الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

التطورات في الشمال.. هل تنعكس ايضا على غزة؟

نشر بتاريخ: 12/02/2018 ( آخر تحديث: 12/02/2018 الساعة: 11:14 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

التوتر على الجبهة الشمالية لم يبدأ بعد ان تم اعتراض الطائرة الايرانية بدون طيار والتي تقول اسرائيل انها اخترقت اجواءها، وما تبع ذلك من قصف اسرائيلي لاهداف داخل سوريا تقول انها اهداف عسكرية لايران ولمنظومة الدفاع السورية التي نجحت هذه الدفاعات في اسقاط طائرة حربية اسرائيلية للمرة الاولى منذ العام ١٩٨٢، اي قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود ونيف.
هذه الحادثة كانت كفيلة بأن تؤدي الى حرب شاملة على الجبهة السورية مع احتمالية انتقالها الى جبهة غزة. لكن ايران وسوريا وحزب الله لم يفقدوا عقولهم بعد اسقاط الطائرة الاسرائيلية الذي يشكل انتصارا معنويا كبيرا قبل ان يكون انتصار عسكريا حيث يضع حدا للعنجهية والتبجح الاسرائيلي الذي يستسهل اللجوء الى استخدام القوة متى شاء واينما اراد.
وكذلك لم تفقد القيادة الاسرائيلية عقلها بعد تلقيها هذه الضربة الموجعة ولم تتهور في تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة تتدحرج الى مواجهة شاملة.
حتى اللحظة اكتفى الجانب الاول باسقاط الطائرة انتقاما للقصف وما تكبدوه من خسائر واكتفت اسرائيل بما قامت به من عمل.
حتى اللحظة ما لم تحدث تطورات خارج حسابات الاطراف، لن يتطور ما حدث امس الى مواجهة شاملة، وان الامور ستسير نحو التهدئة، لكن بشكل مؤقت. العديد من العوامل تقود الى هذا الاستنتاج.
اولا ، في اسرائيل الرأي العام ضد الدخول في اي حرب شاملة لا داعي لها. هم يتفهمون الدخول في حرب وتحمل اعبائها فقط اذا لم يكن هناك اي خيار آخر. حتى اللحظة لا احد في اسرائيل مقتنع ان هذه الحرب ضرورية، سيما ان رحى هذه الحرب سيدور في شوارع اسرائيل وليس فقط في شوارع بيروت ودمشق من خلال امطارهم بمئات الصواريخ.
ثانيا، نتنياهو كشخص لا يميل الى اتخاذ قرارات استراتيجية بهذا الحجم، وطالما الامر يتعلق به سيحرص على عدم اللجوء الى هذا الخيار، مع ان هناك من يعتقد ان التحقيقات التي تجريها معه الشرطه قد تجعله يشجع على هذه الحرب لحرف انظار الرأي العام الاسرائيلي عن قضايا الفساد.
ثالثا، الجيش الاسرائيلي الذي يستعد الى كل السيناريوهات بما في ذلك حرب شاملة في الشمال والجنوب على حدا سواء، وعلى مدار السنوات الماضية تم اجراء المناورات والاستعدادات، بما في ذلك مناورات للجبهة الداخلية والتي كان اخرها خلال الايام الماضية، رغم ذلك الجيش الاسرائيلي وعلى رأسه رئيس الاركان غابي ايزنغوت لا يعتقدون ان الحرب الان لا مفر منها طالما يستطيعون الحفاظ على الخطوط الحمراء التي وضعتها اسرائيل لنفسها ولم يتم تجاوزها.
رابعا، اسرائيل تفضل اذا كان قرار الحرب هي من تختار توقيته ان يكون بعد انجاز الجدار الفاصل على الحدود الشمالية مع لبنان، وكذلك انجاز الجدار الفاصل على طول الحدود مع غزة.
خامسا ، اللاعب الروسي هو لاعب اساسي في الساحة السورية، ورغم الدعم الروسي الصريح لسوريا وللرئيس بشار الاسد الا ان اسرائيل تحرص على عدم توتير العلاقة معهم، سيما ان هناك قوات عسكرية روسية ونشاط للطيران الروسي واي عملية عسكرية اسرائيلية تعرض حياة هذه القوات للخطر.
ربما تدرك اسرائيل ان روسيا رغم دعمها قد لا تكون راضية عن الوجود الايراني وتعزيزه في سوريا ولكنه لا يعني ان تغض الطرف عن عدوان اسرائيلي شامل على سوريا.
اما فيما يتعلق بالطرف الاخر، سوريا وايران وحزب الله، فان خيار المواجهة الشاملة هو الخيار الاخير لديهم طالما لم يتم حسم الامر عسكريا على الجبهة السورية الداخلية. ما زال امامهم عمل كبير هناك. المواجهة مع اسرائيل يجب ان تنتظر طالما كان القرار بأيديهم.
على الرغم من ذلك، عوامل التفجير بين الطرفين ما زالت موجودة. الخلاف على آبار الغاز في المتوسط وبناء الجدار على الحدود مع لبنان والقصف الاسرائيلي بين الحين والاخر لاهداف عسكرية داخل الاراضي السورية، اضافه الى الاتهام الاسرائيلي لحزب الله الذي تتهمه انه يلعب في ساحة الضفة وغزة.
لذلك، التقديرات الاسرائيلية انه في حال حدوث حرب في الشمال فأن غزة لن تكون بعيدة عن هذا الامر، وهي تأخذ في الحسبان وضع انه في الوقت الذي يمطر حزب الله اسرائيل بمئات الصواريخ من الشمال فأن غزة ستمطر اسرائيل بالصواريخ من الجنوب.
خلاصة القول، ان كلا الطرفين غير معني بمواجهة شاملة في هذه المرحلة، ولكن هذا غير كاف لكي يمنع وقوعها.