الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عهد وادوارد سعيد

نشر بتاريخ: 16/02/2018 ( آخر تحديث: 16/02/2018 الساعة: 11:36 )

الكاتبة: نائلة رازم
الدعم الذي حظيت به عهد التميمي من تغطية اعلامية وتضامن محلي وعربي ودولي لم يكن لانها طفلة فلسطينية قاومت الاحتلال فاعتقلها، فسجون الاحتلال كانت ولا زالت مليئة بأطفال وحرائر فلسطين اللاتي نكن لهن كل الاحترام والتقدير. ولكن المختلف من وجهة نظري في قضية عهد التميمي ان عهد جاءت لتحطم الصورة النمطية التي رسمها الاحتلال الاستشراقي حول المرأة الفلسطينية امام العالم الغربي وحتى امام المجتمع الاسرائيلي، الذي يدعي ان المرأة الفلسطينية هي امرأة ارهابية محجبة ذات ملامح شرقية مقموعة من قبل مجتمعها الذكوري. رسم هذه الصورة الاستشراقية عن المرأة الفلسطينية في ذهن المجتمعات الغربية لكي يبرر احتلاله وقمعه واضهاده للمرأة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
عهد ذات الملامح الاوروبية ذات الشعر الاشقر الثائر جاءت لتثور على زيف هذه الصورة النمطية الاستشراقية، لتقول ان المرأة الفلسطينية بمختلف اشكالها وألوانها هي امرأة ليست بارهابية وانما صاحبة حق وقضية تناضل من اجل الحرية والوجود بجميع الوسائل. عهد لم تكن تحمل سكينا او حجرا، بل دافعت عن حقها وعن بيتها بيدها الصغيرة الناعمة، فصفعت الجندي المحتل المدجج بجميع انواع الاسلحة المتطورة ليدخل هذا "الكف" التاريخ، ليشكل احد انواع النضال الذي تمارسه المرأة الفلسطينية في النضال والدفاع عن وجودها وحقوقها.
الجندي الاسرائيلي المحتل الذي صفعته عهد لم يكن يعبر عن اخلاق الاحتلال لان الاحتلال بلا اخلاق، بل كان ردة فعله تنم عن مرحلة الاشباع بالفكر الاستشراقي الذي يحمله، والذي حاول من خلاله اظهار المرأة الفلسطينية-عهد- بالارهابية، الا ان عهد وابنة عمها ووالدتها نجحن بامتياز بافشال مخططه لانهن صاحبات حق وصاحبات قضية.
في ذات السياق وفيما يتعلق باعتقال عهد ووالدتها، لا بد لي من الاشارة الى التغيير الحاصل في الادوار الجندرية للمجتمع الفلسطيني الابوي في ظل الاحتلال، اذ انه كان من المتعارف عليه ان يدخل الرجل السجن لتبقى الام والبنات خارج اسوار السجن، لكن ما حصل ما عائلة التميمي قلب موازين النظام القائم، فدخلت عهد ووالدتها السجن وبقي الاب خارج اسوار السجن. ليظهر نمط جديد من النضال الاسري للعائلة الفلسطينية، ان هذه الحالة تستحق الدراسة وتسليط الضوء عليها.