الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عند الرئيس الخبر اليقين

نشر بتاريخ: 21/03/2018 ( آخر تحديث: 21/03/2018 الساعة: 10:36 )

الكاتب: شفيق التلولي

لستُ من المنظرين لفرض مزيد من العقوبات على غزة فهي لا تحتمل أكثر مما هي عليه لما تعانيه من حالة رثة لم يشهد لها التاريخ مثيلا بفعل الإنقلاب الذي أنتج الإنقسام والحصار والحروب، فهذا الأمر تركه الرئيس محمود عباس على مائدة القيادة الفلسطينية للنظر فيه كإجراءات وطنية يُعتقد أنها تعيد قطار غزة إلى السكة ويحط في محطة الوحدة الفلسطينية، لكن اللافت في خطاب الرئيس الأخير ونعته للسفير الأمريكي وسبه وشتمه الذي عاقت عليه كثيرا الأوساط الإسرائيلية ووسائلها الإعلامية ورفضه واستنكره البيت الأبيض بإعتباره خروجا عن المألوف في الأعراف الدبلوماسية، مما يدلل أن الرئيس ضاق ذرعاً بخبايا ما يحاك ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وأن غزة هي حصان الطروادة لتنفيذ صفقتهم التصفوية المزعومة وأن محاولة اغتيال رئيس الوزراء ومدير المخابرات العامة ما هي إلى مقدمة للإجهاز على الشرعية الوطنية ونسف جهود المصالحة الفلسطينية وتقويض فرص وحدة الصف وإفشال مشروع مصر الرامي إلى إنهاء ملف الإنقسام وتكريس المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية، وإضعاف مكانتها من خلال عدم تمكنها من إعادة دور الفعل الفلسطيني قويا يؤثر في الحلبة الإقليمية وتغيير المعادلة الدولية وثنيها عن لعبة الأمم التي تهدف إلى شطب القضية العربية والوطنية الفلسطينية؛ فغزة هي المشكلة وغزة هي الحل.
ولو أنني كنت مكان حماس لإعتذرت عن حادث تفجير موكب رئيس الوزراء للنيل منه ومن مدير المخابرات العامة فهي تتحمل كامل المسئولية عملاً بالقول المأثور: "إن كنت تدري فمصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم" كما ولعزفت عن الإمساك بزمام حكم غزة فورا وسلمتها لحكومة الوفاق الوطني؛ لتتمكن من ممارسة مهامها وإلقاء القبض على الجناة، خاصة بعد فشل منظومتها الأمنية في حماية وتأمين الموكب بغض النظر عن كل التداعيات المحيطة بالحادث؛ لأنه من المعروف عنها قوة قبضتها الأمنية الحديدية، وأن هذا الحادث يظهر أن هناك خلل أصاب منظومتها وهذا ليس معيبا، لكن العيب الإستمراء في السيطرة على غزة دون مقومات موضوعية وتوفير شبكة أمان لحماية نظامها ومدى إنعكاس ذلك على المواطن ومتطلباته الحياتية، خاصة بعد خطاب الرئيس الأخير وما قد تقبل عليه غزة جراء سلسلة الإجراءات المفترضة التي لوح بها خلال الخطاب، وهذا أيضا ليس نقيصة لها؛ فلا غضاضة في أن تجنب حماس نفسها وأهل غزة ما قد ينشأ جراء ذلك؛ فالقاعدة الفقهية تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" فقد آن الأوان لتغليب المصلحة العليا على كل المصالح الفئوية الضيقة سيما أنه بات من غير المسموح لأن يمشي أحد بغزة فوق صفيح ساخن لا يمكن المرور عليه وتجاوز حرارته عبر معادلة صفرية سبب ناتجها حالة الشرذمة والتشظي التي ما باتت تقصم ظهر الوطن وتشطره إلى شطرين، شطر غزة الممتلئة بالقهر وكل صنوف العذاب وشطر الضفة الغربية المتقطع بفعل المستوطنات وما بينهما القدس التي يحاول ترامب وإدارته الأمريكية شرعنتها كعاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وكل شطر يرتبط بمشروع أساسه مشروع غزة المفترض كدولة قزمية بديلة.
ما زال هناك فرصة لكلمة سواء يجتمع حولها الجميع، فلتلتقط حماس الفرصة؛ إذ هي كلمة الفصل وسر الخلاص الذي يخرج غزة من صهريج ما زال يقف على مفترق طرق خطير يكاد يختنق أهلها فيه تحت وطيس شمس لاهبة وحدود تُقطع أوصال الوطن، فحرارة الشمس تشتد ولم تعد تحتملها غزة وأهلها الذين حتما لن يسمحوا بخنقهم وسيدقون خزان الصهريج؟!

إذا كان عند الرئيس الخبر اليقين فلتقطع حماس قول كل خطيب