الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس والماده 37

نشر بتاريخ: 08/06/2018 ( آخر تحديث: 08/06/2018 الساعة: 16:08 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

من حق حركة حماس وهي جزء من النسيج الوطني الفلسطيني ان تتمسك بتطبيق القانون الاساسي الذي تمت كتابته بحبر اوسلوي لتكون احكامه مؤقتة من اجل ان يتقلص ويتمدد ويتلوى حتى يتمكن كقاعدة من القدرة على تنظيم العلاقة المتبادلة بين السلطة والشعب وذلك من اجل ان تستمر الحياة في فلسطين في ظل وجود احتلال صهيوني غير انساني.
ولكن ليس من حق حماس ان تتمسك بتطبيق ما يخدم مصلحتها الحزبية من هذا القانون خصوصا وانها لا تعترف لا في اتفاق اوسلو ولا في اي من مخرجاته التي منها السلطة والمجلس التشريعي والقانون الاساسي.
الخوض في هذا الموضوع المعقد هو مجرد مساهمة فردية لتفادي وقوع الفاس في الراس وان لا تاخذ حماس العزة بالاثم في حال شغور مركز رئيس السلطة وبعد عمر طويل كونه اصبح حديث الساعة في الشارع الفلسطيني والمطالبة بتعيين نائب للرئيس علما ان ذلك لن يحل مشكلة الشغور الا اذا عين الرئيس نائبا له في رئاسة منظمة التحرير وهو الذي يستدعي اجتماع المجلس الوطني بنصاب فصائلي بكافة الوانه الوطنية والاسلامية.
تعيين نائب لرئيس السلطه لن يحل الاشكال المتعلق بشغور مركز رئيس السلطة وهو المقيد بالماده 37 من القانون الاساسي والتي تنص على تولي رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا لمدة لا تزيد عن ستين يوما تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني.
ومع ان هذه الماده تم تطببقها سابقا دون اي مشاكل ولاسباب معروفة الا ان تطبيقها وبعد عمر طويل هذه المره سيكون له عواقب وخيمة ليس على الصعيد الفلسطيني وانما الاقليمي والدولي باستعدائه الكثير من الدول كون رئاسة السلطة المؤقتة ستؤول لحركه حماس التي لا يعترف بها سوى اهلها وقليل من الجيران وسيمنح دولة الاحتلال ما تلهث وراءه من استباحة مشرعنة لفلسطين.
حركة حماس لم تشارك في الانتخابات الاولى في عام 96 على اعتبار انها باطلة بحكم اوسلويتها ولكنها شاركت في الثانية سنة 2006 بالرغم من ان شيئا لم يتغير عن ما جرى في الانتخابات الاولى وذلك من اجل عيون الجماعة وليس من اجل عيون المشروع الوطني.
حيث ان الانتخابات الاولى والثانيه بكل تفاصيلهما شكلا وموضوعا هي وليد شرعي لاتفاقية اوسلو كما هي السلطه الوطنيه شاء من شاء ولا يحق لاي من من شاركوا في هذه الانتخابات مرشحين او ناخبين الهروب او التنكر لهذه الحقيقة وبالتالي فان هذه الانتخابات الاوسلوية هي التي انجبت المجلس التشريعي الذي اقر القانون الاساسي الذي يؤكد على ان وضع هذا القانون واقراره من قبل المجلس التشريعي ينطلق من حقيقة ان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهو ما يؤكد على ان صاحب الولاية اولا واخيرا هو المنظمة التي وللاسف ما زالت حماس غير ممثلة فيها وهذا هو بيت قصيد هذا الموضوع.
السلطة الوطنية بحكم تكوينها ووظيفتها لخدمة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ولمرحلة انتقالية من المفروض انها انتهت في مايو 1999 تبقى مؤسسة من مؤسسات منظمة التحرير صاحبة الولاية على الكل الفلسطيني في داخل الوطن الفلسطيني وخارجه.
من هنا ارى ان هناك ارباك لا مبرر له ما بين القانون الاساسي الفلسطيني المنظم لعمل السلطة تحت الاحتلال وما بين صاحب الولاية على الكل الفلسطيني الذي يعيش نصفه في الشتات وبالتالي فان مرحلية هذا القانون تبرر القفز عليه عندما يتعلق الامر بالتهديد الوجودي للمشروع الوطني الذي يجسده تسيد منظمة التحرير لكل تفاصيل هذا المشروع التي تعتبر السلطة بكل مكوناتها جزء وظيفي مرحلي لخدمته.
وصول الراحل عرفات الى منظمة الامم المتحده في عام 74 كان ابداعا فلسطينيا مكنه من القفز على كافة الحواجز العربية والاقليمية في حينه وشهادة اقرار دولية ببلوغ الفلسطينيين سن الرشد وان لا وصاية عليهم غير منظمة التحرير ممثلهم الشرعي والوحيد.
كل ما حققه الفلسطينيون من استثمار ايجابي لتضحياتهم بما في ذلك الاعتراف الاممي بالدولة في عام 2012 كانت تتويجا لتراكمات كانت ستتناثر هنا وهناك لولا تلك الخطوه آنفة الذكر التي خطاها الراحل عرفات.
هذا الامر ليس بالجديد ولكن ضرورة التذكير به في هذه المرحلة قبل الانزلاق لكارثة الخليفة وضياع تجسيد الحلم في اقامة الدوله الفلسطينيه المستقله ذات السياده وعاصمتها القدس.
هذه المسأله المعقده للحاله الفلسطينيه والسير بها قدما دون توقف بالرغم من كل الالغام التي تعترضها صهيونيه وعربيه ودوليه حافظ عليها ونجح بها وبامتياز كل من الرئيس الراحل عرفات والرئيس ابو مازن الذي لم ابالغ ابدا عندما قلت فيه انه مضطر للسير بين حبات المطر دون ان يبتل خدمة لتحقيق الحلم المذكور وذلك بعد ان اغمدت كل السيوف الا السيف الاسرائيلي المسلط على رقبة المشروع الوطني الفلسطيني.
من هنا تبرز الصعوبه في اختيار من سيخلف الرئيس ابو مازن كونه يتطلب مواصفات غير عاديه تمكنه من عدم استعداء اي دوله والحفاظ على فلسطين عضوا متحضرا في المجتمع الدولي وان يكون محنكا وديبلوماسيا شرسا ضد المكائد والادعاءات الصهيونيه التي لا تتوقف وارى انها تطمح لاحلال المجلس التشريعي مكان المجلس الوطني والسلطه مكان منظمة التحرير والتخلص من النصف المشتت بتوطينه في الشتات مترافقا مع انهاء وكالة غوث اللاجئين (الانروا) .
وفي هذا السياق لا بد من التنبيه الى ان القوه التمثيليه للرئيس الفلسطيني بكونه رئيسا لمنظمة التحرير والسلطه والدوله ساهمت في افشال هذ المخطط الصهيوني لغاية الان وبالتالي ضرورة الابقاء على هذا الوضع حتى قيام الدوله حتى لا تنحرق طبخة المشروع الوطني بتعدد الطباخين التي يطالب بها البعض في هذه الايام.
وعليه لا يمكن لموضوع الخليفه الذي يقلق الشعب باكمله ان يكون خارج تفكير السيد الرئيس والذي اعتقد جازما انه يؤرقه وليس كما يعتقد البعض انه غير راغب في تعيين نائبا له خصوصا في هذه المرحله المقبله على جريمة عصر سيرتكبها ترمب بحق الشعب الفلسطيني . هذا الامر يتطلب حِكمه ورويه قد لا تتساوق مع الديمقراطيه التي نريدها كنظام حكم الا اذا كانت هذه الديمقراطيه ستحمل لنا السم في قارورة عسل.
الضبابيه والاطاله في هذه القراءه تعكس حالة التعقيد التي تعاني منها الحاله الفلسطينيه التي يستدعي قانونها الاساسي ان تترأس فلسطين (السلطه) مرحليا وبعد عمر طويل حركة حماس لمدة شهرين وقد تصبح نظريا سنين لما سيترتب على ذلك من تدمير لكل الانجازات على الارض باعادة اسرائيل لاحتلال كل شبر في فلسطين بحجة الدفاع عن النفس وبصمت ان لم يكن موافقه دوليه هذه المره بحجة مشروع حماس الذي يهدف لتدمير اسرائيل.
الديمقراطيه في مرحلة التحرر الوطني قد تكون قاتله للحلم الوطني وبالتالي لا بد وان تكون كلمة السواء بخصوص الخلافه هي في التوافق بين حكماء الوطن من كل الفصائل بما في ذلك حماس والجهاد والمستقلين وذلك من خلال منظمة التحرير الهويه والوطن المعنوي وصاحبة الولايه على الكل الفلسطيني داخل السلطه وخارجها من اجل تسليم كل المسؤوليه المؤقته في حال شغور مركز رئيس السلطه وبعد عمر طويل لرئاسة المجلس الوطني الاب البيولوجي للمجلس التشريعي.