الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المجلس الوطني الفلسطيني.. والأخطار المحدقة..!؟

نشر بتاريخ: 21/04/2018 ( آخر تحديث: 23/04/2018 الساعة: 10:52 )

الكاتب: منذر ارشيد

بالأمر الرئاسي سينعقد المجلس الوطني الفلسطيني ولأول مرة دون توافق ولا مشاركة من قبل الجميع، ولأول مرة تحدث مثل هذه المفارقة الغريبة بعد نصف قرن أو ما يزيد على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
كان ياسر عرفات وبرمزيته النضالية وبكل ما لديه من كاريزما وقبول وشعبية أهلته أن يقرر فيستجيب له الجميع الفصائل والمستقلين وكل أطياف الشعب الفلسطيني أللهم إلا في بعض المفاصل التي كان يمتنع العدد القليل.
فجمع ولم يفرق وكان يناقش ويحاور ويناور حتى يجذب أعتى معارضيه في وقت كانت الثورة في أوجها وحتى بعد الخروج من بيروت إلى الشتات، وتم عقد أول مؤتمر للمجلس الوطني في عام 1973 بحضور الجميع رغم الظروف التي استجدت بعد الخروج من لبنان وتم في ذلك المؤتمر طرح المشاكل والتناقضات بما فيها الهجوم على أبو عمار نفسه والذي أفرز الرافضين كتيار مناهض... فانشقوا وبدعم من النظام السوري آنذاك، ورغم ذلك ظلت منظمة التحرير الفلسطينية موحدة.
ولكن وبعد ظهور حماس والجهاد كحركتين مقاومتين وبالرغم أنهما لم ينضما إلى المنظمة إلا أن الأكثرية التي تضم فتح وبقية الجبهات وقبل ظهور الفصيلين
وقد تناغم الجميع مع قيادة المنظمة حتى وهم مختلفين في بعض السياسات التي طرأت بعد الدخول في إتفاق أوسلو، اليوم وبعد غياب طويل للمجلس الوطني سيتم عقده بالمكان والزمان المحدد (شاء من شاء وأبى من أبى) قول مأثور، وبدون شك أن المجلس الوطني الذي عقد إجتماعه الأخير في غزة والذي كان إجتماعاً لأجل إرضاء أمريكا بشطب بعض بنود الميثاق والذي كان بحكم الأمل بتسهيل إنجاز كانت إسرائيل تماطل به وعدم تنفيذ مراحله النهائية
ورغم ذلك فلم يكن سوى فخاً وقعنا به دون طائل.
اليوم يتم الدعوة لعقد المجلس الوطني في رام الله وهو بنفس الطريقة التي تم عقد مؤتمر حركة فتح وفي رام الله أيضا.. وفي الحالتين (مشكلة)... المشكلة في الأولى كانت داخل فتح وتم تجاوزها بكل يسر فالفتحاوييون تربيتهم وثقافتهم واحدة وما زالوا مقيدين بقانون المحبة رغم الخلافات التي عصفت بهم.
أما الثانية فهي أكبر وأخطر من الأولى لأنها مسألة شمولية تتعلق بمصير منظمة التحرير الفلسطينية الإطار الجامع للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات
فكيف سيتم تجاوز هذه المسألة ونخرج بسلام .. وهناك فصائل وقوى تختلف أيدولوجياتهم وثقافتهم والكل يرى بتنظيمه أنه صاحب الحق وصاحب القضية.!
هنا نتوقف أمام معضلة حقيقية ربما ستعصف بالمنظمة وتؤدي إلى ما لا يحمد عقباه لا قدر الله، نداءات وبيانات واتهامات وتخوين وترغيب وترهيب ووو الخ
إذاً سينعقد المجلس الوطني وفي ظروف ربما هي الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية.
وهنا نستعرض بعض ما تم من أحاديث وتصريحات وبيانات من خلال نداءات ورسائل من تنظيمات ومستقلين لإعادة النظر بقرار عقد المجلس في رام الله وبهذه الطريقة القسرية إذا صح التعبير، دون الإعداد المنطقي والتوافق على بعض الأمور الرئيسية كالعضوية والبرنامج السياسي والإنتخابات ( اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس).
فأهم ما ورد من رسائل وردت من أعضاء مستقلين مؤثرين ولهم صوت مسموع على المستوى الفلسطيني والإقليمي والدولي وهم السادة الدكتور أنيس القاسم وهو استاذ القانون الدولي وأحد واضعي التشريع في منظمة التحرير والدكتور سليمان أبو سته والإعلامي الكبير عبد الباري عطوان وهؤلاء وجهوا رسالة موحدة وضعوا خلالها بعض الأمور الهامة منها ..
صعوبة وصول الكثير من الأعضاء إلى الوطن بسبب محاذير أمنية مما يبرر مطلبهم بعقد المؤتمر خارج الوطن كما جرت العادة سابقا في الجزائر أو في أي عاصمة عربية توافق على ذلك، التخوف في فرط عقد المنطمة خاصة أن الأمور تم سلقها كما يقال دون إعداد وفق النظام الأساسي ولم يأخذ الأمر مراحله من خلال لجنة الإعداد ( اللجنة التحضيرية)، بما يجعل المؤتمر سيد نفسه ويتخذ قرارات تنسجم مع المتطلبات الوطنية للشعب الفلسطيني خاصة أننا امام مواجهة لمؤامرات على رأسها صفقة القرن، وهو ما يتطلب موقفا موحدا وهو ما نفتقر له في ظل الإنقسام الحاصل بين حماس وفتح ناهيك عن وضع غزة الذي يخطط له مخططات مريبة.
بدون شك أن المجلس الوطني تأخر كثيرا في عقد مؤتمره بعد المؤتمر الأخير، ولكن هذا لا يبرر السرعة في عقده الان دون أن تكتمل أسس نجاحه، خاصة أن هناك قوى كبيرة من تنظيمات ومستقلين يسعون إلى تشكيل جبهة وطنية موازية للمجلس الوطني أو حتى لمنظمة التحرير.
وبالرغم من المحاذير التي تحيط بهذا التوجه والكل يدرك أن هكذا توجه ليس من السهل تنفيذه، فمنظمة التحرير منظمة تم تأسيسها بتوافق عربي واعتراف إقليمي ودولي.. وأي مساس بها هو مساس بالمحرمات ولن يلقى قبولا لا وطنيا ولا خارجيا وكما أن الظروف العربية ما عادت تسمح بتبني إنشقاقا كبيرا في الساحة الفلسطينية من خلال دعم طرف على حساب طرف آخر.
بمعنى أوضح .. كارثة ستمزق المؤسسة الرسمية التي سقط تحت عنوانها الاف الشهداء.
حتى الأقاليم الخارجية التي تم إضافة أسماء لعضوية المؤتمر أبدت رفضها لمن تم إضافتهم بطريقة إنتقائية وهم لا يمثلون أحد إلا أنفسهم وذلك من خلال الأطر العاملة والناشطة في بلاد الإغتراب كامريكا وغيرها، ناهيك عن تهميش الكثير من المناضلين هنا في الساحات العربية وخاصة في الأردن من أعمدة النضال الفلسطيني منذ إنطلاقة الثورة وما بعد تأسيس المنظمة.
فتجاوز بعض التنظيمات مثل حماس والجهاد كان ممكنا قبل السلطة التي تشمل غزة والضفة اللهم إذا تم فصل غزة عن الضفة وهذا هو الخطر بعينه، وكما أن عدم حضور الجبهة الشعبية والذي يعتبره البعض موقفا إنتهازيا، سنكون أمام تنظيم واحد وهو فتح خاصة أن باقي التنظيمات ليس لها ثقل ولا تشكل نسبة في مجموع التنظيمات والمستقلين أيضا لا يمثلوا التمثيل الصحيح فنكون أمام مجلس لا يمثل إلا القليل..وهل هذا منطقي .!؟
وكأننا نحشد حشودا معارضة تتوافق فيما بينها فتجعل انعقاد المجلس فاشلا قبل أن يبدأ.
نتمنى أن يتم مراجعة جميع الخطوات بتفاصيلها قبل أن يتم عقد المؤتمر لعل وعسى أن نرى مفاجئة تعيد الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان.

اللهم وحد صفوفنا أمام الأخطار المحدقة بقضيتنا