت هذا الرجل وبدون مبالغة في إنصافه بأنه وفر كافة الأجواء الايجابية لخلق حياة أمنة وقانونية لأي استحقاقات مستقبلية في محافظة الخليل ،وانه نقل محافظة الخليل بعد عام 2011 م من قسم اللانصاف إلى دائرة الإنصاف في صنع القرار السياسي والإعلامي والاقتصادي الحكومي والتنموي والإداري ، وأصبحت المحافظة بجغرافيتها محطة رسمية للزيارات والجولات التي يقوم بها مكتب السيد الرئيس ودولة رئيس الوزراء والوزراء والسلك الدبلوماسي والوفود الرسمية والشعبية المحلية والإقليمية والدولية للاطلاع على أوضاع المحافظة في كافة المجالات ، الأمر الذي ساعد في عقد الكثير من الشراكات المحلية واتفاقيات مع دول متعددة.
والسؤال الاخير حتى تستكمل محافظة الخليل استراتيجيتها للأعوام القادمة في مدى تهيؤ الحكومة الفلسطينية على رسم سياسة جديدة لقيام المحافظات بدورها بالتنمية الشاملة لتعدد الاتجاهات والمرجعيات للوزارات والمؤسسات والمنظمات والوكالات التنموية التي تعتبر المحافظة حقها في ادارة شؤونها التنموية داخل محافظتها ؟ وما مدى تشجيع الوزارات في التعاون التام والرجوع للمحافظات في خططها التنموية السنوية ووضعها في خطة استراتيجية شاملة للمحافظة ويتم اعتمادها في مجلس الوزراء ؟ هذه الاسئلة وغيرها غير الواضحة هي الاسئلة في حل لغز العلاقة بين المحافظات والوزارات لفك التشابك لتحديد مهام وصلاحيات كل طرف ؟ وإعطاء المحافظات دورها الريادي والحقيقي التي تقوم بها؟
مستشار محافظ للسلم الاهلي ولشؤون البحث والتطوير