السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

" أنلزمكموها "

نشر بتاريخ: 05/06/2018 ( آخر تحديث: 05/06/2018 الساعة: 15:43 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في أصل الحياة، أن القدر يعطينا خيارات كثيرة، أكثر مما نحتاج بكثير، ثم ما نلبث ان نضيّعها بعناد وكبرياء فارغين، ونتشدد في ذلك حتى يشدد الله علينا. وما ينطبق على الحياة بشكل عام ينطبق على السياسة بشكل خاص. وعلينا نحن العرب تحديدا.
منذ عشرات السنين نفقد الشعور بالوقت، وتثبت تجربة السنوات الثلاثين الأخيرة أننا لا ننتبه إلا بعد أن تنفذ الخيارات من بين أيدينا، نقول "لا" متأخرين ونقول "نعم" متاخرين أكثر. والعيب ليس في "نعم" أو "لا"، وإنما العيب في كيفية إتخاذ القرارات، قرارات الحكم والسياسة والتجارة والاقتصاد والأمن والمشاركة والتحالفات والتنمية والرفاه والتعليم والهجوم والدفاع. دائما نشعر أننا متأخرين خطوة.
نحارب بقوة أكثر من أي شعب اّخر، ونسامح بسرعة غريبة. نطوي الذكريات ونحرقها وكأنها لفافات تبغ رخيصة رغم أنها خلاصة التجرية. نقدّم التضحيات وكأنما خلقنا لنفنى، ونتعلق بالغيب وكأنما الحياة غير موجودة. ولكن لدينا مشكلة في المقادير. نظهر الكرم بالأطنان ونبخل على مراكز البحث العلمي. نشتري السلاح بمئات المليارات ولا ننتصر في أية معركة. نبني العمارات الشاهقة وننسى أن نبني طفلا. نشتري أفخر سيارات وأكثرها غلاء ونلقي النفايات من نافذتها الى شوارعنا حتى يخال لك أن الذي يسوق هذه المركبة الثمينة النظيفة هو  "حمار" وليس إنسان.
نندم كثيرا لأننا نترك كل حياتنا للصدفة من دون خطيط ولا خطة "ب". كل يوم تصدمنا الحياة لأننا نبني حياتنا على الجزع الشخصي وليس على المنهاج العلمي. فنشعر بالصدمة ونتهاوى تحت دموع الندم. نندم بعد أيام على أننا إنتخبنا رئيس البلدية ونحن الذين إنتخبناه. نندم على ثقتنا بالحكومات ونحن الذين طالبنا بها، ونندم اذا جاء المطر ونندم اذا احتبس. نندم لأننا أولينا ثقتنا في هذا التنظيم أو ذلك حين نكتشف الحقيقة. غيبوبة على شكل دائرة تحتاج الى تربيع.
لم يعد في الإقليم معادلة (ثابت ومتحرك). بل إن المعادلة هي متحرك ومتحرك. وعلينا أن ننجح لاننا لا نملك خيارات أخرى. والأهم ليس لدينا الوقت للتعلم من خلال التجربة. نقول كل الكلام ولا نقصده، نصمت حين وجب ان نتكلم، وننافق حتى لم نعد نعرف الحقيقة.
لا يمكن للعالم العربي ولقضية فلسطين أن تستمر بهذه العشوائية السياسية. ولماذا نلوم الشباب الذين يركبون البحر ويهاجرون الى ايطاليا واسبانيا وألمانيا طالما يطير الحكام العرب لقضاء إجازاتهم السنوية في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا !!!!
يقول الله عز جلاله في سورة هود ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون). صدق الله العظيم.