الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أخطاء على رقعة الشطرنج

نشر بتاريخ: 13/07/2018 ( آخر تحديث: 20/07/2018 الساعة: 09:22 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

يبدو ان الهالة حول ما يسمى بصفقة القرن قد تلاشت بسبب الاصرار الفلسطيني على رفضها لما تحمله من متفجرات للمشروع الوطني الفلسطيني كانت بدايتها في القدس ولما حملته للرئيس الفلسطيني الشرعي من اهانة شخصية بسبب كذب الرئيس الاميركي وخداعه وايهامه بوعود فُهم منها في انها ستكون بداية لنهاية مأساة الشعب الفلسطيني اليومية والمستمرة منذ قيام اسرائيل في سنة 1948. وربما لو كانت كذلك لكانت شهادة براءة في كل ما قيل عن هذا الترمب خصوصا في قدرته المتميزة على الخداع والكذب والتي يبدو ان مسيلمة بعظمته ليس سوى تلميذ ابتدائي في مدرسته.
هذا التلاشي هو في المظهر فقط دون المساس في جوهر هذه الصفقة التي وبحكم انها صناعة صهيونية واجبة التنفيذ فقد تم اعادة تغليفها بأوراق زاهية الالوان وعناوين انسانية من اجل اعادة تسويقها والذي يبدو انها وجدت ضالتها تسويقا بعبورها من نفق الانقسام الذي حفره شارون في سنة 2005 باعادة تموضع قواته الاحتلالية التي خرجت من داخل غزة وتمركزت حولها لتغلق بذلك كل منافذها من البر والبحر ولتحول غزة الى اكبر سجن عرفته البشرية، اما دور حماس بانقلابها في سنة 2007 فكان بهدف تحويل نفق الانقسام هذا الى ممر انفصال من اجل ان تعبر منه كل ادوات بناء دولة الاخوان في غزة ومن هذه الادوات صفقة القرن بنسختها الانسانية وبذلك تتساوق المصالح التي يتحقق من خلالها الحلم الصهيوني بالخلاص من الديمغرافيا الفلسطينية المهدد الوجودي لاسرائيل باخراج مليونين فلسطيني (سكان غزة)، من جغرافيتها المصطنعة التي لفظت غزه منذ ان تمنى قادة هذا الكيان لغزة ان تغرق في البحر.
والسؤال هنا وفي ظل كل هذا التهديد للمشروع الوطني ماذا نحن فاعلين وتحديدا المؤتمنين على هذا المشروع وبالخصوص سيادة الرئيس الذي اصبح الحارس الامين على هذا المشروع في اللحظة التي قبل فيها حمل الامانة عندما وضعها على كاهله ثلثي الناخبين في سنة 2005 عندما انتخبوه رئيسا لكل الشعب الفلسطيني في الضفة وفي غزة.
حفظ هذه الامانة لم يكن سهلا خصوصا وانها كلفت الرئيس ثمنا باهظا جدا في عام 2007 عندما اصدر اوامره بمنع الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني في غزه وتكلفه الان باهظا بسبب وقوفه صامدا امام الدنيا من اجل الحفاظ على كرامة اسرانا وعائلات شهدائنا وهم الافضل ما فينا كل ذلك من اجل الحفاظ على الانسان الفلسطيني كون الرئيس كما كل المخلصين في هذا الشعب على قناعه في أن هذا الانسان يشكل الثروة الوحيدة التي تمتلكها فلسطين وبالتالي فالحفاظ عليه وحمايته من كل المهددات سواء كانت البطش الصهيوني او الجهل او المرض او التجويع هو امر يقع على كاهل حامل الامانه ولهذا ابت الجبال حملها.
يقال انه يمكن للمتفرج ان يرى ما لا يراه اللاعب من اخطاء على رقعة الشطرنج حتى وان كان اللاعب اكثر مهاره من المتفرج فما بالنا في حال اللاعبين على مسرحنا السياسي وفيهم من يكيد ويمكر وينتفع ويُفسد ومنهم كما يقول ابن خلدون ، المنافقون والمداحون والمغنون النشاز والمتفيقهون (ادعياء المعرفه) ، وبالتالي يصبح من حق كل الغيورين المخلصين من المراقبين ان يكون لآرائهم حصه في القرار وليس مجرد قل ما تشاء وانا اقرر ما اريد ، في وقت اصبحنا نفاخر فيه بحرية الراي وانضممنا فيه الى كل المحافل الدوليه التي ستجعل من فلسطين حاضنه لكل القيم الانسانيه التي ترسم الحدود بين الطغيان والعدل.
الامر الذي يشجعنا على القول بان متابعة الاداء على المسرح السياسي الفلسطيني الذي اصبح يعج باللاعبين من كل ما هب ودب وتحديدا المتعلق منه في ملف الانقسام تظهر انه وبدون شك ان الانقسام آخذ في التطور نحو الانفصال وبخطى سريعه وحثيثه يحركها أداء حمساوي متميز من اجل تحقيق الهدف التي قامت من اجله هذه الحركه لتكون المرجعيه ومن ثم الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني كطليعه وكقاعدة انطلاق لتحقيق اهداف الامه التي تاسس حزب الاخوان المسلمين من اجل حكمها وهو الهدف الذي لم يحد عنه هذا الحزب منذ ولادته في سنة 1928.
وعليه نرى ان حماس لم تتوانى عن تلبية اية دعوه للمصالحه ومن اي كانت هذه الدعوه كاثبات حسن نوايا فقط وليس بالضروره اخلاص في النوايا وخوفا من استعداء الدوله المضيفه بينما حماس تبطن غير ذلك تماما كونها تذهب فقط من اجل افشال اي خطوه جديه نحو مصالحه تهدف لانهاء الانقسام خصوصا وان حماس اصبحت تتفنن في وضع العربه امام الحصان في كل شروطها التي تبدو منطقيه الا انها مستحيلة التطبيق شكلا وموضوعا وزمنا خصوصا في زمني الاحتلال والشتات ولا غرابه فيما نراه من محاولات حماس في توظيف المقاومه الشعبيه السلميه من اجل خدمة اهدافها الحزبيه وليس اهداف الشعب الفلسطيني.
في المقابل نرى ان الاداء الرسمي في التعامل مع ملف الانقسام ما زال يراوح مكانه ولم يحقق اي اختراق بسبب تخبط ملحوظ في هذا الاداء والذي يعود سببه ليس لعدم وجود وسيله ناجعه وانما لوجود اصحاب مصالح ومستفيدين من هذا الانقسام وبالتالي استمراره.
في هذا السياق نرى ان اشتراط تمكين الحكومه بالرغم من كونه استحقاق الا انه وللاسف اصبح يوظف كاداة لاستدامة الانقسام ليس لكونه يضع العربه امام الحصان ولكن لما يحمله في ثناياه من قنابل وكما قال احد المسؤولين في حركة فتح قبل سنوات من ان عنتر بن شداد لن يتمكن من تجميع اسلحة الفصائل في غزه ، قنبلة الاسلحه هذه من الممكن تفجيرها كاستحقاق للتمكين ، كما من الممكن ابطالها لو خلصت النوايا تماما ، كما هي الحال في قنبله حماس التي لا تقل خطوره وهي قنبلة الاربعين الف موظف وحماس تعرف ان حتى دوله نفطيه لا تستطيع استيعابهم مره واحد.
وفي نفس السياق ارى ان تخيير حماس في تحمل كل المسؤوليه هو في واقع الامر جل ما تريده حماس ومن يقف ورائها في صناعة الانقسام وتعزيزه كون هذا التخيير او الخيار لو تم فانه سيقدم لحماس على طبق من ذهب ولاء اهلنا المغلوبين على امرهم في غزه وهو الذي فشلت حماس في كسبه طوال سنين حكمها والذي يبدو انه من الخطوات التي ستقود الى كش ملك لصالح حماس على رقعة الشطرنج الرسميه.
الولاء الغزي الشعبي واتجاهاته يشكل الفيصل والرافعه الاساسيه لتوجيه البوصله الغزيه اما نحو حماس والانقسام والانفصال ودولة المرشد وصفقة العصر او نحو الشرعيه وحماية المشروع الوطني الذي يمثلهما الرئيس الفلسطيني المنتخب والذي يجب ان يكون قادرا على توجيه هذه البوصله.
ولكن والى ان ينتهي كابوس الانقسام فمن الواجب ان لا ننسى بان لاهلنا في غزه وليس حماس ، اهلنا الذين يحملون الموت على اكتافهم في كل يوم من اجل ان يعيش مشروعنا الوطني لهم في رقبة كل فلسطيني اينما وجد دين لا بد من تسديده ان عاجلا ام اجلا.