السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترامب يقرع جرس مرحلة الانحطاط الامريكي...كيف؟!

نشر بتاريخ: 19/07/2018 ( آخر تحديث: 19/07/2018 الساعة: 11:43 )

الكاتب: د.فوزي علي السمهوري

هل بدأ عصر القوة والهيمنة الأمريكية بالأفول؟
هل الرئيس الأمريكي ترامب سيكون بطل قيادة امريكا للعالم نحو الهبوط والانحدار؟
هل ستسمح الدولة العميقة للرئيس ترامب وإدارته المضي قدما في نهجه الحالي وأداة قياسه ما يجنيه من مليارات الدولارات؟
هل الحزب الجمهوري الذي يمثله ترامب راض وقابل بأسلوب إدارته لدفة شؤون الحكم دون الأخذ بعين الاعتبار مآلات وانعكاسات ذلك على مستقبل الحزب على المديين المتوسط والبعيد؟
هل لدى القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والأبحاث شعورا ولو ضعيفا بخطورة هذا النهج ؟ وإن كان ذلك هل لديهم رؤية لوقف هذه الأخطار؟
هذه بعض من تساؤلات قد يعتبرها البعض أنها ضرب من الخيال أو تهيؤات حالمة، ولكن ما دفعني لإثارة هذه التساؤلات في هذا الوقت عددا من القضايا والمؤشرات منها:
أولا : سنة الحياة عدم الدوام على حال واحد وكما يقول المثل الشعبي "بعد كل طلعة نزلة".
ثانيا : تعامل الرئيس ترامب مع قضايا العالم وكأنها صفقة مضاربة بالأسواق المالية العالمية أي "اضرب واهرب" وما تصريحه الأخير بعد اجتماع حلف الناتو إلا دليل على ذلك.
ثالثا : فهمه الخاطئ لمفهوم امريكا اولا وترجمته لهذا المفهوم عبر التهديد بأشكاله المختلفة تارة وعبر التخويف لحلفاء امريكا التاريخيين والتقليديين "دول ديمقراطية أو دكتاتورية أو لا ديمقراطية" أن وجودهم وبقاء قيادات بعض الأنظمة مرتبط بالقوة الأمريكية والرضى الأمريكي تارة آخرى.
رابعا : إتقان لعبة الابتزاز المالي والهيمنة على مقدرات وثروات دول أقل ما يقال عنها أنها حليفة أو صديقة دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح هذه الأنظمة واستقرارها.
خامسا : التعامل مع الحلفاء بلغة ومفهوم المشغل.
سادسا : التجاهل التام لمفهوم المصالح المتبادلة وترسيخ النفوذ السياسي والاقتصادي والجغرافي عبر بناء احلاف أو تحالفات إقليمية أو شبه دولية أو ثنائية الذي مكنها خلال العقود السابقة من تبوأ مركز القيادة العالمي بمرحلتيه الثنائية والفردية.
سابعا : عودة الاعتراف بقيادة العالم وتقاسم النفوذ بقطبين مما يعني إنهاء مرحلة القطب الواحد وما الوضع في سوريا إلا مثال واضح على ذلك.
ثامنا : الإنحياز الأعمى لدول سمتها العدوان والإحتلال وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مما جرد سياسته وبالتالي السياسة الأمريكية من ادعاءات احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان وما محاولة فرض ما يسمى صفقة القرن التي تعني تصفية القضية الفلسطينية لحساب العصابات الصهيونية ومجرمي الحرب وتنصيبهم شرطي المنطقة إلا نموذج لسياسة العربدة والعنجهية.
تاسعا : شبه العزلة التي اصابت السياسة الأمريكية على الصعيد العالمي وما فشل ترامب بتمرير مشاريع قرارات في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو محاولته عبر ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على غالبية الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لمنع صدور قرار لا يستجيب للاملاءت الأمريكية كما حصل عند بحث قرارات حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وقضية القدس وفشله الذريع برفض القرارات إلا دليل على هذه العزلة.
ما يشير إلى بدء مرحلة الانحدار الأمريكي عوامل كثيرة منها :
---- إرتفاع عدد الدول المعارضة لسياساته من حلفاءه وجيرانه "المكسيك، كندا، معظم دول الإتحاد الأوروبي" وارتفاع مستوى المعارضة والرفض لقرارته وتوجهاته.
---- الإعراب عن عدم ثقته باستخلاصات ال C I A فيما يتعلق بالتدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية " بالرغم من محاولته احتواء تداعيات ذلك لاحقا " مما سيضرب الثقة بمصداقية هذه المؤسسة وما سيلحق مستقبلا شكا كبيرا بتقاريرها بل وضررا بحشد قوى وراء السياسة الأمريكية استنادا إلى تلك التقارير الاستخبارية.
---- بحث دول حليفة كالاتحاد الأوربي عن حلفاء جدد على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وما الاتفاق الاقتصادي مع اليابان إلا توجه واضح للانفكاك عن امريكا التي لم تعد الدول ذات الثقة والمصداقية حاليا ومستقبلا وفي هذا رسالة لكافة الدول الحليفة لأمريكا أن أمريكا لم تعد خط دفاع أو أمن أو إستقرار مما يوجب عليها الوعي والحذر.
---- تراجع الرئيس ترامب عن مواقف وقرارات اتخذها لا يمكن تصنيفها تحت عنوان الشجاعة وإنما يمكن تصنيفها تحت عنوان التخبط والعربدة التي تتطلب الحذر إن لم يكن الابتعاد وفي ذلك أيضا مؤشر على الضعف والتراجع.
أخيرا هل بالامكان إطلاق صفة الوعي على الهجمة والرفض من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومن قبل شبكات إعلامية ومن فبل أعضاء في الكونغرس لما ورد في المؤتمر الصحفي المشترك مع بوتين على لسان ترامب أم أنه يصب في محاولة الاحتواء وصد تبعات ذلك المتوقعة من الحلفاء قبل الخصوم والاعداء؟
إنني أرى أن مرحلة الانحطاط الأمريكي قد بدأت وقرع جرسها ترامب وهذا سيفتح الأبواب مشرعة أمام قيادة عالمية متعددة الأقطاب وعلى القيادات العربية والإسلامية والصديقة أن تتحسس موقعها الفاعل والمؤثر وان تسعى للتوافق على استراتيجية ورؤية عربية تحررها من التبعية وتنقلها إلى مربع الفاعل المؤثر حرصا وحفظا على مصالحها وأمنها واستقرارها......