الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معضلة قطاع غزة في صفقة القرن

نشر بتاريخ: 19/02/2018 ( آخر تحديث: 19/02/2018 الساعة: 19:46 )

الكاتب: محمد حجازي

استندت رؤية الرئيس ترامب لصفقة القرن، على تفكيك العقبات وفرضها على الفلسطينيين، من خلال عدة مسارات الأول تنحية قضية القدس واللاجئين من الحل والمفاوضات لصالح إسرائيل، الملفان العالقان والاشد تعقيدا من باقي الملفات الأخرى، الثاني ضرورة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة وبسط السيطرة وإزاحة حكم حماس، الثالث التحضير لقيادة جديدة للشعب الفلسطيني , يكون برنامجها الأساسي تأمين احتياجات السكان الفلسطينيين في الامن والاقتصاد، من خلال إعادة تركيب وفك البنية السياسية الفلسطينية، رابعا إنشاء صندوق دولي لدعم البنية الفلسطينية الجديدة "المستسلمة" يكون للولايات المتحدة الأمريكية دورا محوريا في ذلك.
كان يراد من تنفيذ خطة القرن هو رشوة الفلسطينيين الاقتصادية، مقابل تنازلات كبيرة تمس جوهر القضية الفلسطينية حق العودة ومدينة القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، حسابات السياسة الأمريكية لم تتفق مع الحقل، رفض السلطة الفلسطينية للرعاية الأمريكية ولقرار نقل السفارة واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، عقَد المشهد الأمريكي، وصار الحديث يدور عن صفقة خارج الحسابات الفلسطينية وليس من الضرورة ان يكون الفلسطينيين على طاولة الحل، من خلال تنفيذ بنود الصفقة بدون مشاركة الطرف الفلسطيني أي فرض الحل والتسوية على الفلسطينيين، من خلالها يتم انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق ألف وجزء من مناطق باء ويجري إيجاد توافق إسرائيلي أمريكي حول وضع المستوطنات، خاصة بعد الفضيحة الأخيرة ادعاء نتنياهو أن هناك توافقا مع الإدارة الأمريكية بشأن ضم مستوطنات الضفة الغربية لإسرائيل، وبعد ذلك يتم الإعلان عن دولة فلسطينية بدون القدس وحق العودة وبدون حدود الرابع من حزيران مع بقاء إقليم الدولة تحت الاحتلال الإسرائيلي ، وهذه منزوعة السلاح مع وجود قوة أمنية فلسطينية مدربة تدريبا عاليا.
في هذه المعادلة يكون قطاع غزة خارج الحسابات وخاصة بعد تعثر المصالحة واختلاف الرؤية الأمريكية مع إسرائيل حول مستقبل قطاع غزة، إسرائيل تريد للقطاع أن يكون منفصلا عن الضفة الغربية والقضية الفلسطينية، الهدف الاستراتيجي الذي تحقق منذ انسحاب إسرائيل من مستوطنات قطاع غزة ، ولكن هذه الرؤية بحاجة تأمين الدعم اللازم لبقاء سيطرة حماس على القطاع ، ذلك لأنها أي حماس وحسب الرؤية الإسرائيلية هي القوة الوحيدة القادرة على حكم وضبط الكتلة البشرية والتي تقدر بحوالي 2 مليون فلسطيني، يعيشون في منطقة غير صالحة للسكن من حيث المساحة او الموارد ، لذلك حاولت إسرائيل إيجاد حلول لسكان القطاع المعضلة الإنسانية و السياسية ، منها البحث عن تقديم معونات إغاثية ودعم مالي للمشاكل في القطاع من خلال وسيط غير إسرائيل ، إلى جانب خيار الاستيطان في سيناء مع إنشاء موارد و إنشاءات من مطار و ميناء ، ولكن هذه الرؤية تصدم بالموقف الرسمي لمصر الرافض لتقديم جزء من سيناء ليضم لقطاع غزة ، وثانيا الطرف الفلسطيني الذي يرفض حل القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية .
معضلة القطاع تربك الحسابات الأمريكية " المساحة الضيقة ، نمو سكاني كبير و شح الموارد , الفقر " وفوق هذا سيطرة حركة حماس عليه ، وبالتالي صفقة القرن و الرؤية الأمريكية تخرج قطاع غزة من حساباتها ولو في المنظور القريب و المتوسط ، إلاَ إذا تغيرت قواعد اللعبة ، واندفعت إسرائيل إلى حرب شاملة مع القطاع المحاصر و الأعزل .
وأمام هذا المشهد المعقد وبقاء الفلسطينيين بدون ظهير إقليمي قوي ، وجب على الفلسطينيين البحث عن أوراق القوة التي يمتلكونها وبدون مبالغات ، في مقدمة ذلك وللرد على رؤية نتنياهو و ترامب وجب علينا ان نكون جماعة سياسية واحدة من خلال إنجاز المصالحة ووحدة النظام السياسي الفلسطيني , و السعي لحل مشاكل القطاع الإنسانية ، لأن الفقر و تحطيم الفلسطيني في قطاع غزة ليس من صالح الصمود و المواجهة مع المشروع الأمريكي , فإذا كانت إسرائيل تسعى لعزل القطاع عن الضفة و القضية الفلسطينية و جب على الفلسطينيين مواجهة ذلك وتحقيق الوحدة الوطنية .
دعم القطاع و حل المشاكل مع حركة حماس ، يشكل جوهر المواجهة مع محاولة فرض حل على الفلسطينيين , ولكن هناك مسؤولية مضاعفة على حركة حماس في هذه المرحلة ، الخروج من مشهد السيطرة على القطاع الوحل الذي علق يه الفلسطينيين منذ أحد عشرة سنة , وتقديم مصلحة الوطن على مصلحتها الخاصة ،
تسليم القطاع وبشكل كامل لحكومة الوفاق الوطني ، وأن تتحول حركة حماس لمعارضة في ظل النظام السياسي الفلسطيني ، ذلك لأن حكمها فعلا أصبح عبء كبير على حياة السكان في القطاع و على القضية الفلسطينية .
لم يبق للفلسطينيين غير وحدتهم السياسية كجماعة سياسية واحدة تعيش على أرضها بوجود راسخ وأبدي .